بينما اتفقت الأحزاب السياسية على قيادة الرئيس السيسى للمرحلة الانتقالية بما ترتب عنها من الاطلاع بالمهام التشريعية للبرلمان، اختلفت قياداتهم حول إجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها ودعا البعض إلى تأجيل هذا الاستحقاق السياسى لحين استقرار البلاد. مخاوف الأحزاب من اختطاف البرلمان القادم لم تدفعهم نحو المنافسة بقدر ما دفعتهم نحو استخدام المال السياسى لمحاولة السيطرة وتغيير الواقع«الأهرام» تفتح هذا الملف الشائك مع رموز وقيادات من العمل الحزبى فى مصر، .... الأهرام: هل لمستم حرصًا من القيادة السياسية على سرعة إجراء الانتخابات ..وماذا عن موقف الأحزاب من عمل لجنة إعداد القانون ؟ رفعت السعيد، رئيس المجلس الاستشارى لحزب التجمع: الكثير من القوى فى العالم بدأت تتأمل الوضع فى مصر، وبعضها لا يصدق أن الرئيس السيسى يريد برلمانًا، أو يقبل حتى ببرلمان قد لا يرضيه، لكن ما أعرفه عن السيسى أن رؤيته تقوم على تغليب مصلحة مصر التى تستوجب تشكيل مجلسها النيابى القادم بشفافية وديمقراطية مطلقة. أما عن موقف الاحزاب من عمل لجنة إعداد القانون أرى أن ما يجرى داخل اللجنة يتلخص فى حرفين «عك»، وأنا ممن يرغبون فى إنهاء المرحلة الثالثة من مراحل خارطة الطريق لأنها بمثابة طوق النجاة لمصر، ولايمكن أن تستمر مصر بلا مجلس نواب. الأهرام: إذا ما هى المشكلات التى تقف عائقا أمام انتخاب البرلمان؟ د. رفعت السعيد: عندما يقف القانون فى مواجهة الدستور فلا مخرج إلا عدم الدستورية، وبالتالى عندما يتمسك أعضاء لجنة قانون الانتخابات بأن من يترشح لمجلس الشعب يجب أن يدفع 3آلاف جنيه رسم تسجيل و6 آلاف جنيه للكشف الطبي، فى وطن 45% من سكانه تحت خط الفقر، إذا نحن أمام قانون يشكل عائقًا فى تنفيذ الدستور، والتمسك بهذا النص يهدد قانون الانتخابات بعدم الدستورية. أما العقبة الثانية فى هذا القانون فتمثل فى سقف الإنفاق، وكأن من وضع هذا الشرط يخاطب مجتمعات غنية شديدة الثراء، والنص لا يحقق التكافؤ ويصطدم بأهم مبادئ الانتخابات الديمقراطية، والأمر الواقع هنا يفرض أن يكون البرلمان القادم هو برلمان أغنياء فقط . بينما العائق الثالث أوقعتنا فيه لجنة الدستور حين صاغت قوانين مغلقة مطلقة ونظروا إلى الماضى حين كان يتحكم الرؤساء بمجلس الأمة وخفضوا سلطات رئيس الجمهورية إلى حد كبير، وزادوا من سلطات النواب إلى حد كبير، وهذا الأمر فى ظاهره ديمقراطي، وأغفلوا الحاضر الذى يتمثل فى أننا مازلنا لم نهزم جماعة الإخوان الإرهابية، وهناك قوى دولية واقليمية تتربص بمصر فى قطر وإيران وتركيا وبعض الدول الأوروبية، وليس أمامهم سوى إنفاق المليارات لخراب مصر، ومن السهل أن يقفوا وراء مرشحى الإخوان ويدعموهم بالمال، والمسألة بسيطة جدًا من ينفق أكثر يحصل على المقعد. ولا نصدق ما كنا نقوله فى الماضي، أن الشعب المصرى سوف ينبذ جماعة الإخوان ويقف فى وجههم، فأنا اقول من الآن أن الصوت الانتخابى فى الانتخابات المقبلة سيصل إلى 10 آلاف جنيه، والمواطن الفقير يحب السيسى ولكن إذا عرضت عليه تلك المبالغ، سوف ينسى نفسه ليحقق أبسط ما يفتقده من سبل العيش. صحيح لابد وأن نعتمد على وطنية المصريين وإخلاصهم ..لكننا فى الوقت نفسه لابد ألا نعبث بالفقراء وبأحلامهم لأنه «من لايملك قوته لا يملك صوته». الأهرام: كل هذه العقبات تجعلنا نسأل عن الحل من وجهة نظركم د.