منذ أكثر من شهر عمدت الوزارة والمسئولون إلى التهديد اليومى لمن يغش فى الامتحانات ، وإيقاع أقصى العقوبة على من يحمل تليفون محمولا، كما لو أن الطالب متهم حتى تثبت إدانته، ذلك دون مراعاة الحالة النفسية الصعبة للطالب وأسرته على مدى عام طويل من استنزاف كل موارد الأسرة، ولأول مرة نجد الوزير لا يخاطب الطلاب بود وهدوء كما هى العادة كل عام ، بل يوجه كلمة فى صباح أول يوم فى الامتحان، فيها تحذيرات شديدة اللهجة، تزيد التوتر ،وتشتت انتباه الطالب عن إجادة الإجابة ، مع اجماع الطلاب على سهولة الامتحانات حتى لمن لم يذاكر. الدكتور حسنى السيد الأستاذ بمركز البحوث التربوية ، يرى أن طريقة إدارة الامتحان هذا العام تفتقدالأسلوب التربوى من الأساس برغم أنها وزارة للتربية وهى نموذج ، فإن عملية تفتيش الطالب بالتفصيل فيه إهانة لكرامته والدور المطلوب فى تربيته ، عندما يجد حالة من المطاردة والتخوين ممن يمثلون له القدوة فى الاحترام ، فالغريب أن الوزارة تذكر ليل نهار أنها ستوقع عقابا مضاعفا على الطالب الذى يغش أوحتى يدخل بالموبايل ،فى حين أنه من البديهى أن من يفعل ذلك يقع تحت طائلة القانون ببساطة ، والطالب يعرف ذلك جيدا منذ كان فى الصف الأول الإبتدائى ، كما أن طالب الثانوية العامة الذى يطمح لمستقبل كبير لا يمكن أن يغش فقد أنفق أهله كل مايمتلكون من أجل أن يتفوق ، أما الطالب الذى يريد الغش ولم يذاكر فلن يحقق أى مجموع ونجاحه هنا يكون خسارة عليه ، ومع ذلك فإن الجولة الأولى من الامتحان والخاصة باللغة العربية ،أثبتت أن الوزارة أدارت لأول مرة فى تاريخ الثانوية العامة الامتحانات بطريقة الملف الأمنى وليس التربوى النموذج للتربية ،فالإجراءات الصارمة أو الصادمة تحمل صفة الاتهام لكل الطلاب ،ومع كل هذا الاحتراز تمكن بعض الطلاب من الغش سواء الكترونيا أو بالطرق التقليدية البدائية مثل كتابة الموضوع على القلم بسن الفرجار الحاد ، أو المسطرة الداكنة وتلمع بتعرضها للضوء وغيرها الكثير ،أوحتى بالميكروفون ،والقضية هنا أن تكون الوزارة متوازنة فى التعامل مع الطالب المستهلك نفسيا وعصبيا طوال العام ،بل إن أول القصيدة أن نشرت مادة الامتحان بالكامل وإجاباتها على مواقع التوصل الاجتماعى مع بداية الإمتحان .بما يدل على أن هناك حيلا يمكن اللجوء إليها ولكن الطالب يمكن ألا يغش أى شئ بالإقناع والاحترام واعطائه الثقة ، فإذا خرج عن ذلك فهو يعرف النتيجة ، والمهم أيضا أن الملاحظ يكون لديه ضمير ولا يغشش بغرض انتهاء الأولاد مبكرا ، لأن أمامه مواصلات مثلا فيعطى الإجابة كاملة للطلاب أو يسمح لهم بالغش. وأضاف أستاذ التربوى أن معالجة الوزارة وإدارتها للامتحان هذا العام لا يتناسب ودورها فى التعليم وهى نموذج للطالب، فالامتحان له هد ف تربوى فى تعليم النظام والاحترام والكرامة، وأنه بالأسلوب الحالى يثير عدم ثقة واحترام الطالب وهدم القيم لديه، فضلا عن التوتر . أما الدكتور أحمد حجى أستاذ الإدارة التعليمية وعميد تربية حلوان سابقا، فيرى أن أسلوب الإمتحانات فيه قصور كبير، فالمشكلة ليست امتحان الثانوية العامة، لأن التعليم منظومة شاملة تحتاج التطوير فهذا امتحان وليس تقويما ،فنبدأبتغيير المناهج التى لم تتغير منذ 30 عاما، فالعملية ليست موبايل ،لأن الغش ظل طوال السنين السابقة ومازال مستمرا، ويجب ألا ننظر للجزئيات ،ولكن للمنظومة كاملة فالإمتحان لا يعبر عن المستوى ، فالطالب يصير لصا لأننا ربطنا مستقبله بحفظ مادة شربها من المدرس ، وهذا يدعونا للتفكير فى تطبيق الإمتحان المفتوح والذى يكون الكتاب مع الطالب، وتوضع له أسئلة على درجة عالية من الفنية تظهر إمكاناته الفكرية والذكائية ، ونتجنب الحفظ والتلقين مثلما يحدث عالميا. ويصف الدكتور محمد صالح أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، أن ما يحدث للطلاب عبارة عن حصار وأن المسئولين يديرون الأحداث بمفاهيم لا ترتبط بأهداف الوزارة فى التربية، فالإمتحان نفسه وسيلة تعليم وتقويم، ومن شأن هذه اللهجة أن تنشئ جيلا مليئا بالكراهية، يميل للخداع فليس هناك منطق عادى أن تقول لابنك: لا تدخن وهو لم يدخن، كما لو أنك تطلب منه أن يفعل ذلك، فالامتحان تنظيم لإعداد طالب للمجتمع ،ومن أساسياته أن يكون فى مستوى الطالب ومن مادة الكتاب وأسئلته ،والطالب المذاكر إذا حاول الغش يحدث له تشتت ،ومع ذلك كانت هناك 25 محاولة غش بامتحان اللغة العربية، و19 بالإنجليزية ،منها الكتابة على البنطلون ،أو باستخدام ساعة موبايل،وبلاك بيرى أو قلم بكاميرا، كما أصيب 27 طالبا وطالبة بهبوط عام بالقلب نتيجة الاجهاد والتوتر والخوف ،وتوفيت فتاة منهم فى شبرا ،وأشارت أجهزة الإعلام والتواصل الاجتماعى إلى أن (أول القصيدة كفر)، ويقصدون أن الوزارة تحدثت كثيرا عن منع الغش ولم تتمكن من منعه ، ومع ذلك لم تمنع الغش الألكترونى ، بل إن 3 طلاب صوروا ورقة الأسئلة على صفحة اسمها:(بلوتو) وأخرى (غشاشون فدائيون )، و (غششنى شكرا) وأخرى باسم (شاومينج بيغشش) و(عبيل واديلو)، و (تويت لجنة)، وذلك برغم الإعلان عن ضبط بعض من يديرونها، كما أشارت تقارير الوزارة إلى أنها ضبطت 25 جهازا محمولا فى داخل اللجان وجهاز ارسال واستقبال، فالغت امتحان 6 طلاب. كما اشتكى طلاب بالقاهرة الكبرى من تعطيل عملية التفتيش لهم بالعصا الالكترونية وتأخيرهم عن بدء اللجنة فى موعيدها بنحو نصف الساعة ولم تعوضهم اللجنة.