العنوان مقتبس من عنوان شهير لكاتب شهير هو جورج برنارد شو، وإن كنت أظن أن شو لو رأى شيئا من هذه المسلسلات ما كتب دليلا للمشاهدة، ومنذ خمسة أعوام تقريبا أحاول عمل دليل لى، وانتهى بالفشل. سألت هذا العام عن عدد المسلسلات، ومثلما حدث فى الأعوام الماضية تضاربت الأرقام، خمسون مسلسلا فى هذا العام، ربما قلت قليلا، وربما ازدادت قليلا وهنا المأزق... كيف أختار مسلسلا أو أكثر.. صديقى الكاتب قال إنه يختار بأسماء الكتاب... لكن معظم المسلسلات يكتبها كتاب لاول مرة، ولا يذكر لهم» أنهم نشروا قصة قصيرة أو مقالا أو حضروا ندوات أو... مما يدل على أن الكاتب الجديد هو كاتب بالفعل. بعض الناس يختارون المسلسل من ممثل أو ممثلة... وبعضهن يختار المسلسل من الاعلانات، أى كلما قلت اعلاناته كلما احاطوا به ليس للمواساة، بل لانهم حافظوا على وقتهم.. والبعض يختارون المسلسل من العنوان، ولما كانت معظم العناوين غير معبرة، فيجد أحيانا أنه دخل فى مسلسل آخر. طيب! فلان ناقد ممتاز، ويريد أن يرصد الأعمال كلها يحتاج إلى أن ينقسم إلى خمسين شخصا لا ينامون ولا يأكلون، ولا يذهبون إلى الحمام، قررت هذا العام أن أشاهد ما آراه أمامى، وأول ما شاهدت كان ليلة أول رمضان، أى فى الدخول المبكر، مجموعة من الرجال والنساء يتكلمون فى أمور لا أعلمها، فهم يتكلمون بطريقة غير مفهومة، وسارت امرأة جميلة إلى الحمام، واندهشت لأن الحمام كان زجاجيا، ولأن المرأة ماذا ستفعل فى الحمام؟! قطع إلى المرأة فى البانيو نرى فقط رأسها وشعرها وساقه صغيرة من رجليها، وجاء أحد الرجال، ربما كان فى المشهد الاسبق، وحدثها من خلف الزجاج وحذرته من محاولة دخول الحمام، ولكنه لم يهتم لتحذيرها فدخل ثم قطع بداية لا توحى بالاطمئنان، وأن ما أدانه المجتمع من قبل مازال يتكرر: العنف، والعرى، والبذاءة، والجنس. صرخ الكثيرون ولا جدوى، وزادت دائرة الفساد، ولولا بعض ما حدث لكان التأثير أكثر قوة، فلقد انصرفت فئات بسبب الاعلانات التى حالت بينهم وبين رؤية المسلسل أو شىء منه. اذكر زمان كانوا يبدأون العرض السينمائى بموسيقى رقيقة، ثم بفيلم قصير من أفلام (توم وجيرى) أو ما يماثلها، وأحيانا فيلم تسجيلى أو إخبارى، فاذا ما تهيأ (الزبون) بدأوا الفيلم فى جو من الهدوء والشوق. وأول ما يقال أنه على أهل الدراما أن يوزعوها على مدى العام بكل مناسباته، وعلى الإعلانات أن تتبعها فى هذا بدلا من أن تصبح عاملا يحجز الناس عن السلعة. وإذا شاهدنا كما يشاهد الناس فى كل مكان، لابد أن يحدث أشياء كثيرة لمصلحة الفن، لكثير من الشباب الذين دخلوا المجال فى ظروف غير طبيعته، يقدمون أداء غير مفهوم أو غير معبر، مع حوار كتبته الآلة الكاتبة، أى أنه بلا عمق ولا مشاعر، وحتى الصورة التى أصبحت جنون غالبية المسلسلات وصلت إلى مستوى الغرائب، فهى مرة تحيل إلى اليمين بلا سبب، ومرة تحيل إلى اليسار بلا سبب، وفى مرة أخرى يتحدث الممثل بطريقته العادية، وفى أثناء التمثيل تأتى كاميرا وتصور فكه المحترم فى لقطة مقربة جدا، لماذا؟ لا أظن أحد يعرف. كيف يمكن أن نصلح حال الدراما، كل ما ذكرته ممكن علاجه مع الزمن، ولكن أهم عامل هو دور الدولة. ولكن الدولة كثيرة الاعباء، ولا نريد أن تزيد اعباؤها، وملامسة الشديد لابد للدولة من أن تعالج ضيقها بفكرة التدخل فى الدراما، فلا حل سوى هذا.