عشية الاستعداد لترشيحات جوائز «نوبل» للعام المقبل كانت زيارتى لمتحف «نوبل» الذى يقع فى أحد أجمل مبانى القرن الثامن عشر بستوكهولم ويعتبر أهم متاحف العالم، حيث تستهدف رسالته «المعارف» وحث الفضول إزاء العلوم الطبيعية والثقافة من خلال مناهج تعليم متجددة وتكنولوجيا حديثة وعرض متميز... تعرفت بدقة على أبعاد الجائزة ومؤسسها «الفريد نوبل» والفائزين بالجائزة الدولية المرموقة منذ عام 1901، التى فاز بها الرئيس السادات عام 1978 عن السلام، وكاتبنا المبدع نجيب محفوظ عن إنجازاته الأدبية عام 1988، والدكتور محمد البرادعى عام 2005، وال د. أحمد زويل عن إنجازاته العلمية فى مجال الكيمياء عام 1999... أدركت أهمية فكرة الفريد نوبل فى تحقيق حلمه بفضل إيمانه بالمواطنة العالمية وإرادته الفولاذية فى معالجة القضايا الشائكة بعد اختراعه «الديناميت»... وأراد فى نهاية حياته تحسين مصير البشرية وأطلق وصيته بأن يخصص جزءاً من الفوائد على ثروته سنويا لمكافأة شخصيات ناجحة فى مجالات الفيزياء و الكيمياء والطب والأدب والسلام... إن متحف نوبل يسجل قرنا كاملا من الخلق والابتكار والأفكار الثمينة كما أن الاكتشافات كامنة فى أعمال الفائزين، ويطرح المتحف عدة تساؤلات «كيف تستغل نعمة الإبداع وإلى أى مدى تؤثر البيئة على عملية الإبداع؟ ويسجل ستة عقود من التقدم بفضل مرجعية التاريخ العالمي. أما الأفلام التسجيلية فهى مغامرة مليئة بالنجاحات والإخفاقات وتبرز مثابرة الرواد مثل «مارى كورى» و«نيلسون مانديلا» و«نيلز بوهر» وغاندى ومارتن لوثر وأنور السادات الذى دخل التاريخ من أوسع أبوابه. إن هذا المتحف العبقرى هو بلا شك معمل للأفكار وملتقى للمظاهرات العالمية والندوات وشعث الأفكار... كما أن معرضه المئوى يعكس أداء لجان نوبل عبر تاريخه ويتمتع بمركز أبحاث ومشاريع تتناول الجوانب التاريخية والعلوم الحديثة والطب والسلام والأدب والاقتصاد ووقفت مبهورة بخطابات «اينشتاين» ونظارات «الدايالاما» ومقص أظافر «هيرتا مولير». هو أيضا لقاء مع تاريخ مصر وتجسيد لإنجازات الرئيس السادات مثل إعادته التعددية الحزبية بعد نظام الحزب الأوحد.. وتحرير سيناء وإبرام اتفاقية السلام وتناول شخصيته الخاصة وغير التقليدية ومواقفه وتكوينه الوطنى... كما يبرز المتحف عظمة كاتبنا نجيب محفوظ الذى يعتبر أول كاتب معاصر فى الأدب العربى مع توفيق الحكيم حيث توغلا كلاهما فى عالم «الوجودية» وتحمل هذه الإشارة اعترافاً لعبقرية الحكيم التى لم تغفلها دراسات المتحف كما تبرهن الأبحاث كيف أن ال د. محمد البرادعى كان وجهة مهمة فى تطورات مصر السياسية وفى ثورة 2011 حتى استقالته فى 14 أغسطس 2013 وتبرز دوره على الساحة الدولية وعدم تبعيته لأمريكا. أما د.أحمد زويل فهناك تسليط ضوئى على أنه أول مصرى يفوز بجائزة نوبل فى الكيمياء وعلى أبحاثه العلمية واهتمامه بالشأن السياسى فى مصر والدور الذى قام به كوسيط بين الجيش وحركات الشباب عقب استقالة الرئيس مبارك. واستخلاصاتى لتلك الزيارة تنحصر فى: انه يجب توأمة مكتبة الإسكندرية بمتحف نوبل العالمى لإثراء التعاون الثقافى بين مصر والسويد فى ضوء تفوق أداء المتاحف السويدية. لابد من تزويد مكتبة متحف نوبل بأعمال الفائزين المترجمة وأقترح أن تتم دعوة السيدة جيهان السادات لتلقى محاضرة عن كتابها «أملى فى السلام» فهى خير سفيرة للقضية التى احتضنها الرئيس السادات الذى أثبت ريادته من خلال مبادرة السلام فى ضوء التطورات الجارية على الساحة الإقليمية لحل قضية فلسطين مقابل إبرام دولة مهمة فى المنطقة اتفاقية صلح مرتقبة مع إسرائيل. لابد من تكافل الجهود للقضاء على الإرهاب, ونحن فى حاجة إلى شخصية قيادية تقوم بمبادرة صارمة وشفافة فتسجل نجاحا جديدا لصالح البشرية فهل من الممكن أن تكون جائزة نوبل القادمة من نصيب المنطقة العربية؟ لمزيد من مقالات عائشة عبد الغفار