الصوم دعوة للعمل والجد والاجتهاد وليس ذريعة للكسل والتراخى وتعطيل مصالح وحاجات الناس كما يظن البعض فالصوم يمنح الصائم طاقة واستعدادا لبذل المزيد من الجهد بجانب تهيئته وتحفيزه للتفكير والابتكار والتأمل والطاعة والتعبد لله تعالى وفعل الخير والإحسان الى من يستحق وهذه عوامل دافعة لمزيد من الانتاج والتقدم والنهوض بالبلاد بل والتصدى للأفكار والمعتقدات البالية التى تنشر اليأس والاحباط وتعرقل كل محاولة للإصلاح و الارتقاء بالمجتمع ورفع مستوى المعيشة. المسلمون الأوائل لم يواجهوا المشكلة التى نواجهها اليوم لأنهم فهموا أن رمضان شهر جهاد وعمل لا شهر نوم وخمول وكسل، وأنه لا تعارض بين العبادة والتهجد لله رب العالمين وبين العمل والجهاد لعمارة الأرض وتحقيق معانى الاستخلاف، وكان نتيجة ذلك أن خاضوا حروبا حققوا فيها أعظم الإنتصارات وهم صائمون. وهذا من شأنه أن يمد الفرد بطاقة روحية تجعله أقدر على الانتاج والعمل أكثر مما لو لم يكن صائما. وهذه الطاقة الروحية قوة لا يستهان بها . وقد حارب المسلمون فى غزوة بدر أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وهم صائمون وانتصروا، وحارب الجنود المصريون فى شهر رمضان عام 1973م وهم صائمون وانتصروا. ولم يقلل الصوم من نشاطهم. وتاريخ المسلمين الطويل شاهد على أن رمضان هو شهر الإنتاج والعمل، وشهر الانتصارات الكبري، حين تهب رياح الإيمان، ونسمات التقوى، وتتعالى صيحات الله أكبر فيتنزل النصر من الله تعالى، على قلة العدد وقلة العُدد. وللصوم فوائد كثيرة صحية وروحية واجتماعية وتربوية. فالمفروض أنه فرصة سنوية للمراجعة والتأمل والتقييم والنقد الذاتى على المستويين الفردى والاجتماعى بهدف القضاء على السلبيات والتخلص من الكثير من الأمراض الاجتماعية، وهذا من شأنه أن يدفع حركة المجتمع بخطى أسرع، وبإخلاص أكثر، وبوعى أفضل. أن أكبر دليل على أن رمضان شهر الجهاد والعمل وشهر الانتصارات، إنه يدعونا الى أن ننظم ونحافظ على أوقاتنا، حتى ننهض من جديد ونبنى حضارتنا فالوقت له قيمة عالية فى حياة كل إنسان وديننا الإسلامى يطالبنا أن نكون أشد حرصا على الوقت لانهمله ولا نضيعه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تزول قدما العبد يوم القيامة حتى يسأل عن اربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما انفقه، وعن علمه ماذاعمل فيه». لمزيد من مقالات د. عبد الهادى القصبى