رفعت السعيد: نحن إزاءعملية مرتبكة ولا مخرج منها إلا بالتالى : 1 يوجه الرئيس السيسى فى خطابه القادم بتأسيس صندوق أمام الحكم المحلى لكل قرية لإرسال الشكاوى والمقترحات لرئاسة الجمهورية. 2- وأن يوقف هذا «العك» الذى تقوم به لجنة إعداد قانون الانتخابات وتقوم بتخفيض رسم الترشيح إلي 100 جنيه، والحد الأقصى للدعاية الانتخابية 100 ألف جنيه. الأهرام:هل تختلف معالجة د. محمود العلايلي، عضو الهيئة العليا بحزب المصريين الأحرار، لنفس الطرح حول مدى حرص القيادة السياسية على سرعة إجراء الانتخابات ؟ د. محمود العلايلي: نحن نتحدث عن مجموعة من القوانين وليس عن قانون واحد، وهو ما أوجد خلطا شديدا جدًا عند عدة أطياف سياسية واجتماعية فى مصر، هى مجموعة قوانين منظمة للعملية الانتخابية، وهى ثلاثة قوانين لها شق سياسى يتعلق بالدستور وشق فنى أهدر الكثير من الوقت، خاصة فيما يتعلق بتقسيم الدوائر وهى عملية فنية بحتة بخلاف جزء صغير يتعلق بالأمن..وهناك جزء دستورى كمسألة المحافظات الحدودية . الأهرام: وكيف تقرأ خارطة تشكيل البرلمان القادم؟ د. محمود العلايلى : البرلمان القادم بغض النظر عن مخرجاته وعن تشكيله، فوجئنا بأن 30 % من المتقدمين للانتخابات التى تم تأجيلها لهم توجهات حزبية وهذه مسألة فى غاية الخطورة، لأننا نتحدث عن أكثر من 70% من المستقلين الذين يفترض فيهم أننا لا نعلم توجهاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالإضافة إلى أنهم ليس لهم قيادات حقيقية أو طبيعية، وهو ما لم يمكن معه استشراف توجه الأغلبية فى البرلمان المقبل، والمشكلة الأخرى أن من ينتمون إلى الأحزاب أغلبهم ليسوا أعضاء أصليين فى الأحزاب . الأهرام : ننتقل إلى استخدام المال السياسى وتأثيره على عمل الأحزاب كيف يراها د.عصام شيحة، فى الانتخابات القادمة ؟ د.عصام شيحة : المال السياسى موجود فى كل انتخابات دول العالم، لكن أول مشكلة تواجهنا فى مصر هى أن المال السياسى يستخدم فى عدم الشفافية، ففى كثير من دول العالم تستطيع أن تتعرف على مصادر الحملة الانتخابية فهى معروفة ومعلنة، بينما فى مصر أنت لا تعرف مصادر تمويل الحملة الانتخابية، ولا تملك الجهات التى تستطيع الرقابة على المال السياسي، فالقانون ينص على أن يمتلك المرشح حسابا بنكيا ويتولى الجهاز المركزى خلال 15 يومًا من إعلان النتيجة التحقيق فى مصادر تلك الأموال. وهنا تظهر عدة تساؤلات: هل المال السياسى بسيولته التى نراها فى الشارع السياسى فى وضع أقوى من الدولة، أم الدولة بنظامها أقوى منه؟ فكرة الخجل من الإجابة عن هذا السؤال أصبحت غير مطلوبة، خاصة وإننا نرى بعض الأشخاص يعتمدون على قوتهم الاقتصادية والإعلامية، لتوجيه البوصلة السياسية من خلال ذراع سياسيا تملك، وشراء الأحزاب بالأموال دون خجل أو حياء تحت أنظار أجهزة الدولة . ويلعب الإعلام دورًا مهمًا، إزاء قضية المال السياسي، وفى أغلب الأحيان نجد القائمين على الإعلام لا يريدون وجود برلمان فى مصر، حيث نجد بعض الإعلاميين يقومون بدور البرلمان فى التشريع وصياغة القوانين، فيقوم بالاستجواب وطلب الإحاطة !!.». الأهرام: كيف ترى دعوة بعض القوى السياسية لتأجيل الانتخابات ؟ د.