120 يوما بالتمام والكمال قضاها 101 صياد مصرى في سجون السودان بتهم كان بعضها منطقيا ومعقولا مثل دخول المياه الإقليمية بدون ترخيص وبعضها كان غريبا مثل التجسس ، لكن مأساتهم إنتهت بفضل تحركات الدولة وتدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي لتنتهي بقرار الرئيس السوداني عمر البشير بالعفو عن الصيادين المحتجزين والذين كان مقررا لهم جلسة نظر الاستئناف أول أمس الخميس ، الا أن قرار الإفراج جاء كهدية للرئيس السيسي بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة قابلها عفو رئاسي من الرئيس السيسي عن 44 محتجزا سودانيا بالقاهرة. فرحة العودة علي وجوه الأبرياء الأفراح التي عمت مدينة المطرية بمحافظة الدقهلية لعودة أبنائها المحتجزين في السجون السودانية كانت كبيرة ومتزامنة مع أفراح مصر بإفتتاح القناة حتي لو أخرتهم الإجراءات الأمنية والفحوص الطبية بمطار القاهرة لساعات طويلة غير مبررة ، لكنهم في النهاية عادوا إلي أحضان وطنهم سالمين بعد رحلة عذاب لا تنسي . والحكاية بدأت في 7 أبريل الماضي بإحتجاز السلطات السودانية 3 مراكب صيد مصرية هي " الأميرة مريم "، و"الأميرة ملكة " ، و" هدي الرحمن " علي متنها حوالي 107 صيادين كانت في طريقها إلي الصيد في إريتريا بالبحر الأحمر بتراخيص رسمية ، وأحالتهم إلي محكمة بورسودان بتهمة تجاوز المياه الإقليمية السودانية والصيد بدون تراخيص وهو ما نفاه الصيادون جملة وتفصيلا . ومن هذه اللحظات عاش الصيادون مأساة كبيرة مع أسرهم وأطفالهم في المطرية الذين مر عليهم رمضان والعيد دون طعم وضاقت بهم الحياة حتي تمكن منهم اليأس الشديد مع معاناة نفسية ومالية كون الصيادين هم العائل الوحيد لأسرهم . وبعد جلسات عديدة أصدرت المحكمة السودانية حكمها بحبس الصيادين 6 أشهر وغرامات مالية كبيرة ومصادرة السفن ، وجري الإستئناف وتم الإفراج عن 7 أطفال ورجل مسن لظروفه الصحية ، قبل أن يحصل الصيادون علي البراءة التي طعنت عليها النيابة السودانية مرة أخري ليعادوا إلي السجن والمحاكمات وبتهم خطيرة منها تصوير أهداف عسكرية سودانية وتجسس . في هذه الأثناء لم تقف الدولة المصرية مكتوفة الأيدي إزاء معاناة أبنائها فقد تشكلت خلية أزمة بوزارة الخارجية وكلفت السفارة المصرية في الخرطوم بالمتابعة والإهتمام وتكليف المحامين بالترافع عنهم وإجراء الإتصالات مع الجانب السوداني ، كما قامت مؤسسة الرئاسة ببذل كل الجهود لتأمين إطلاق سراحهم . وفي محافظة الدقهلية أبدي محافظ الدقهلية حسام الدين إمام إهتماما كبيرا بالموضوع ووجه بتقديم مساعدات مالية لأسر الصيادين أكثر من مرة كان آخرها 420 ألف جنيه من الضمان الإجتماعي ، كما زار المطرية أكثر من مرة وإستقبل أهالي الصيادين بمكتبه ، فضلا عن إجراء الإتصالات اللازمة مع أجهزة الدولة لتحريك ملف القضية وحسمه لصالح سلامة وعودة الصيادين ، كما إستنفرت نقابة الصيادين المستقلة بالمطرية كل قواها في إتجاه متابعة قضية زملائهم وإظهار حجم الأضرار الإجتماعية والمالية لأسرهم ، حتي تكللت كل تلك الجهود بالنجاح . التقت الاهرام بمجموعه من الصيادين عقب نزولهم من الطائره وامتزجت بداخلهم مشاعر افرحه بالعوده للوطن بمشاعر الحزن من جراء ماحدث لهم في السجون السودانيه قال حسني عرفة : كنت أحد الصيادين من بين 108 صياداً علي ثلاثة مراكب في طريقها الي اريتريا في مقدمتها مركب " الأميرة مريم" حيث تحركنا من ميناء "برانيس" بالقرب من حلايب ، في طريقنا إلي إريتريا للصيد هناك ، وهي الرحلة التي قمنا بها أكثر من مرة بشكل طبيعي . وبعد تحركنا في البحر ، وداخل المياه الدولية، وبمسافة تزيد عن 450 ميلاً عن الحدود مع السودان فوجئنا ب لانش بحري سوداني يطلق النار في الهواء، وتوقفنا ، حيث صعد علي المراكب الثلاثة القوات التي أطلقت النيران ، وفشلنا في هذا الوقت في الاتصال بقوات حرس الحدود الخاصة بنا. وبقينا داخل البحر من الظهر حتي الثامنة مساءاً ، ثم تحركت بنا القوات السودانية الي البر السوداني . وهناك كما يقول العرب ابراهيم عبد الرحمن ، وهو صياد آخر من الصيادين علي المركب : تم إقتيادنا إلي أحد السجون المطلة علي البحر لمدة يوم ، ثم عادوا بنا مرة أخري لمدة يومين علي المراكب ، وداخل المركب جاءنا قاضي من القضاء السوداني ، حيث شهدت علينا قوات حرس الحدود السودانية وأدت اليمين أمام القاضي ، أننا كنا داخل المياه السودانية ، بدون تأشيرات دخول ولاجوازات سفر ، فحكم علينا القاضي السوداني بشهر حبس بسبب عدم وجود تأشيرة وستة أشهر لدخولنا علي حد قولهم المياه السودانية ، بالإضافة إلي غرامة خمسة آلاف جنيه سوداني . ويستكمل عبدالله السيد مختار احد الصيادين العائدين من محافظة الدقهلية ماجري معهم : أخذونا بعد ذلك إلي سجن بور سودان ، حيث كانت الإمكانات ضعيفة هناك ، وصاحب ذلك معاملة صعبة من المسئولين هناك ، عدا مأمور السجن صالح حسين سلمة الذي تعامل معنا بشكل طيب ، وكان متعاطفاً معنا بشكل كبير . وقال محمد عياد أحد الصيادين من محافظة كفر الشيخ : وقتها حاولنا الوصول إلي السفير المصري أوقنصلنا بالسودان لكننا لم نستطع الوصول إليهم ، ولم يأتي إلينا أحد ، ولم نري سوي القنصل منذ يومين ، بعد أن عرفنا أنه سيتم الإفراج عنا ، وخلال هذه الفترة من الثامن من شهر ابريل الماضي وحتي الإفراج عنا لم نستطع الحديث إلي أهلنا ، حيث تم منعنا من ذلك ويشير محمود محمود عبد الرؤف أحد الصيادين من محافظة الدقهلية إلي أن أصعب المواقف التي واجهوها ، هناك هو أثناء تنقلهم من السجن إلي المحكمة ، حيث شهد المواطنين العاديين هناك يحملون شحناً هائلاً سلبياً بداخلهم تجاهنا ، وهو أمر لم نكن نتوقعه من أشقاءنا السودانيين ، وكانوا يتهموننا بالتجسس ، ويطالبون السلطات بإعدامنا ، وهو أمر نتمني من نفس الرآي يؤكد عليه قبطان مركب " الأميرة مريم " التي تم إلقاء القبض علي الصيادين عليها ، وهو القبطان " " رشاد أحمد أحمد علوش" حيث يشير إلي ضرورة تسهيل الإجراءات ، التي تتخذها الدولة لإصدار االتصريحات الخاصة بعمليات الصيداوفرض المزيد من التنسيق مع سلطات الدول المجاورة التي نقوم بعمليات الصيد بالقرب من حدودها أما فؤاد صلاح ادهراوي فقال : أقدم كل الشكر للرئيس السيسي ، الذي لم يتخلي عن أبناءه ، وقام بالتدخل للإفراج عنا ، ونعرف أنه لن يتخلي عنا بعد اليوم ، ووصولنا مصر في يوم الاحتفالا بتشغيل قناة السويس يؤكد أننا في باله وسوف يحل مشكلاتنا ، وردد" عمار يامصر" . ويقول أحمد علوش والد أحد الصيادين العائدين ل ( الأهرام ) : الحمد لله علي الفرج عشنا أياما عصيبة ولم نشعر بطعم الأعياد أو رمضان في غياب أولادنا ، وألف شكر للرئيس السيسي علي جهوده ومساعيه . أما صلاح محمد الدهراوي والد أحد الصيادين فأكد أن سعادته وأسرته لا توصف بخبر العفو عن إبنه وكل الصيادين المحتجزين ، معتبرا أنه يوم عيد لهم بعد أن إنتهت مشكلتهم علي خير رغم أنهم كانوا في رحلة شرعية للصيد في أرتيريا وليس في السودان . ويؤكد محمد ملقاط والد أحد الصيادين العائدين أنه كان واثقا من أن الدولة المصرية لن تسكت علي غياب أبنائها وأن القيادة السياسية لن تدخر جهدا في التوصل إلي حل ودي لإنقاذ أسر الصيادين التي عانت كثيرا . وقال فاطمة عبدالقادر والدة ثلاثة صيادين أن فرحتها إكتملت بافتتاح قناة السويس الجديدة وعودة أبنائها وزملائهم من السودان ، مقدمة الشكر للرئيس السيسي الذي أدخل الفرح في قلوب 90 مليون مصري بالقناة الجديدة وجعل أهالي الصيادين يشاركونهم الفرحة . وقالت أمينة السويركي زوجة أحد الصيادين، الرئيس بكلمة منه جعلنا نفرح معه بافتتاح القناة وإعادة الصيادين، وقلوبنا كلها فرحة وسعيدة . أما مريم جابر زوجة أحد الصيادين فقالت أن زوجها خرج للصيد إلي دولة إريتريا للبحث عن لقمة العيش مع أحد المراكب المتجهة إلي هناك منذ 4 أشهر، ومنذ ذلك الوقت انقطعت أخباره تماما ولم نعرف عنه سوي أنه في السجون السودانية وكنا نسمع ونعرف الأخبار من وسائل الإعلام ونقيب الصيادين وبعض أصحاب المراكب لكن الحمد لله تم الإفراج عنه. وأوضحت فاطمة المتولي زوجة أحد الصيادين العائدين أنها سعيدة بالإفراج عن زوجها، خاصة أن لديها أطفالا وليس لها أي عائل ووالدها مريض وكبير في السن . وتضيف رانيا عبده : أخيرا زوجي سيري إبنته المولودة التي لم يرها إلي الآن منذ ولادتها ، وكان المفروض يكون أول واحد يشيلها علي إيده ويفرح بها، ولكن البحث عن الرزق ولقمة العيش خارج البلاد جعله عرضة للأخطار، فنحنا في بداية حياتنا ونحاول بناء مستقبل لنا يكفي لنا أن نعيش عيشة كريمة . ويوجه محمد حلمي صديق، والد أحد الصيادين العائدين شكره إلي الرئيس عبد الفتاح السيسي لمساعدة الصائدين المصريين في العودة إلي أرضهم ، مؤكدا فرحته بعودة نجله يوسف . وأكد طه الشريدي نقيب الصيادين المستقلين بالمطرية والذي تولي ملف الصيادين منذ احتجازهم ، أن فرحة أهالي وأسر الصيادين لا توصف حيث جاء قرار الإفراج ليدخل عليهم الفرحة فرحتين الأولي بافتتاح القناة الجديدة والثانية بقرار العفو الرئاسي لتعوض ما أفسد بهجتهم في عيد الفطر الماضي بغياب ذويهم الصيادين وعودتهم لديارهم بعد طول انتظار . وأشار الشريدي إلي أنه كان مع وفد من أهالي المطرية بمطار القاهرة لإستقبال الصيادين ، مشيرا إلي إستقبال حافل لهم بالمطرية بدءا من كوبري السلام بالعصافرة وحتي مدينة المطرية مصحوباً بالطبل والمزمار البلدي والخيول العربية ومواكب السيارات والدراجات البخارية تعبيرا عن فرحتهم بعودة أبنائهم إلي أسرهم .