تستضيف روسيا اليوم فى مدينة اوفا عاصمة جمهورية بشكيريا ذات الحكم الذاتى قمتى رؤساء بلدان مجموعتى «بريكس» التى تضم كلا من روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا، و«شنغهاي» التى تضم روسيا والصين وبلدان آسيا الوسطى قزخستان وقيرغيزيا واوزبكستان وتاجيكستان. آلية للتنسيق وكانت موسكو الرسمية اكدت ايضا ان اوفا سوف تحتضن ايضا اللقاء بين نجوم هاتين المجموعتين ومجموعة «التحالف الاورواسيوي» الذى يضم روسيا مع عدد من بلدان الفضاء السوفيتى السابق وهى قزخستان وبيلاروس وقيرغيزيا وارمينيا وهى التى سبق ولمحت فى اكثر من مناسبة عقب انفراط عقد «الثمانى الكبار» وعدم دعوتها الى لقاءات قمة «بلدان السبعة الكبار» فى اعقاب اندلاع الازمة الاوكرانية، الى تفضيلها للتركيز على التعاون مع بلدان «بريكس» التى تستحوذ على 27% من اقتصاديات العالم فيما يبلغ عدد سكان بلدانها 42% من سكان الكرة الارضية، وإن حرصت على تاكيد انها لا تعتمد عليها كبديل للثمانى الكبار. وفى هذا الشأن قال سيرجى ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسية والمنسق العام لروسيا فى الدورة المرتقبة التى تترأسها بلاده فى تصريحات نشرتها مجلة «الحياة الدولية» فى عددها المكرس لافتتاح قمة «بريكس-2015» ان الهدف البعيد المدى لروسيا من شراكتها فى «بريكس» يتلخص فى تحول هذه المنظمة الى آلية متكاملة للتنسيق الاستراتيجى المتبادل فى مجال السياسة والاقتصاد العالمي، الى جانب دورها فى دعم الامن والاستقرار ومواجهة التحديات العالمية ولا سيما الارهاب والتطرف وتجارة المخدرات والجريمة العابرة للقارات، فضلا عن التعاون فى مجالات الطاقة والاتصالات والثقافة والصحة والبيئة وغيرها من المجالات الاقتصادية والاجتماعية .
الشرور الثلاثة وكانت موسكو استبقت اعمال هاتين القمتين بسلسلة من الفعاليات واللقاءات على مستوى الدوائر السياسية الرسمية وغير الرسمية ومنها لقاءات وزراء الخارجية والدفاعية التى كشفت عن التوجهات الرئيسية لاعمال القمتين المرتقبتين والتى تبدأ اليوم فى اوفا بافتتاح قمة «بريكس». وكانت اعمال لقاء وزراء دفاع بلدان منظمة «شنغهاي» التى عقدت فى سان بطرسبورج الاسبوع الماضى تركزت حول التعاون فى مجال مكافحة ما وصفه وزراء دفاع بلدان هذه المنظمة ب«الشرور الثلاثة» وهى الارهاب والنزعات الانفصالية وتهريب المخدرات، إلى جانب الإعداد لإقرار استراتيجية التطور لبلدان المجموعة حتى عام 2025 والتى تتضمن التنسيق المتبادل فى المجالات العسكرية والتقنية العسكرية إلى جانب قبول عضوين جديدين وهما الهند وباكستان وهو ما يعلق عليه وزراء الدفاع عليه آمالا كبيرة نظرا لاهمية وثقل وزن مشاركتهما فى مكافحة الارهاب فى افغانستان والمناطق المجاورة لها. وبهذه المناسبة أعار لقاء وزراء دفاع مجموعة بلدان «شنغهاي» اهتماما كبيرا لضرورة تكثيف التعاون فى مجال مكافحة «الدولة الاسلامية» - «داعش» التى سبق واعلن الرئيس فلاديمير بوتين عن وقوف الولاياتالمتحدة وراء ظهورها، الى جانب اتهام واشنطن بالقصور فى مكافحتها. وكانت وزارة الدفاع الروسية اشارت ايضا الى وقوف الغرب وراء تشكيل تنظيم «داعش» مؤكدة ان ذلك كان يستهدف اسقاط «نظام بشار الاسد» فى سوريا. وقالت المصادر الروسية «ان التنظيم خرج اليوم من تحت سيطرة رعاته الغربيين وبدأ بالسعى فى تحقيق مصالحه الخاصة». وفى تصريحاته التى نقلتها وكالة انباء «نوفوستي» قال أناتولى أنطونوف نائب وزير الدفاع الروسى فى ختام اجتماع وزراء دفاع بلدان منظمة شنغهاى «إن الإرهابيين والمتطرفين يخرجون اليوم من تحت السيطرة سعيا وراء تحقيق مصالحهم الخاصة». واضاف انطونوف «أن هذه التطورات الخطيرة فى الشرق الأوسط تهدد دول منظمة شنغهاى بصورة مباشرة، قائلا: «لم يعد سرا على أحد أن آلاف المتطرفين يكتسبون الخبرة فى الشرق الأوسط، وبينهم من وصل من الدول الأعضاء فى دول شنغهاي.. ولقد شاهدنا فى فرنسا والدنمارك ودول أخرى ما يمكن أن يرتكبه هؤلاء المسلحون بعد عودتهم إلى ديارهم». وأشار كذلك الى تدفق الأموال بكميات هائلة الرامي إلى تجنيد مقاتلين جدد للانضمام إلى صفوف «داعش». أخطار متصاعدة ومن جانبه قال دميترى ميزينتسيف السكرتير العام لمنظمة شنغهاى ان المرحلة الراهنة لتطور العلاقات الدولية تتسم بتصاعد اخطار التحديات التى تهدد امن دول المنظومة ولا سيما اخطار الارهاب من جانب «داعش» بسبب انتشار ظاهرة انضمام الكثيرين من شباب هذه البلدان والذين يقدر عددهم بالآلاف الى «داعش» وما يعنى ذلك من اخطار تهدد بلدانهم بعد عودتهم الى اوطانهم. ورغم كل التصريحات التى اكدت الامال الكبار التى تعلقها روسيا على عمل وفعاليات هاتين المنظمتين، فقد بدا حرصها واضحا على نفى كل ما تردد حول محاولات اعتبار ذلك بديلا لخروجها من نادى «الثمانى الكبار» وهو ما عاد ليؤكده سيرجى لافروف وزير الخارجية الروسية فى معرض لقائه مع ممثلى قمة شباب بلدان «بريكس» فى موسكو الاسبوع الماضي. وبهذا الصدد قال لافروف «ان بلدان المنظمة لا تحشد جهودها ضد اى كائن كان، بل وعلى العكس من ذلك فانها تركز نشاطها من اجل توحيد الجهود الايجابية لخدمة اهداف العلاقات الدولية».وقال ان البلدان الاعضاء الخمسة تنتهج سياسات متوازنة ومواقف ايجابية من اجل البحث عن حلول عملية ايجابية سلمية للقضايا والنزاعات الراهنة، معلية فى ذلك دور الاممالمتحدة. وقال ان هذه البلدان لا تعمل بمعزل عن المجتمع الدولي، بل وتحظى بدعم بلدان كثيرة ومنها الارجنتين والمكسيك واندونيسيا ومصر والعربية السعودية وغيرها من البلدان. واضاف «ان القرارات التى من المقرر اتخاذها خلال القمة المرتقبة فى مدينة أوفا الروسية، ستسمح بتحويل المجموعة إلى أحد العناصر الرئيسية فى منظومة الإدارة العالمية». ومن الجدير بالذكر ان وفودا من بيلاروس وايران وتركيا وسريلانكا سوف تشارك فى اعمال هذه الدورة شأنها فى الدورات السابقة التى شاركت فيها بوصفها “شركاء فى الحوار”، الى جانب كل من الهند وباكستان اللتين سوف تنضمان الى المنظمة فى هذه الدورة ، وايران ومنغوليا وافغانستان التى تتمتع بوضعية “عضو مراقب”، فيما اعلن دميترى بيسكوف الناطق الرسمى باسم الكرملين عن ان الرئيس فلاديمير بوتين سوف يلتقى على هامش اعمال قمة اوفا الرئيس الايرانى حسن روحاني. ولا يفوتنا هنا ان نشير الى ان مصر سبق واعلنت فى عام 2012 عن رغبتها فى الانضمام الى مجموعة بلدان “بريكس” رغما عن كل المتاعب التى يعيشها الاقتصاد المصرى وهو ما اثار فى حينه لغطا سرعان ما نجحت موسكو فى احتواء تداعياته.