لم تترك يد الإرهاب الملوثة بدماء الأبرياء شيئاً جميلاً إلا أفسدته، فلا تُخلّف وراءها إلا وجوهاً قد شابت قبل الأوان بعد أن فارقت الابتسامة وجوههم حزناً على فراق ذويهم ممن تحصدهم آلة الإرهاب الدنيئة كل يوم متلذذة بدماء ضحاياها وآهات الأبرياء من النساء والأطفال. فى بيت ريفى متوسط الحال بقرية أبوكساه بالفيوم، كان يعيش مصطفى محمد أيوب أمين شرطة السياحة والآثار، ترفرف السعادة على جنبات منزله شاكراً نعمة ربه الذى رزقه زوجة وثلاثة من الأبناء، فلم يطلب من الدنيا أكثر من ذلك، لكن رصاصات الغدر والخيانة كانت له بالمرصاد ولم تمهله حتى يستكمل بناء بيته الصغير، فاغتالته يد الإرهاب الأسود أثناء عودته من عمله بالقرب من منزله ليترك زوجته وأبناءه الثلاثة فى مهب الريح. يقول على محمد أيوب شقيق مصطفي، شقيقى مصطفى كان مثالاً فى التواضع والأخلاق الراقية فأحبه جميع أبناء قريته، ويتساءل فى انفعال: ماذا فعل حتى يحدث له ذلك؟ فلم يؤذ أحداً فى يوم من الأيام، كما أن عمله فى مجال بعيد عن الجماعات الإرهابية، ودائماً ما يرتدى الزى المدني. وعن تفاصيل الحادث يقول: كان مصطفى عائداً من عمله بصحبة اثنين من زملائه على دراجاتهم البخارية، وبالقرب من قرية سنرو قام زميلاه بدخول محطة البنزين للتموين بالوقود فسبقهم شقيقى إلى قدره بعد أن قام شخصان ملثمان يستقلان دراجة نارية بإطلاق الأعيرة النارية عليه وفروا هاربين، ليسقط شقيقى مضرجاً فى دمائه وتصعد روحه إلى بارئها بعد أن فشلت محاولات إسعافه بمستشفى الفيوم العام، حيث أصابت رصاصتان بطنه وأخرى استقرت فى كتفه مما أدى إلى حدوث نزيف لم يتوقف حتى مات، لتموت معه سعادتنا جميعاً وسعادة أبنائه الثلاثة الذين ما زالوا فى عمر الزهور، فابنه الأكبر محمد يبلغ من العمر 13 سنة، وأحمد 10 سنوات، وجنى 4 سنوات فقط. وهى لاتتوقف عن السؤال عن ابيها الشهيد وموعد عودته إلى المنزل وتنتظره فى شرفة الشقة كما كانت تفعل كل يوم انتظارا لعودته. ويضيف: شقيقى يعمل فى جهاز الشرطة منذ نحو 20 عاماً ولم يتحسن دخله إلا بعد الثورة، ففكر فى بناء منزله وبالفعل حصل على قرض من بنك الإسكندرية فرع الفيوم ولم يمهله القدر حتى يكمل بناء المنزل أو يسدد أقساط القرض، وما نخشاه أن يتسبب هذا الأمر فى عدم صرف معاشه الذى يعد المصدر الوحيد لأسرته المكونة من زوجته وأبنائه الثلاثة. فى ذات السياق قام المستشار وائل مكرم محافظ الفيوم بزيارة أسرة الشهيد بقرية أبوكساه التابعة لمركز أبشواى لتقديم واجب العزاء، وأكد المحافظ استعداده لتذليل كافة العقبات وتقديم سبل الدعم اللازم للأسرة، مشيراً إلى أنه قد أصدر توجيهاته لجميع الأجهزة المعاونة بتيسير الإجراءات لجميع أسر شهداء ومصابى العمليات الإرهابية الذين يقدمون أرواحهم فداءً للوطن. وأضاف أن الإرهاب الغاشم لن ينال من عزيمة المصريين ووحدتهم، ولن يضيع حق الشهداء سدي، مؤكداً أن مصر قادرة على عبور هذه المرحلة والمضى قُدماً فى طريق الرخاء والتنمية بسواعد أبنائها المخلصين وعزيمة رجال الجيش والشرطة البواسل. كما أكد محافظ الفيوم أنه أصدر توجيهاته لرئيس مدينة أبشواى بالتنسيق مع مديرية التربية والتعليم لإطلاق اسم الشهيد على إحدى مدارس قرية أبوكساه تكريماً وتخليداً لاسمه.