2 يؤسفنى أن أقول إن بعض من ينتصرون بالباطل لحق الصحف والفضائيات فى نشر الأخبار الملفقة أو المكذوبة التى تندرج تحت مسمى «الإشاعات» يروجون إلى أن من حق من يقع عليه ضرر أن يسارع بالتكذيب، وأن يستثمر أجواء الحرية التى تلزم وسائل الإعلام بنشر الرد... وذلك باطل يراد إلباسه ثوب الحق لأن النتيجة هنا سوف تكون بمثابة إعادة ترديد للشائعة، وبالتالى تجديد نشرها وإثارة الاهتمام بوقائعها من جديد. والحقيقة أن حق الرد وحق التكذيب الذى تكفله كل قوانين الصحافة فى الدول المتقدمة والذى يوفره أيضا قانون الصحافة فى مصر لم يستهدف المشرع من نسخه أن يكون أداة طيعة تحقق لمروجى الشائعات بغيتهم فى الإثارة والتهويل والإساءة للفرد أو للمجتمع، وإنما الهدف هو التصحيح والتوضيح لما يستحق التصحيح والإيضاح بشأن غياب جانب معين من المعلومات فى قضية بعينها أو تفسير وجهة نظر بشأن قرارات أو إجراءات يشوبها بعض الغموض... أما الإشاعة التى ينضح من كل سطر فيها رائحة الكذب والاختلاق والرغبة فى الإثارة والتهويل فإنها لا يمكن أن تندرج تحت مسمى ما يستحق حق الرد وحق التكذيب! ومن أخطر ما يقال لتبرير مثل هذه السقطات التى تسيء للمجتمع كله وتجعل من «الإشاعة» رقما صحيحا فى المعادلة الديمقراطية هو الزعم بأن ذلك هو ثمن الحرية وذلك غير صحيح لأن الحرية تقوم على الصدق والاستقامة وتحرى الحقيقة والالتزام بالموضوعية. ويغيب عن الذين يريدون تحويل وسائل الإعلام إلى عرائظ لترويج الشائعات تحت مظلة الحق المكتسب من الحرية أن التمييز بين الديمقراطية والفوضى ينبغى أن يظل محصورا فى إطار التمييز بين كلمتين وليس بين حقيقتين. ويغيب أيضا عن هؤلاء أن حق المجتمع فى المعلومات والثقافة والمعرفة شيء والانقضاض عليه بالأكاذيب والشائعات شيء آخر. إن من واجبنا أن نؤمن بحرية وحرمة وخصوصية الأمن القومى للوطن الذى ينبغى أن يظل خطا أحمر قبل أن نؤمن بحرية وحرمة وخصوصية أقلامنا التى ندافع عن ضمان استقلاليتها. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: أتعس الناس من يجعل ابتسامته جزءا من دموع الآخرين ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله