رنة مميزة على تليفونى المحمول تعلن وصول رسالة تحمل أخبارا جديدة :"نسبة الشباب الراغبين فى الهجرة من مصر أصبحت 17% بعد أن كانت 18% قبل ثورتى 25 يناير و30يونيو". قفزت تلك الإحصائية على شاشة تليفونى المحمول لتعبر عن الكثير وتنذر بما هو أكثر. فقد جاءت تلك الإحصائية الهامة بناء على المسح الإحصائى الذى أعده المركز القومى للسكان بالتعاون مع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء وتم اعلانه خلال مؤتمر "عرض النتائج النهائية للمسح التتبعى للنشء والشباب فى مصر لعام 2014" تحت رعاية السيد رئيس الوزراء. وقد تولت الإحصائية الهامة الإجابة عن بعض الأسئلة المحورية مثل : "من" الذين يريدون الهجرة من مصر؟ و"لماذا" يهاجرون؟ و"إلى أين" يريدون الهجرة؟ وقد أظهرت النسبة المئوية المتعلقة براغبى الهجرة من الشباب أن الثورة لم تتمكن من تغيير الكثير حتى اليوم أو أن الشباب أكثر تعجلا من انتظار تحقق النتائج الإيجابية للثورة مما يعنى أن وتيرة العمل والإنجازات فى حاجة إلى المزيد من السرعة. وأظهرت الإحصائية أن الشباب الذكور فى الفئة العمرية من 15 الى 29 سنة كانوا أكثر رغبه فى الهجرة من الإناث لتبلغ نسبتهم 25.8 % مقابل 7.8 % للإناث ، وأن أعلى نسبة للذكور كانت فى الفئة العمرية من 18 الى 24 سنة لتصل إلى 28.1% مقابل 19.2 % فى الفئة الأصغر سنا. وبدا أن الجامعيين هم الأكثر رغبة بالهجرة حيث تبلغ نسبتهم 30.3 % مقابل 17.2 % للأميين. وظهر أن سكان الريف هم الأكثر فى سعيهم للهجرة حيث تبلغ نسبتهم 28.3% مقابل 23.3% فى الحضر، فى حين بلغت نسبة الشباب الراغبين فى الهجرة من قاطنى المناطق العشوائية نحو 16.2 %. أما عن أسباب الرغبة فى الهجرة فقد أظهر المسح أن العوامل الاقتصادية إحتلت المرتبة الأولى فى كونها أحد أهم الأسباب التى دفعت الشباب الى التفكير فى الهجرة، حيث أشار نحو ثلثى الشباب فى الفئة العمرية من 18 إلى 29 سنة من راغبى الهجرة إلى عدم وجود فرص عمل التى بلغت نسبتهم 65.6 % ، ونحو 48.9 % من الشباب رأوا أن الظروف المعيشية الصعبة فى البلاد هى السبب، ونحو 44 % قالوا إن تدنى الدخل أحد أهم العوامل، فى حين قال نحو 10.1 % أن الظروف الأمنية للبلاد هى التى تدفعهم الى الهجرة. أما أفضل الجهات التى يرغبون فى الهجرة إليها فكانت السعودية فى المرتبة الأولى بينما جاءت الدول الغربية فى مرتبة تالية ب12.5%. وتدفع تلك الإحصائية إلى التأكيد على أن هناك الكثير الذى يجب أن يقوم به المصريون جميعا وليس الحكومة وحدها لوقف طوفان هجرة الشباب المصرى إلى الخارج. أما ما يجب أن يتم حتى تنحسر موجة الهجرات التى تشبه إلى حد كبير موجات الهروب فيتمثل فى تحقيق "نقلة حقيقية كبيرة" فيما يلى: أن تنتقل مصر من الترتيب (110) دوليا من بين 187دولة فى مؤشر دليل التنمية البشرية عام 2014 إلى مرتبة أفضل. ومن الترتيب (119) دوليا من بين 144 دولة فى مؤشر التنافسية العالمى إلى مرتبة أفضل، ومن الترتيب (97) دوليا من بين 144 دولة في مؤشر تحقيق المتطلبات الأساسية من الصحة والتعليم الأساسي إلى مرتبة أفضل، ومن الترتيب (100) دوليا من بين 144 دولة في مؤشر تحقيق المتطلبات الأساسية من البنية التحتية إلى مرتبة أفضل، ومن الترتيب (140) دوليا من بين 144 دولة في مؤشر كفاءة سوق العمل إلى مرتبة أفضل، ومن الترتيب (95) دوليا من بين 144 دولة في مؤشر تطوير الأعمال إلى مرتبة افضل. إن تحقيق تلك "النقلة الحقيقية الكبيرة" سيجعل كل شاب "يفخر" بالبقاء فى بلاده التى تحتضنه وتوفر له الفرص والآمال فى مستقبل الأفضل. دارت تلك الأفكار فى ذهنى، فنحيت تليفونى المحمول جانبًا ونظرت إلى الأفق فى صمت. لمزيد من مقالات طارق الشيخ