تشهد كازاخستان هذا العام فعاليات كثيرة خلال شهر رمضان، حيث تقام موائد الإفطار الجماعي في المدن المختلفة، وافتتحت مساجد جديدة، وأقيمت مسابقات لتلاوة القرآن الكريم التي تنظمها وزارة الشئون الدينية الكازاخية. ومن عادات الكازاخستانيين في الإفطار أن يتناوب بعض الأسر في تفطير بعضهم البعض، بحيث يدخلون بيت كل واحد منهم ويفطرون عنده. أما عن عاداتهم بصفة عامة فالشعب الكازاخي شعب كريم ووجبة الطعام تستغرق وقتًا طويلا، لأنهم يقدمون الطعام المتنوع، وإذا دعاك لشرب الشاي، فاعلم أن الطعام حاضر معه. وارتبط وصول الإسلام إلى كازاخستان بوصوله إلى وسط آسيا، إلى طشقند وسمرقند وبخارى، وعندما تولى قتيبة بن مسلم الباهلي خراسان في سنة 88 ه دخلت فتوح الإسلام في بلاد ما وراء النهر مرحلة جديدة، وصلت إلى حد الاستقرار، وقد عبر قتيبة النهر في المرحلة الأولى من جهاده واستطاع ان يغزو في المرحلة الثانية من جهاده بخارى، وفي المرحلة الثالثة (بين عامي 90 ه و93 ه) استطاع أن يثبت راية الإسلام في حوض جيجون، وفي المرحلة الرابعة استطاع توجيه الحملات إلى ولايات نهر سيحون فيما بين سنتي 94 ه - 96 ه وامتد النفوذ الإسلامي إلى فرغانة في أعالي نهر سيحون، وسرداريا واستمر جهاده بهذه المنطقة قرابة 14 عاماً، وصلت فتوحاته إلى مدينة كشغر على حدود الصين. وهكذا ثبت قتيبة بن مسلم انتشار الدعوة فيما وراء نهر سيحون، وأرسل عمر بن عبد العزيز إلى ملوك ما وراء النهر يدعوهم إلى الإسلام وأسلم البعض، وسارع أهالي من بقي في البلاد إلى اعتناق الإسلام في عهد هشام بن عبد الملك، وزاد انتشار الإسلام في منطقة كازاخستان في عهد العباسيين، وتمكنت الدعوة الإسلامية عند دخول الأتراك السلاجقة الإسلام، لكن معظم الحضارة الإسلامية دمرت عندما تعرضت المنطقة لغزو المغول. وعندما اعتنق المغول الإسلام تحولوا إلى قوة عظيمة لنشر الإسلام واهتم الأمير المغولي بركة خان بنشر الإسلام في كافة بلاد الروس، غير أن الروس في عهد القياصرة شرعوا في السيطرة على منطقة آسيا الوسطي خلال القرن الثامن والتاسع، واستغرق ذلك مدة تزيد على 182 عاماً، ووجه الشيوعيون حملات على الجمهوريات الإسلامية التي كونت جبهة مقاومة وهدموا المدارس الإسلامية في كازاخستان، وأغلقت وهدمت الآلاف من المساجد. لكن «الأهرام» رصدت شغفا واهتماما كبيرا في كازاخستان الحديثة ببناء المساجد الفاخرة والجامعات الإسلامية وسط تقدير بالغ لدور الأزهر في نشر صحيح الدين والدعوة للدين بوصفه دين السلام والأمان.ورغم أن سنوات استقلال كازاخستان عن الاتحاد السوفيتي لا تتعدي ال 24 عاما فإنها نجحت باقتدار في المحافظة علي تراثها الإسلامي كونها أكبر دولة إسلامية من حيث المساحة وعاصمتها الجديدة آستانة هي عاصمة أقصى شمال العالم الإسلامي. وانعكس ذلك علي المستوي المبهر للمساجد الحديثة بالمدينة وعلي رأسها مسجدا «نور أستانة» و»حضرة سلطان» وهو واحد من أكبر المساجد في آسيا الوسطى، ويطلق عليه «لؤلؤة المدينة». وتعتبر كازاخستان دولة علمانية, وهي عضو في منظمة المؤتمر الإسلامي, ولا يتضمن دستورها اتباع دين معين وينص على عدم التفرقة بين المجموعات العرقية المختلفة وتبلغ نسبة المسلمين 60% و المسيحيين الأرثوذكس 30% والبروتستانت 3% والديانات الأخرى 7%. وانعكاسا لسياسة التسامح الديني والتعايش بين الأديان في كازاخستان أقيم قصر السلام والمصالحة في آستانة لإقامة مؤتمرات الحوار بين الأديان ,ومنحت اليونسكو العاصمة لقب «مدينة السلام». جامعة» نور- مبارك» الإسلامية وتمثل جامعة «نور- مبارك» الإسلامية في العاصمة القديمة «ألما آتا» قمة التعاون بين مصر وكازاخستان في مجال الدعوة ونشر صحيح الدين وأقيمت عام 2001. يقول رئيس الجامعة الدكتور جودة عبد الغني بسيوني أن الجامعة بدأت كمركز ثقافي ثم تحولت إلي جامعة ملحق بها سكن طلابي، وتضم الجامعة 3 كليات هي الشريعة وأصول الدين واللغة العربية وتمنح شهادة تعادل شهادة التعليم الأزهري, وتمنح درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراة. ويضيف رئيس الجامعة أن عدد طلاب الجامعة يبلغ 700 طالب معظمهم من أهل كازاخستان, وكانت حكومة كازاخستان قد قدمت الأرض المقام عليها الجامعة بينما تولت الحكومة المصرية ممثلة في وزارات الأوقاف والخارجية والتعليم العالي والأزهر تمويلها ودفع أجور أعضاء هيئة التدريس ويبلغ عددهم 14 أستاذا من خريجي الأزهر. ولا يقتصر دور الجامعة علي التدريس بل يتعداه إلي نشر الوعي بين الوعاظ وإرسال بعثات لنشر الدين الصحيح في محافظات كازاخستان ودعم مراكز تعليم اللغة العربية.