أيكون المؤمن جبانا؟ نعم, أيكون المؤمن بخيلا؟ نعم, أيكون المؤمن كذابا؟ لا....( حديث شريف في الموطأ) (1) المشكلة في مصر منذ فترة ليست قصيرة هي غرق الناس في الكذب والفساد وادعاء البطولة والتظاهر بقول الحقيقة.. وعلي النقيض من ذلك يبدو أن هذه المرحلة من إنتخابات الرئاسة. تتميز بتعرية الرأي العام وفضحه أكاذيب بعض المرشحين من التيار الإسلامي أو تدليسهم أو سعيهم إلي ترتيب أوراقهم بطريقة توهم الناس بأنهم لايأتيهم الباطل من بين أيديهم أو من خلفهم, لكن مع التدقيق يتضح أن كل هذه الأوراق لاتصلح لتبرير خوض أي منهم انتخابات الرئاسة. فمثلا هل يمكن تصور أن الشيخ حازم أبوإسماعيل لايعرف حقيقة أن أمه الدكتورة الراحلة الفاضلة تحمل الجنسية الأمريكية؟ وإذا كان لايعرف ماتعرفه صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن أسرته فكيف يمكن ائتمانه علي مصر كلها التي لاشك في أن معلوماته عنها لن تكون أفضل من معلوماته عن أسرته؟ كذلك المهندس خيرت الشاطر رجل الإخوان المسلمين القوي الذي يتردد أنه مليار دير( ولانعرف كيف كون ثروته الطائلة رغم سنوات السجن الطويلة) والذي يتردد أيضا أن الحكم الخاص برفع أثر عقوبته في قضية ميليسيات الأزهر صدر بعد إغلاق باب القيد في قوائم الناخبين, فكيف يترشح سيادته للرئاسة إذا كان لايستطيع أن يمارس حق الإنتخاب, ثم إذا كان استمرار بقاء اسمه في كشوف الناخبين ناتجا عن خطأ إداري فهل يكن أن يكون هذا الخطأ مبررا لكي يصبح أهلا لخوض انتخابات الرئاسة والفوز بها إذا استطاع؟ وهل يصح أن يتبرع محمد بديع المرشد العام للإخوان بتخويف الناس من الدعاء المستجاب للشاطر وأن أبواب السماء تتفتح له؟ تري هل سيمارس المهندس الشاطر مهام الرئاسة ويتخذ قراراتها بطريقة الدعاء المستجاب؟ (2) عن نفسي لامانع لدي أبدا في أن يترشح خط الصعيد لانتخابات الرئاسة ولاحتي في أن يترشح فقيه القرية في فيلم الزوجة الثانية الذي تنحصر وظيفته في تبرير كل شيء وأي شيء لأهل السلطة والثروة.. لامانع إطلاقا بشرط استيفاء الأوراق وترك الناس أحرارا يختارون مايشاءون, أما أن تبدأ القصة من أولها بالفساد والتدليس والغش وألاعيب المحامين وتماحيك قلم المحضرين فكل هذا لاينبيء إلا بأننا سوف نسير في طريق خاطيء تماما. ويلفت النظر أن أجواء من الاستهانة والرفض والنفور أحاطت بذهاب سعد الصغير إلي لجنة الانتخابات الرئاسية لتقديم أوراق ترشيحه بالرغم من أن كل أوراقه سليمة, وأن أمه لاتحمل اي جنسية إلا المصرية( وهل يستطيع الفقير أن ينال أي جنسية أخري؟) ثم إنه لم يدخل سجنا أو يتمرد علي أحد ومصدر ثروته معلوم للكافة. لماذا إذن أحيط بهذا الاستهجان في حين أنه صاحب حق ظاهر, في حين أحاط الآخرون أنفسهم بآلاف من الأنصار. وهم جميعا لم يكونوا فوق مستوي الشبهات؟ العبرة هنا ألا يكون المرشح من أهل الكذب والتدليس الذين يتصورون أنه يكفي أن تكون لحيتك طويلة ولاتكف عن البسملة والحوقلة لكي تكون صادقا في عيون الناس, وأن يتردد عنك أوهام من نوع أنك صاحب دعاء مستجاب. (3) هل تذكرون الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون؟ هل تعرفون لماذا جرت محاكمته في الكونجرس؟ السبب الجوهري لذلك أنه كذب تحت القسم, فإنصرف اهتمام خصومه لمحاولة إثبات هذه التهمة عليه وساعتها كان سيتم حبسه وسجنه لأنه أصبح فاقد الاعتبار ويستطيع أن يحنث علي يمين الولاء الذي أداه لحماية البلاد, لم تكن التهمة إذن هي علاقته الشائنة بمونيكا, فهذه في النهاية علاقة شخصية لاتضر أحدا إلا أسرته, أما الكذب فإنه يضر الدولة والمجتمع. المطلوب من المواطنين في هذه المرحلة ان يفتحوا عيونهم علي المرشحين جميعا وعلي نقاط القوة قبل عناصر الضعف, هل تتابعون الآن كيف يراقب الأمريكيون الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الجمهوري لاختيار مرشح الحزب الذي سينافس أوباما في إنتخابات نوفمبر المقبل؟ لقد خضع أبرز المرشحين ميت رومني لعملية فحص شرسة لعناصر ثروته هو وأسرته التي تتجاوز052 مليون دولار, فأخذوا يتساءلون من أين أتت؟ وماذا كان يعمل؟ وفي أي شركات ومؤسسات في مختلف مراحل حياته؟ وهل كان يدفع الضرائب أم لا؟ وأين تلقي تعليمه؟ وهل ورث شيئا عن أبيه وأمه؟ وكذلك زوجته وأولاده. وبالنسبة للمهندس الشاطر عندنا سواء كان مليارديرا أو حتي مليونيرا, نتساءل كيف تكونت هذه الثروة؟ وكيف نجح في ذلك برغم ملاحقة الشرطة له طوال عمره؟ وهل تكونت في مصر أم خارجها؟ وهل دفع عنها الضرائب؟ لاحظ أن المرشحين في مصر يذهبون إلي لجنة انتخابات الرئاسة في زفة, هدفها التغطية علي نقاط الضعف الكامنة في الأوراق, وهذا مالايجب أن يكون, إذ يتعين أن يذهب المرشحون فرادي, لأن تقديم الأوراق عمل قانوني متخصص يجب أن تتوافر له كل عوامل الهدوء بعيدا عن الهيصة والزفة والطبل والزمر. المزيد من مقالات حازم عبدالرحمن