فى العشر الأواخر من رمضان اعتكف زوار الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم, فى طيبة الطيبة, مأوى ومثوى رسول الله صلوات الله عليه وسلامه, دار منتقله ونصرته, ومقام حرمه وأمنه, لا يروع أهلها, ولا يعضد شجرها, ولا ينفر صيدها, ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف. آوت رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيا, وضمت جسده الشريف ميتا, وسمت بكونها مسكن جيرانه. وأصلى وأسلم على خيرة خلقه, وصفوة رسله نبينا محمد وعلى آله الطيبين. هنا فى المدنية المنورة تزاحم المصلون على روضة من رياض الجنة بين منبره وبيته صلوات الله وسلامه, حرمها نبينا الكريم كما حرم نبينا إبراهيم عليه السلام مكة, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها, وانى حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة). دعا لها النبى الكريم بالبركة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم بارك لنا فى مدينتنا وفى ثمارنا وفى مدنا, وفى صاعنا بركة مع بركة)كما دعا لها النبى الكريم بالحفظ من الأمراض والحمى والدجال(على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال). حل بها الخير والبركة, وحصل لها الشرف الأسمى والحظ الأوفي, وكل فضيلة حصلت للمدينة إنما حصلت لها بسبب هجرته صلى الله عليه وسلم إليها, فالهجرة بحق أم فضائلها وأعلى مفاخرها. حقا إنه لشرف عظيم, فقد طابت طيبة برسول الله صلى الله عليه وسلم حيا وميتا. وأصبحت أفضل بقاع الأرض بعد مكة, ومنها خرجت جيوش الإسلام لفتح القرى ونشر الدين الإسلامى فيها, وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على سكنى المدينة, وعدم الانتقال عنها, والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. والذى نفسى بيده, لا يخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه. وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يشفع لمن سكنها, وصبر على شدتها, ومات فيها, فقال: لا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة. رواه مسلم.