تتهيأ مصر ومعها العالم ليوم 6 اغسطس المقبل الذي سوف يشهد افتتاح قناة السويس الجديدة، حيث يمثل هذا المشروع نقطة تحول مهمة في التاريخ المصري الحديث ويعلق على هذا المشروع آمال كبرى في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية في مصر نحو آفاق مستقبلية مشرقة. ويوم السبت الموافق 25 يوليو بدأ التشغيل التجريبي لقناة السويس الجديدة بهدف التأكد من جهازيتها للاستخدام وفق ما هو مخطط له حيث عبرت ست سفن حاويات قناة السويس الجديدة في قافلتين، الأولى قادمة من السويس على البحر جنوباً والثانية من بورسعيد على البحر المتوسط شمالاً. وقال طارق حسنين المتحدث الإعلامي لهيئة قناة السويس أثناء مصاحبته فريق الإعلاميين بالمجرى الملاحي الجديد إن نجاح عبور سفن الحاويات الست يؤكد استعداد القناة الجديدة لاستقبال جميع السفن العملاقة بغاطس 66 قدماً. وبهذا تكون شركة "الجرافات البحرية الوطنية الإماراتية التي قادت تحالف التحدي لحفر القناة توجت مسيرة عملها على مشروع قناةالسويس الجديدة باستكمالها أعمال المشروع ضمن مدة زمنية قصيرة واجهت خلالها تحديات كبيرة تمكنت من التعامل معها وتجاوزها محققة إنجازات غير مسبوقة وأرقاماً قياسية تسجل لمشروع قناة السويس الجديدة. وتعد شركة "الجرافات البحرية الوطنية الإماراتية" شركة مساهمة عامة مقرها الرئيسي في إمارة أبوظبي؛ دولة الإمارات العربية المتحدة وهي متخصصة في العمل على مشاريع التكريك وحفر القنوات والممرات المائية والموانئ ومختلف أعمال الإنشاءات البحرية، وتمتلك شركة "الجرافات البحرية الوطنية الإماراتية" خبرة واسعة في مجال التكريك والأعمال البحرية وأضحت بفضل قدراتها وخبراتها وكوادرها من بين أهم الشركات العالمية في هذا المجال. وتم إنجاز المشروع تحت إشراف المهندس ياسر زغلول الذي يشغل منصب الرئيس التنفيذي في شركة الجرافات البحرية الوطنية الإماراتية، وهومهندس مصري يتمتع بخبرة واسعة من خلال عمله في هيئة قناة السويس بين عامي 1992 و1998، انتقل بعدها للعمل في شركة الجرافات البحرية الوطنية الإماراتية في أبو ظبي. وكانت شركة الجرافات البحرية الوطنية قد قادت تحالف التحدي الذي فاز بمناقصة إنجاز مشروع قناة السويس الجديدة بتكلفة 1.5 مليار دولار وضم التحالف تحت قيادة الشركة الإماراتية ثلاثاً من أكبر شركات الجرافات البحرية العالمية هي "بوسكالس" و "فاون أورد" من هولندا و "جان دي نول" من بلجيكا. وشملت أعمال المشروع التي أنجزها التحالف حفرالقناة الجديدةبطول35 كيلومترا وعمق 24 مترا وعرض 317مترا. وكان فخامة الرئيس، عبد الفتاح السيسي، عند إطلاق أعمال المشروع طالب بتخفيض مدة التنفيذ من ثلاث سنوات إلى سنة واحدة وهو ما مثل تحدياً هائلاً لشركة الجرافات البحرية وشركائها في التحالف من حيث كم الأعمال الضخمة المطلوب إنجازها وما يترافق معها من صعوبات تتعلق بالإدارة والإمداد والقوى العاملة والدعم اللوجستي. وأعرب المهندس ياسر زغلول، الرئيس التنفيذي لشركة الجرافات البحرية الوطنية ورئيس مجلس إدارة تحالف التحدي عن فخره للإنجاز الكبير الذي حققته شركة الجرافات البحرية الوطنية باستكمال أعمال هذا المشروع العملاق خلال مدة تقل عن عام ولدورها في هذا المشروع الذي سوف يسهم في تغيير المشهد الاقتصادي في مصر ويتوقع أن يكون له عميق الأثر على مسيرة التنمية المستدامة في مصر. وقال ياسر زغلول: "نواجه في مجال عملنا تحديات كبيرة بشكل مستمر وننظر إلى التحديات على أنها دافعنا للتفوق في الأداء والتطوير، وفي حالة هذا المشروع كان التحدي الكبير حافزاً لنا إذ وجدنا فيه فرصة للتفوق وإيجاد الحلول وإثبات قدراتنا، وحققت شركة الجرافات البحرية الوطنية باستكمال