تراكمت مشكلات التعليم ما قبل الجامعي حتي تضخمت الملفات، فبعد ثلاثة عقود مظلمة تزايدت فيها مشاكل المعلمين والطلاب والمدارس والكتب والمناهج والإدارات المدرسية والناس الغلابة، والناس الأغنياء، تراجع التعليم كما وكيفا، وتهتكت أواصر العلاقة بين المعلم والتلميذ، وتراجع دور المدرسة كوسيط مجتمعى يغذى عملية التنشئة المنشودة لمواطن يلتزم بمنظومة واجباته ويستمتع بمنظومة حقوقه. ويجىء موضوع شهادات الثانوية العامة المعادلة (الدبلوما الأمريكية، الدبلوما الإنجليزية... إلخ) ليزيد الطين بلة ويلقى بظلال كثيفة حول جدوى استراتيجية التعليم فى مصر حتى عام 2030 والتى لا تحوى كلمة واحدة عن وضع التعليم الأجنبى ما قبل الجامعى فى مصر.. ولاجدال فى أن سياسة التعليم ما قبل الجامعى فى مصر اتسمت بعدم الاستقرار نتيجة للتغيرات الوزارية المتعاقبة وارتباطها بشخص وزير التعليمى، بالإضافة إلى عدم تبنى نظرية تربوية واضحة المعالم يقوم عليها النظام التعليم برمته.. فبالرغم من أن المادة 19 من دستور 2014 أولت الدولة مهمة الإشراف على التعليم لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية للدولة كما اهتمت المادة 20 من الدستور باللغة العربية والدين والتاريخ الوطنى كمواد أساسية للتعليم ما قبل الجامعى للتعليم الخاص والحكومى، يدور السؤال هل هناك صحيح سياسات؟ وماهى الضمانات لتنفيذ هذه المواد الدستورية على كل أنواع التعليم فى مصر؟ وهل نعتبر التعليم الأجنبى استثناء حيث لم يرد ذكره بالمواد الدستورية؟ أين دور الدولة فى الاشراف عليه؟ وأين حماية أبناء المصريين ممن ارتضوا لأولادهم الالتحاق بما أقرته الدولة من شهادات أجنبية اعترفت بها؟ وهل تعاقب الدولة مواطنيها لأنها ارتضت وجود هذا النوع من التعليم بل وقننته داخل أراضيها؟.. هل لأي دولة أن تقنن نوعا معينا من التعليم لتعاقب مواطنيها الذين التحقوا به؟ هل لأى دولة أن تتجاهل التنسيق مع الهيئات الأجنبية وتترك مواطنيها فى مهب الريح تتلاعب بهم الهيئات الأجنبية ودولها وكأنهم خرجوا من دائرة المواطنة المصرية هم وأبناؤهم بعد التحاقهم بهذا التعليم؟ واذا كانت الاجابة بلا.. فمن المسئول عن حجب أو تأخير أو إعلان امتحانات القبول بالجامعات المصرية (سات 1) و(سات2)، و تغيير الهيئة الأجنبية نفسها مستقبلا لأنظمة الامتحانات المؤهلة لدخول الجامعات المصرية (سات 1 سات 2 ) و هل تم ذلك بالتنسيق وإعلام الوزارات المصرية والمجلس الأعلى للجامعات وهل تم اخبار المدارس و الطلبة وأولياء الأمور بذلك أم أن نقل (سياسات) العشوائية للطرف الأجنبي هو أمر واقع.. وأزيد كيف تصمت وزارة التعليم الموقرة عن منح رخصة الدبلوما الأمريكية لمدارس لا تؤهل طلابها للامتحان الأساسى للدبلوما الأمريكية وليس هناك مدرسون بالمدارس لتدريسه (سات 1 وسات 2)، بل وليس هناك رقابة على مصروفات هذه الدبلوما ولا تقييم أداء لها إذ للأسف لا يجد خيالى المحدود تفسيرا لكل ذلك إلا أن تكون هناك مافيا تحرك الموضوع برمته ولا أصدق أن الوزارة تجهل ذلك...