عصام شيحة: تأجيل الانتخابات أظن أنه فى مصلحة النظام والأحزاب السياسية وفى مصلحة الوضع السياسى ككل، لأنه على الرغم مما نقول جميعا عن تأجيل الانتخابات، لكن الصورة تتكشف بشكل كبير، فأكبر حزب تقدم بمرشحين كان حزب النور 360 مرشحًا، وهو أول حزب قام بتغطية القوائم الأربع على مستوى الجمهورية، وهو يسيطر على القري، ويجعل نفسه فى خندق مع الإخوان ويتحدث باسم تيار الإسلام السياسى . الأهرام: هل يتحقق مبدأ العدالة فى ما ذهبت إليه اللجنة التشريعية فى قانون تقسيم الدوائر؟ د.عصام شيحة: مصر تمتاز بأنها دولة نهرية تمتد الكثافة السكانية بها على طول مجرى النيل، العالم كله يأخذ بعدد من المعايير، ومن ضمن هذه المعايير معيار التناسب بين المساحة الجغرافية والكثافة السكانية، وهناك معيار آخر يتبنى مبدأ التقسيم الإدارى للدولة، وهناك معيار ينصب على التقسيم الأمنى .. وأول ملاحظاتى على عمل اللجنة أنها أخذت بفلسفة البعد الأمنى والإدارى دون السياسي، وهو ما جعل القانون يصطدم بآراء الساسة، ولكننا نرى ولأول مرة قانونا يتذكر المناطق الحدودية وأهلنا فى النوبة، هذا القانون لأول مرة نراه يحفظ حق المواطنين فى المدن الجديدة وعمل دوائر انتخابية لها، بالإضافة لعملية الوزن النسبى للصوت وهو ما سيسهم إن آجلا أو عاجلا فى شبهة عدم الدستورية. الأهرام: ننتقل للواء أمين راضى أمين عام حزب المؤتمر: ما هى حدود استخدام المال السياسى فى الانتخابات البرلمانية المقبلة ؟ اللواء أمين راضي: أولا أود أن أشكر «الأهرام» على الدعوة الكريمة وأحذر من تدخل بعض الجهات، كما أشار الأستاذ عصام شيحة فى شئون الأحزاب، وكذلك الإعلام والجهات التى تحارب الأحزاب ولا تتركها تقف على قدميها، وإن كنت أرى أن الحزب القوى هو الحزب الذى لدية أموال يستطيع أن يشترى بها الاعضاء الذين يمثلونه فى الشارع، أما غير ذلك فأى حزب يحتاج إلى فترة من الزمن حتى يكون له وجود فى النجوع والقرى والمدن، والشكل العام للبرلمان القادم يعطى إيحاء أن نسبة المستقلين سوف تتعدى 50%، ولذلك يجب أن تتحرك الأحزاب حتى تصل لرجل الشارع فى أفضل صورة. الأهرام : لمصلحة من كل هذا التناحر والتشرذم فى العمل السياسى بين الأحزاب؟ أمين راضي: نعم أنا لم أقل أنها مسلك دولة ومتأكد أن رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى ليس لدية أى تدخل فى هذا، ولم يحرك أحدا أو يضغط على أحد، لكن هناك أجهزة كثيرة داخل الدولة تتعارض بينها البعض وتريد أن توجد حالة الفوضى والتشرذم داخل الاحزاب، وكان فى الماضى ملف الانتخابات يخص أمن الدولة فقط ،أما الآن فيقوم عليه عدة أجهزة فى الدولة وبينهم تعارض ولهذا يظهر التناحر والتشرذم. الأهرام : وكيف يرى المهندس أشرف رشاد تأثير المال السياسى على حصاد العملية الانتخابية المقبلة؟ المهندس أشرف رشاد، أمين عام حزب مستقبل وطن: المشكلة ليست فى المنتج فقط وهو »قانون الانتخابات« لكن هناك ضبابية فى المشهد السياسى وضبابية تقديم موعد الانتخابات، وبهذا ليس لدينا أى نوع من الالتزام الزمنى بالكلام الذى يقال فى التصريحات من قبل المسئولين، وبالذى يحدث على أرض الواقع وحكم المحكمة صدر يوم 1/3/2015، بإيقاف العملية الانتخابية، ولم يحدث والمهندس إبراهيم محلب خرج يوم 15/4/2015 وقال وعدنا وأوفينا ومر بعدها شهر ونصف ولم يخرج قانون انتخابات، يجب أن يكون هناك زمن محدد وشكل محدد لإجراء العملية الانتخابية ، لكن الحديث عن الانتخابات بعد رمضان فى العموم، هو نوع من أنواع استنزاف الأحزاب فى الشارع. كلمة حزب فى الشارع أصبحت كلمة سيئة السمعة، وده خطأ كبير جدًا لا يستطيع أن يتحمله الحزب فقط، فى نوع من أنواع التقصير، وعدم الانتشار نتحملها نحن ،ولكن الدولة أيضا ترفض مساعدة الأحزاب وأنا لدى 17 محافظا مصريا، يرفضون مقابلة الاحزاب، وأيضا الجهات التنفيذية بالكامل ترفض التعامل مع أى حزب، وهناك أيضا الكثير من الوزراء يرفضون التعامل مع أى حزب رغم أنها هى الاطار الشرعى الوحيد لممارسة السياسة فى مصربشكل أساسى أو بشكل خدمة المجتمع . الأهرام : د.