استطاع جهاز الراديو الذى كان بمثابة "الوسادة" لآبائنا وأجدادنا كوسيلة للتواصل مع العالم أن يحافظ على بريقه، صامدا أمام ذلك الغزو الفضائى الرهيب، ولم يعد يقتصر سماعه على كبار السن وكفيفى البصر فقط ، بل امتد إلى فئات المجتمع عامة، على اختلاف الأعمار وتنوع ثقافاتهم، خاصة أولئك المسافرين على الطرق الطويلة، والذين يعانون من الزحام العدائى فى شوارع القاهرة نهارا، بعد أن منحهم (راديو مصر- نجوم إف إم - أغانى إف إم .. وغيرها) ميزات نسبية فى الأخبار والبرامج والأغانى التى تكفل لهم أن يديروا ظهورهم للشاشة. لكن الإذاعة التى يجدر الوقوف أمامها بقدر من الإعجاب والدهشة هى "الراديو 9090"، فعلى حداثة عهدها استطاعت أن تسترق إذن المستمع وتأسره أحيانا سيارته ومكتبه، أو حتى وهو مستلق فى نهاية يوم مشحون بالغضب على سريره، وعلى الرغم من إيقاعها السريع إلا أن أخبارها وبرامج تظل تقطر حيوية ورشاقة فى نوبات من المتعة المحببة على مدار الساعة. والدليل على صدق ما أقول : إن 9090 قد وضعت خطة محكمة لمستمعيها خلال الشهر الكريم، تعتمد فيها على برامج مختلفة ومتنوعة تناسب كل الأذواق، وأهم ما يميز أفكارها أنها تخرج على المألوف، وتتجه ناحية الابتكار والإبداع، وأظنه أمرا طبيعيا جدا مع هذا "الراديو" الذى ولد فتيا على يد "طارق أبو السعود" ذلك الإعلامى الذى ونحن فى معيته فإننا نتحدث عن انطلاق إذاعة ناجحة، أصبحت الأولى بين غيرها من الإذاعات فى زمن قياسي، وفى تجربة تختلف هذه المرة عن تجاربه الناجحة السابقة فى "راديو مصر- نجوم f.mوغيرهما". رمضان هذا العام مع "الرديو 9090" يبدو لى ولكثيرين غيرى أحلى وأجمل ، بل إنه يعد بوابة سحرية للهروب نحو ملاذ آمن لإصابة متعة حقيقية دون أن "تجرح صيامك"، فحتما سيكون "صباحك أحلي" مع "أحمد خيرى ومنة عامر"، وطوال النهار أنت تتأرجح فى متعتك مابين العودة للماضى الجميل مع "فوازير فطوطة"، للفنان الكبير سمير غانم ، و"الست مصر" التى تنعم معها بثرثرة محببة لإسعاد يونس، تتحدث فيها عن الطباع والعادات والتقاليد من وحى حياة المصريين فقط، ودون غيرهم. وحين ترغب فى الانطلاق نحو الحيوية والشقاوة التى لاتخلو فى ثناياها من الاشتباك مع الواقع المصرى بفكاهة طازجة، ستجد نفسك متلبسا بسماع برنامج "قوية ومش مفترية" من تقديم "شيماء حافظ وسالى عبدالسلام" عبر استعرض رشيق ليوميات السيدة المصرية، فى العمل، وفى المواصلات، وفى المنزل، كما يعرضن وجهات نظرهن فى تلك المشاكل وكيفية التغلب عليها، وللرياضة نصيب وافر فى هذا النوع من الترفيه مع برنامج "حرة مباشرة" من تقديم "إبراهيم فايق" الذى يقوم باستضافة مجموعة من نجوم الرياضة فى مصر ليوجه لهم مجموعة من الأسئلة المباشرة حول الرياضة، كما أن هناك كوميديا صعيدية من نوع خاص فى برنامج "بخاتي" على الراديو لإلهامى مقار، يقدم خلاله "ستاند أب كوميدي" يناقش كل يوم قضية مختلفة، أما عم السينما المصرية "حسن حسني" فيقدم نوعا من الحكى اللذيذ، بحس كوميدى رفيع فى صورة سكتشات مميزة، تعبر عن منغصات كثيرة تعترى حياتنا من خلال برنامجه "كلام حسن". لكن نجوم الكوميديا يجعلون 9090 أحلي، مع مسلسلات إذاعية مميزة وعلى رأسهم يحيى الفخراني، فعلى قدر ثقله فى الأداء الدرامى التليفزيونى يأخذك بصوته العذب الرقيق وبنعومة مفرطة على بساط الريح إلى عالم "أحلام شهرزاد"، الذى كتبته زوجته لميس جابر عن رواية للدكتور طه حسين، تحكى علاقة "شهرزاد وشهريار" بشكل عصرى مختلف، وكذلك الحال مع محمد هنيدى الذى يظهر فى مسلسل "يخلق من الشبح أربعين"، تأليف محمد سليمان عبدالمالك، ويشارك فى بطولته آيتن عامر، وطارق عبدالعزيز، و كذا الحال مع أحمد فهمى وهشام ماجد وشيكو، فى مسلسل "ليالى النقدية" الذى تدور أحداثه فى إطار كوميدى ساخر، حيث يجسد أبطاله 3 عملات نقدية، تتنقل بين جيوب المواطنين، ما يعرضهم للعديد من المواقف الكوميدية. ألم أقل منذ البداية أن رمضان أحلى مع "الراديو 9090"؟.. لقد أفلح "أبو السعود" فعلا فى جعل "هواها مصري"