أعمال هذا المشروع العملاق خلال مدة تقل عن عام إنجازاً قل نظيره على مستوى العالم". وأضاف الرئيس التنفيذي لشركة الجرافات البحرية الوطنية الإماراتية: "لتحقيق المهمة العملاقة التي أوكلت إلينا في زمن قياسي عملت على المشروع 26 جرافة بحرية و40 آلية ومعدة رئيسية إضافية، ولم يسبق أبداً في تاريخ أعمال الحفر أن تم تشغيل هذا العدد من الجرافات البحرية والمعدات والآليات معاً ضمن مشروع واحد وفي مثل هذا الإطار الزمني الذي يقل عن 12 شهرا وبهذه القدرة الإنتاجية الضخمة. كما أن قصر المدة الزمنية كانت تعني تسريع عمليات التحريك والعمليات اللوجستية حيث وصلت أولى الجرافات إلى الموقع وباشرت العمل بعد أسبوعين فقط من توقيع العقد وهو ما يمثل سابقة غير معهودة في مجال مشاريع الحفر والتجريف البحري. وخلال مدة قياسية كنا قد باشرنا بأعمال المشروع والتي تواصلت على مدار الساعة اربعاً وعشرين ساعة يومياً دون توقف حيث كنا نسابق الزمن واضعين نصب أعيننا تحقيق هذا الإنجاز الهائل الذي سيترك بصماته على مصر لأجيال قادمة". وتمثلت أبرز التحديات التي واجهها المشروع في حجم الأعمال المطلوب تنفيذها خلال مدة قصيرة جداً،والتي تقل عن السنة والوصول بمعدلات الإنتاج إلى حوالي مليون متر مكعب يومياً لتنفيذ المشروع وإنجازه ضمن المهلة الزمنية المتاحة، وقد حققت الشركة خلال العمل على المشروع رقماً قياسياً يتمثل في أعلى كمية تكريك يتم تحقيقها على مستوى العالم حتى الآن حيث كانت أعلى كمية تكريك سابقاً تصل إلى حوالي 8 ملايين متر مكعب شهرياً بينما اقتربت الكميات الشهرية لبعض الأشهر ضمن هذا المشروع من 40 مليون متر مكعب وهو رقم كبيربشتى المقاييس، وتم تحقيق هذه المنجزات عبر التنسيق والعمل المستمر بين شركة الجرافات البحرية الوطنية الإمارتية وشركائها في التحالف لزيادة كفاءة إنتاج العمليات وإضافة كراكات جديدة لتوسيع القدرة الإنتاجية فضلاً عن التنسيق العالي المستوى مع هيئة قناة السويس والجهات الحكومية في مصر. وبحسب القيادة والحكومة المصرية، سيسهم مشروع قناة السويس الجديدة في ازدهار الاقتصاد المصري عبر مضاعفة حجم الدخل التجاري للدولة كما ستغدو منطقة قناة السويس جزءاً رئيسياً من مشهد اقتصادي متكامل ومتطور يدعم مختلف القطاعات القائمة على الكفاءات ويمكن أن يوفر ما يصل إلى مليون فرصة عمل إضافية لأبناء الشعب المصري. وتشيرالتقارير الصادرة عن الحكومة المصريةإلى أن الأثر المباشر لشق القناة سيتمثل في زيادة أعداد السفن التي تعبر قناة السويس وتقليص المدة الزمنية لانتظار السفن بالإضافة إلى استيعاب سفن أكبر وأضخم مما يؤدي إلى مضاعفة إيرادات قناة السويس من النقد الأجنبي وهو ما يعد من أهم مصادر العملات الأجنبية لمصر، وهذا سيساهم في زيادة مستويات الدخل القومي ورفع متوسط نصيب الفرد من الدخل. لكن الإسهام الحقيقي للقناة الجديدة يتمثل في الآثار المصاحبة للمشروع من الناحية الاقتصادية بصورة مباشرة وغير مباشرة حيث ستتحول القناة من مجرد مصدر تحصيل للرسوم من السفن العابرة، إلى لعب دور أعمق في التنمية المستدامة للاقتصاد المصري. كما ستساهم في تحويل منطقة القناة إلى واحدة من أهم مراكز توليد الدخل في الاقتصاد المصري إذا تم استغلال الفرص الكامنة التي يمكن أن يطرحها المشروع على مصر على النحو المنشود. فمن الممكن أن تقام على ضفتي القناة مناطق تجارية حرة تسهم في زيادة الحركة التجارية بين مصر والعالم، وتمنح تنويع مصادر الدخل والإنتاج، وتقدم فرصاً ضخمة للنمو لإنشاء مناطق صناعية موجهة للتصدير نحوالخارج بما يسهم بشكل كبير في نهضة الاقتصاد المصري وإيجاد فرص العمل والتأهيل والتدريب وصولاً إلى تحقيق التنمية المستدامة.