صلاح حسب الله ..هل تتفق مع هذا الطرح ؟ د.صلاح حسب الله نائب رئيس حزب الحرية: نحن أمام مشهد سياسى «غائب» وحزبى «مريض»، ولا أريد أن أقول هذه الاحزاب مرضت بسبب عدوى مسربة إليها من النظام والحكومة، فالمرض مرض ذاتى وهناك بعض الأحزاب تعرف قواعد اللعبة جيدا، وبعضها تعمل من أجل الحصول على المال عن طريق رجال الاعمال وغيرهم، وهذا هو الواقع الانتخابى الذى نعيشه اليوم، لا يوجد مرشح واحد يذهب إلى حزب بسبب هويته أو برنامجه، ولكن يبحث عن الحزب الذى يعطية المال فتحول المشهد الانتخابى إلى مزاد من يعرض أكثر يحصل على مرشحين أكثر، وتحولت الحياة السياسية إلى مصطلح أقرب إلى خصخصة الحياة السياسية. وليس النواب وحدهم يباعون ويشترون، بل هناك أحزاب معروضة فى المزاد أيضا هناك بعض رجال الأعمال يقولون شراء الحزب ولا تربيته. وفى الماضى كان الإعلام موجهًا من قبل الدولة والسلطة الحاكمة ، والآن موجه من قبل بعض الجماعات أصحاب المصالح والأحزاب السياسية،وهناك بعض أصحاب المصالح أنشأ قنوات فضائية لأنه يرى أن الإعلام أقوى من الأحزاب فى تحقيق مصالحه وأهدافه والافكار التى يريد أن يطلقها. الأهرام: هل هذا يعنى ضرورة تدخل الدولة فى المشهد الحزبى ؟ د.صلاح حسب الله: بل بالعكس يجب أولا على الأحزاب أن تؤمن بأن الدولة لا تتدخل فى المشهد السياسي، وعلى سبيل المثال فإن قائمة فى حب مصر بدأت بفكرة قائمة من الدكتور كمال الجنزوري، وهناك أحد الأحزاب العريقة خرج رئيسها ونشر فى صحيفة الحزب مانشيتات استغاثة إلى رئيس الجمهورية، ثم سعى للانضمام إلى قائمة فى حب مصر وانضم لها فيما بعد. الأهرام:د.محمود العلايلى كيف ترى استخدام المال السياسى وتأثيره على عمل الأحزاب فى ظل المشهد السياسى الآن؟ د. محمود العلايلى : أريد أن أتحدث عن فكرة المال السياسي، أقول أن هناك مالا سياسيا إيجابيا ومالا سياسيا سلبيا ومالا سياسيا سليما، لأن الدول الديمقراطية والتجارب ايضا الديمقراطية يكون جزء من تمويل الأحزاب تتحمله الدولة ، لكى تنمى وتساند الحياة الحزبية بأشكالها، وهذا التمويل يكون وفقا لعدد المقاعد أو عدد الأصوات التى حصل عليها الحزب. بينما مسألة تدخل الدولة فى الإنفاق السياسى مثل الحملات الانتخابية، مستحيل معالجتها ، لان السياسات النقدية والمالية فى مصر بها مشكلة ويجب على الشخص أن يحصل على فاتورة بقيمة ما تم صرفه فى الدعاية الانتخابية، وبالتالى إعلانات حزب الوفد والمصريين الأحرار لا نعتبرها دعاية انتخابية ولكن نعتبرها ترويجا لأفكار الأحزاب فقط. قاطعه الدكتور عصام شيحة، على استخدام المال السياسى فى العمل الحزبي، قائلا: مفيش جدال على أن استخدام المال السياسى جريمة فى حق الوطن، وعدم رقابة الدولة على المال السياسى جريمه فى حق النظام الجديد، والتقيت الرئيس ورأيت أن الدولة والقيادة السياسية تريد إجراء الانتخابات فى موعدها المحدد، بل أكاد أجزم بأن البرلمان القادم سوف ينعقد فى موعده وهو الأسبوع الأول من أكتوبر،