هؤلاء الشباب من أهم ما يميزهم السن الصغيرة والمستوى الاجتماعى مختلف، لكنهم اجتمعوا على اتخاذ قرارات فى منتهى الصعوبة تحتاج الى تفكير طويل وعميق وجرأة شديدة وتحمل رهيب للمسئولية، فقرار اعتناق الإسلام الذى جمع بينهم وقرار الهجرة، قرارات فى منتهى الخطورة والصعوبة اذا ما حاول شبابنا الآن اتخاذها والأمثلة على ذلك كثيرة. ويتواصل حديثنا عن هذه النماذج لنلقى الضوء على الثابت المنتصر بلال بن رباح رضى الله عنه، الذى تمسك بالحق ولم يضعف أبدا أمام الظروف الصعبة التى تعرض لها فقد كانت العبودية تعنى محو الهوية والكرامة والآدمية وتجعل منتهى ذل العبد أن يعيش، إلا أن بلال فعل ما لم يتوقعه أحد، لقد فكر ولم يعمل بلال عقله فى أمر هين بسيط بل فى أمر غاية فى الخطورة والصعوبة والتحدى وهو الدخول فى دين جديد، حيث قرر الذهاب الى محمد صلى الله عليه وسلم ليسلم بين يديه، فلقد لبى بلال الدعوة مبكرا، ليسلم فى السنة الأولى من دعوة النبى صلى اللى عليه وسلم، فكان من العشرين الأوائل الذين دخلوا الإسلام، وظل بلال سنتين يخفى إسلامه وفى كل يوم كان يذهب الى أحد شعاب مكة ليصلى ركعتين فى الصباح يتقوى بهما على مشاق الحياة ومثلهما فى المساء، وهو سعيد يشعر بالعزة والكرامة.وتمر الأيام وبلال يعلن إسلامة بعد أن أمر الله نبيه محمدا بالجهر بالدعوة حتى كان سابع من يعلن اسلامه من بين أكثر من مائة مسلم كانوا قد أسلموا فى السنوات الثلاث الأولى من عمر الدعوة، ولقد جن جنون أمية بن خلف وكان أشد الناس ذهولا من سماع الخبر لتبدأ المعركة، ففى صحراء مكة وفى وقت الظهيرة ودرجة الحرارة أكثر من خمسين درجة يأمر أمية رجاله أن يجردوا بلالا من ملابسه ويلقونا به على الحصى ولكى يلتصق جسده بالأرض يضع أحد الرجال حجرا ضخما على صدر بلال وأمية بن خلف كان يتأكد من انهيار بلال، لكن الأيام تمر والعذاب يشتد وبلال لا يستسلم ويجن جنون أمية بن خلف ويأمر رجاله بتغليظ العذاب على بلال، وفى كل يوم كان بلال يحقق انتصارا وعرضوا عليه أن يرفعوا عنه العذاب شرط أن يذكر آلهتهم بخير!! لكنه فاجأ الجميع أنه يرفض العرض، وكان طبيعيا بعدها أن يفقد أمية أعصابه فيضاعف عليه التعذيب ولكن بلالا فاجأهم بكلمة واحدة .. أحد.. أحد، يا له من درس إسلامى خطير استخدم كلمة واحدة بسيطة يفهمها الجميع ليعلن انتصاره أمام مكة كلها وكأنه نشيد وطنى لدولة منتصرة.