الأسرة هي اللبنة الأولى للمجتمع الذي يريد الإسلام صلاحه، ويعد شهر رمضان المبارك موسما وفرصة طيبة لزيادة دعم التماسك والترابط الأسرى، وقال علماء الدين إن الظروف تساعدنا في شهر رمضان على هذا الترابط الأسري، و طالب العلماء بأن يعطي الرجل لبيته وقتا يجلس فيه مع زوجته وأبنائه حتى يرى المشاكل الأسرية ويقوم على حلها. ويشعر الأبناء بسعادة بالغة ويدب الحب بين أفراد الأسرة، وحذروا الآباء وجميع أفراد العائلة ألا تأخذهم الوسائل الإلكترونية الحديثة وأدوات التواصل الاجتماعى من الاندماج فيما بينهم. ويقول الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بأسيوط، إن شهر رمضان له فضائل متعددة بخلاف اجر الصيام، من هذه الفضائل، التزاور بين الاقارب والجيران والاصدقاء، وايضا التجمعات الاسرية خاصة فى اوقات الافطار او السحور، مما يعد فرصة لأفراد الاسرة للتشاور والجلوس معا والعمل على حل المشكلات العالقة فى البيت. احذروا وسائل الميديا وأضاف: يجب على الزوج ألا تأخذه البرامج اليومية له واستخدامه لوسائل الميديا الحديثة من حرصه على الجلوس مع زوجته وأولاده، لتقوية العلاقة الزوجية وخاصة في شهر رمضان وسيلمس بعد ذلك أثرا رائعا في أسرته، وستشعر الأسرة كلها بسعادة ونقاء بعد جلسة الأب بينهم، مداعبا لأولاده غير عابس أو حامل للهموم، فذلك يبعث حيوية ونشاطًا وحبا عجيبًا في نفس كل فرد من الأسرة، وبعد ذلك يبدأ الحديث بين أفراد الأسرة. وحذر جميع افراد الاسرة حينما يجلسون مع بعضهم ألا تأخذهم الوسائل الإلكترونية الحديثة من الاندماج فيما بينهم، وتأخذهم أيضا من عبادتهم، فكم من بيوت هدمت بسبب هذا السلوك المشين، مشيرا الى ان الأسرة تشعر بأن اهتمام الأب أكثر بالوسائل الإلكترونية منهم أو بوالدتهم، وبالتالي فهذا الأب يضيع زوجته وأبناءه، وكما قال النبي، صلى الله عليه وسلم، (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول) كما أن ترابط الأسرة يكون بين زوجين متكاملين متفاهمين، يكمل بعضهما بعضًا. وأشار الى ان المشاعر والعواطف التي تنمو في جو الأسرة تقي التعاسة والشقاء، وتكون فضلا ونعمة من الله كالطيبات من الماء والغذاء، يقول الله تعالى: (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ) وأودع الله ركني الأسرة (الزوج والزوجة) الميل إلى الآخر، لكي يقوم عليهما بناء الأسرة، ويوجد التناسل بينهما، وتتحقق الخلافة والعمارة التي أخبر الله عنها، ويحدث بالزواج ارتباط وثيق بين الرجل والمرأة لا يدانيه أي ارتباط، وقد شبه الله ارتباطهما وحاجة بعضهما ببعض ب(اللباس) الذي لا يمكن العيش بدونه، وقال تعالى: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) فاللباس ستر ومتعة وجمال، ونظافة وطهارة ونقاء، وكل هذه المعاني وغيرها يشير إليها هذا التعبير القرآني الفذ، وهذا تأكيد لأهمية الأسرة للإنسان نفسياً واجتماعيا. صياغة كيان الأولاد وفي سياق متصل أكد الدكتور رمضان عبدالعزيز عطا الله رئيس قسم التفسير بكلية أصول الدين بالمنوفية، أن الترابط بين ركني الأسرة (الأب والأم) يسهم بقدر كبير على تشكيل صياغة كيان أولادهما، وكما قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ؛ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أوَ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ)، متفق عليه، وهذا الترابط يساعد على استقرار الأمور الأسرية، والعيش في سرور، وأمن وأمان، وسعادة في الدنيا والآخرة. وأضاف: شهد الواقع بدايات خطيرة للتفكك والانهيار الأسري في كثير من المجتمعات الإسلامية، فالإنسان بدلا من أن يسخر الحضارة الحديثة والانفتاح واتساع التقنية لسعادته، ربما ساهم بقلة وعيه وجشعه بأن تكون هذه النعمة نقمة عليه، وسببًا في شقائه وكدحه ونكده، حتى أصبح كثير من البيوت أشبه بفنادق للإيواء في أوقات الراحة فقط، وهذه مشكلة كبيرة في مجتمعاتنا الآن، كما أن الأسرة المسلمة تواجهها في هذه المرحلة الحرجة، هجمات شرسة، باعتبارها الحصن الأخير للفضيلة، وتربية الأجيال، ولأنها ركيزة البناء الاجتماعي الإسلامي السليم، ولابد من توعية الوالدين بدورهما الكبير في الحفاظ على هذا الكيان الجميل، لأنه دور مشترك، وما أعظم دين الإسلام وأطهره! فمن يتتبع نصوص القرآن والسٌنة يجد أن الشارع الحكيم رسم الطريق المستقيم لتكوين الأسرة بمفهومها الفطري البريء، فبين بكل دقة طريقة اختيار الزوجة، وكيفية إنشاء عقد الزواج، وطريقة المعاشرة الزوجية، وأرشد كلا من الزوجين -لكونهما ركني الأسرة- إلى ما له من حقوق قِبَلَ الآخر، وما عليه من واجبات، وهذا هو النموذج الحي والمثل الأعلى لكل مسلم ومسلمة.