إرباك وشلل للطرق، منع السيارات من المرور، على مدى 47 يوما هى عمر اعتصامى رابعة والنهضة كانت هذه هى أبرز العناوين التى يتم ترديدها، حيث تم رفع كلمة «المرور» من قاموس الادارة العامة للمرور فلا يوجد شيء لتنظيمه، فالفوضى هى عنوان المكان حيث تم احتلال الشوارع المحيطة والقريبة وحتى البعيدة من رابعة والنهضة وأصبحت الجملة الحاضرة على لسان سكان هذه المناطق والشوارع المحيطة الشارع مغلق »لف وارجع تاني« ولا عزاء للمرضى وأصحاب الأمراض المزمنة والسيدات وكبار السن والأطفال. اللواء فاروق المقرحى مساعد وزير الداخلية السابق أحد سكان منطقة مدينة مصر بالقرب من ميدان رابعة يروى تجربته خلال مدة الاعتصام قائلا :كانت فترة قاسية جدا على مدى 47 يوما لم يكن سكان المنطقة يمارسون حياتهم بشكل طبيعى وكنت من أول السكان الذين غادروا المنطقة بعدها حدث هروب جماعى من غالبية السكان. وشدد المقرحى على أن هناك سكانا تعرضوا لأضرار بالغة بسبب هذا الاعتصام الإجرامى حيث تم غلق جميع المستشفيات والمنشآت الخدمية فى المنطقة وكان السكان يعانون أشد المعاناة فى توفير احتياجاتهم الأساسية والضرورية. محمود نصر موظف بالشهر العقارى أحد سكان منطقة رابعة العدوى كانت يروى لنا معاناته مع الاعتصام قائلا : كانت أيام سيئة للغاية وأصبنا بالذعر والخوف الشديدين فضلا عن تقييد حريتنا بشكل كامل وفقدنا رغبتنا فى الحياة . ويروى عبد الحفيظ محمد - عامل نظافة بميدان النهضة - تفاصيل الأيام الصعبة التى مرت عليه خلال وجود عناصر الجماعة الإرهابية فى ميدان النهضة قائلا : إن عناصر الجماعة الإرهابية هدموا سور حديقة الأورمان وأقاموا دورات مياه فيها ، واستولوا على غرفتين بها لتخزين السلاح بالإضافة إلى الخيام الكثيرة العشوائية التى كانت تمتلئ أيضا بالأسلحة . وتروى إحسان رفعت مدرسة ومقيمة بأحد العقارات بمنطقة النهضة معاناتها فى أثناء الاعتصام قائلة : إن الاعتصام أصاب الأهالى بالذعر والخوف الشديد بالإضافة إلى تقييد حريتهم، وعدم تمكنهم من الخروج بأمان خلال الفترة التى كانوا يسيطرون فيها على الاعتصام الهمجى - كما وصفته. ويتذكر إيهاب عبد الله صاحب مكتبة بمنطقة النهضة الأيام العصيبة التى مرت عليه قائلا : إن عناصر الجماعة الإرهابية كانوا ينظمون مسيرات بشكل مستمر بالشوارع المحيطة بالمنطقة بطريقة استفزازية ويتجولون بمحيط جامعة القاهرة وميدان النهضة مما منع عددا كبيرا من قاطنى المنطقة من الخروج بأمان خوفا من الاعتداء عليه من عناصرهم الإرهابية . وأكدت سناء عبد الله من أهالى المنطقة وشاهد عيان على اعتصام الإرهابى بالنهضة - أن عناصر الجماعة الإرهابية كانوا يقومون بتأمين الاعتصام بطريقة مستفزة تعيق حركة المرور تماما ولا تسمح لأى شخص بتجاوز الحواجز الرملية والحديدية التى أعدوها فى كل مكان فى المنطقة حيث أعدوا سواتر رملية كل 5 أمتار لدرجة أن جميع المداخل كانت مغلقة على المارين فى الشارع . وأضافت سناء أن أهالى المنطقة عاشوا أيام من الرعب والفزع بسبب التصرفات الإرهابية لعناصر الإخوان الذين كانوا يحلمون الأسلحة ويتوعدون من يخالفهم الرأى بالعقاب الشديد حيث أسفرت جرائم الجماعة الإرهابية عن تحطيم وإحراق أكثر من 20 سيارة وعدد كبير من المحال وتهشم شرفات احد المنازل نتيجة إطلاق النار فى أثناء اعتصامهم المشبوه . مع بدء عملية الفض مباشرة سقط أول شهيد للشرطة برصاصات الإخوان، وقتها لم تستخدم قوات الفض سوى طلقات الصوت التحذيرية والكساحة المصفحة التى كانت تزيل آثار العدوان على الأرض من خرسانات أسمنتية ومصدات فولاذية، وناشدت المعتصمين عبر مكبرات الصوت بالخروج الآمن من شارع النصر فى اتجاه المنصة دون ملاحقة وطالبتهم بإبعاد النساء والأطفال وكبار السن، الا أن الإخوان بادروا بإطلاق الأعيرة النارية والخرطوش على قوات الأمن، فبدأت العملية على الفور ليشعل أنصار المعزول الإطارات والزيوت على الأرض ولتغطى الأدخنة السوداء سماء المنطقة وتمنع الرؤية عن القوات بالمداخل، ومع احتدام المواجهات بدأت القوات فى استخدام طلقات الخرطوش وكان ذلك بعد نحو خمس ساعات كاملة من بداية عملية الفض.. لم تستخدم القوات حتى ذلك التوقيت الرصاص الحي، وبالرغم من ذلك كانت الأنباء تتوارد من مصادر الإخوان على شاشات العار الإعلامية حول سقوط العشرات من المعتصمين.. وبدلا من العمل على الحفاظ على أرواح الأبرياء كانوا يدفعون بهم أكثر إلى أتون معركة ليست معركتهم.. هؤلاء الفقراء والمتسولين الذين جاءوا الى الاعتصام حبا فى الحياة وبحثا عن «لقمة» يأكلونها كانوا الهدف «الرخيص» لأسلحة التنظيم داخل أرض الاعتصام والدماء «المجانية» التى كانت وسيلتهم للإتجار بقضيتهم الخاسرة فى المحافل الدولية، والتى لايزالون يتاجرون بها رغم انكشاف لعبتهم. كل المؤشرات تؤكد أن معظم قتلى الاعتصام سقطوا برصاص الإخوان، ولعل أهم تلك المؤشرات هى ال 120 جثة مجهولة الهوية التى لقيت حتفها فى أثناء فض الاعتصام.. 120 جثة ظلت قرابة الأربعة أشهر داخل مشرحة زينهم تبحث عن أى أحد يتعرف عليها دون جدوي، وكان أهل الخير يقومون بالتبرع بدفنهم تباعا حتى قامت هيئة الطب الشرعى يوم 6 يناير 2014 بدفن 35 جثة دفعة واحدة فى جنازة جماعية ومشهد مأساوي، فى مقابر الصدقة التابعة لمحافظة القاهرة.