واذا كانت تعرف فأين تفعيل استراتيجيتها العظيمة للنهوض بالتعليم أم أن الاستراتيجية كتبيت لتحبس فى الأدراج وتظهر فقط عند الضرورة؟ وأقر أن وراء نظام دولى معترف به وله فلسفته تقبع كل الموبقات فى المدارس المصرية، «فالدبلوما الأمريكية» منهج من المفترض أن تختاره المدارس المصرية من خلال منظمة C.I.T.A الامريكية لاعتماد المناهج الدراسية وتعطيها الرخصة حتي تدرس مناهجها في مصر وترسل لها الامتحانات وتصحح في الخارج اخذين فى الاعتبار أن الولاياتالمتحدة نفسها لايوجد بها منهج وزاري موحد او حكومي ولكنها مناهج مختلفة لها كتب مختلفة أيضا. ولكن هناك امتحانا موحدا لهذه الشهادة يستطيع أي طالب أو شخص عادي أن يحصل عليها والتقييم فى جانبه الأكبر يستند على نسب الحضور والأنشطة في الفصل وعمل الأبحاث والمشروعات المستندة على الفكر والابتكار والإبداع. اما الجزء الخاص بالمدرسة ففيه يدرس الطالب 8 مواد أساسية لتكوين الطالب علميا وثقافيا.. ولكن اللمسة المصرية تعدت (سذاجة) هذا النظام، فالمدارس المصرية لاتهتم بهذا الجزء لأن الوزارة لاتراقبها مما يدفع هذا النظام إلى أن يشكل بؤرا معروفة للإفساد و الفشل ويمثل سبة فى جبين التعليم الخاص فى مصر. وبدلا من أن تحاول الدولة (ذات السيادة) محاربة الفساد والاستفادة من فلسفة هذا النظام، تتعامل مع أبنائه وكأنهم (لصوص) أبناء (اللصوص).. إذ يتنازع الطالب فى هذه الدبلوما الأمريكية مدرسة تستنزف أربعة أو خمسة أضعاف ما يدفعه زميله فى قسم اللغات الوطنى فى نفس المدرسة ومدرس (زائر) لا يختلف كثيرا عن مدرس القسم الآخر بالمدرسة لأنه للأسف غير مؤهل لتدريس بعض هذه المواد باللغة الانجليزية، ليراه الطلبة فى أحسن الظروف أربع أو خمس مرات فى كل فصل دراسى ليمدهم فى نهاية الفصل بملخص للمراجعة يتضمن أسئلة الامتحانات النهائية!! ومدرسة أم فى الولاياتالمتحدةالأمريكية لا يعرف أبناء هذه الدبلوما داخل المدرسة المصرية عنها شيئا الا فى أنها تحصل (بالدولار) أو ما يعادله فى (السوق السوداء) على جزء من مصروفات يدفعها أهالى الضحايا لأبنائهم للالتحاق بهذه الدبلوما، وهيئة أجنبية تسمى (الكولدج بورد) تغيير أنظمة الامتحان دون إبداء أسباب واضحة للطلبة، وتحجب وتعلن وتؤجل النتائج لتسريب امتحان هنا أو هناك لفرق التوقيت بين مصر وأمريكا، ومجلس أعلى للجامعات لا يتخذ قرارا واضحا بإصلاح أو إلغاء التنسيق لهذه الشهادات. لكنه يقبل أن يكون جزءا من منظومة بيع الأوهام للمصريين، فتارة يرفع الدرجة المطلوبة للدخول إلى الجامعات الحكومية والخاصة وتارة يؤجل التنسيق لما بعد بدء العام الدراسى ولسان حاله يقول مادمتم ارتضيتم هذا النظام فلا دية لكم!! والنتيجة فى كل الحالات لا مقابل تدريسى أو تثقيفى أو إنمائى يذكر.. لمزيد من مقالات د. أمانى مسعود الحدينى