أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف أنه ليس صحيحًا ما يتردد من أن الحركات الإرهابية المسلحة حركات وُلدت من رحم الإسلام، وأن تعاليم هذا الدين هي التي صنعت داعش وغيرها من الحركات والتنظيمات الإرهابية المسلحة، وليس صحيحًا كذلك أن الإسلام هو المسئول عن هذا الإرهاب الأسود، وأن هذه السمعة الرديئة انتشرت انتشارًا سريعًا، وانتهت إلي ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي لعبت ولا تزال تلعب دورًا بالغ السوء والخطر في تغذية الصراع الحضاري بين الغرب والشرق. وأضاف الإمام الأكبر خلال كلمته أمام مجلس اللوردات البريطاني أمس ، أنه ليس من الإنصاف أنْ نحاكم الأديان بإرهاب بعض المجرمين المنتسبين لهذه الأديان، لسبب منطقي، غاية في البساطة هو أن تعاليم الأديان هي أول من يتبرأ من هؤلاء المجرمين ومن جرائمهم البشعة اللاإنسانية، وإذا كنا نحن المسلمين لا نجرؤ علي إدانة الدينين: اليهودي والمسيحي بسبب ما ارتكبه بعض أتباعهما ضد المسلمين، من قتل وتشريد وعدوان -قديمًا وحديثًا-فلماذا يتحمل الإسلام مسئولية هذه القلة الخارجة علي تعاليمه؟! نقول هذا برغم استنكار المسلمين وإدانتهم الصريحة والمعلنة لجرائم هذه التنظيمات المسلحة في أمريكا وأوروبا، والعالم العربي . وأكد أيضا ضرورة أن نتيقظ إلي أن داعش إن كانت تتمدد اليوم في الشرق الأوسط فإنها سوف تطل برأسها غدًا، في أي مكان في العالم، إذا لم تكن هناك إرادة عالمية جادة للتصدي لهذا الوباء المدمر، ولابد من المصارحة في تحليل الأسباب التي أدت إلي ظهوره وتمدده السريع، والتي تقف وراءها سياسات كبري مشبوهة أيضًا، تدعمه بطريقة أو بأخري بالقوة وبالمال الذي لو أنفق نصفه أو ربعه في محاربة الفقر والجهل والمرض في العالم الثالث لسعدت البشرية شرقًا وغربًا. وأوضح الطيب أنه بات من الضروري أن تتحول هذه العلاقة بين الشرق والغرب إلي علاقة سلام وتعارف يقوم علي الاحترام المتبادل للخصوصيات والعقائد والهويات والثقافات المختلفة، ولابد قبل كل ذلك من الشعور بالأخوة العالمية والإنسانية . وأشار في كلمته أيضا إلي أن منهج التعليم الذي يتلقاه الطلاب في الأزهر، منذ الطفولة وحتي التخرج من الجامعة، منهج يقوم علي تعدد الآراء واختلاف وجهات النظر، ودراسة المذاهب المختلفة، وكلها قائم علي الرأي والرأي الآخر الذي قد يصل إلي درجة التعارض، وبهذا المنهج يتعلم التلميذ، أن هذه الآراء المختلفة كلها آراء صحيحة وتعبر عن الإسلام تعبيرًا صحيحًا، مما يرسخ في التكوين العقلي المبكر لطلاب الأزهر قبول الرأي والرأي الآخر، وتكسبهم ملكة التحرر من الانغلاق في رأي واحد أو مذهب واحد .