بالرغم من وجود إنجازات عديدة لمسها المواطن المصرى على ارض الواقع خلال العام الماضى من الرئاسة، إلا أن التعليم يظل واحداً من اهم التحديات التى لم تصل لها يد التطوير والتحديث بشكل كاف، فحتى مع وضع الخطط الأستراتيجية، واطلاق الإجتماعات، وصدور القرارات، وظهور انواع متعددة من التعليم فى مصر، كالمدارس الرسمية، والتجريبية، والأزهرية، وكذلك المدارس الخاصة، والدولية، وايضا ًوجود التعليم الجامعى الحكومي، وإنشاء جامعات خاصة بمصروفات، إلا أن محصلة كل ما سبق هى تعليم اساسى يعانى فيه الطالب والمدرس والأهل، واخر جامعى يجاهد ليلحق بقائمة افضل الجامعات. والسؤال:؛ لماذا لم نلحق بركب من كانوا خلفنا ولكنهم سبقونا فى تطوير التعليم؟ وما هى بأختصار الروشته التى يمكن أن تقدم علاجا سريعا لوضع تفاقم على مدار سنوات سابقة؟ الإجابة جاءت على لسان الخبراء …
الأولوية للتعليم " هكذا بدأت الدكتورة نادية جمال الدين الأستاذ بمعهد البحوث التربوية بجامعة القاهرة، حديثها حول التحديات التى تواجه التعليم وتطويره، مؤكدة على أن اى مجتمع لا يتقدم من دون أن يكون التعليم أهم اولوياته، فالتعليم الجيد هو الذى يؤدى إلى انطلاق الاقتصاد المبنى على العلم، والعلم والمعرفة تبنى فى الجامعة، ولذلك تؤكد جمال الدين على ضرورة التوسع فى التعليم الجامعى وإتاحته لكل من يرغب ويقدر. وترى أن التعليم هو العمود الفقرى لواحد من أهم مطالب الثورة التى رفعت شعار "العيش والحرية والعدالة الأجتماعية" وتلك الأخيرة لا تتحقق إلا بالتعليم لأنه بطبيعته سلم اجتماعى يفتح الأبواب امام جميع طبقات المجتمع وفئاته ولنتحول إلى مجتمع المعرفة الذى يرتكز على نتائج البحث العلمى والاستفادة منها فى جميع مجالات الحياة. تشدد ايضاً الأستاذ بمعهد البحوث التربوية على ضرورة الاستمرار فى الحفاظ على مكتسبات ثورة يوليو 52 وهى مجانية التعليم والتى اكد عليها دستور 2014، وكذلك الأهتمام بالتعليم الفنى الذى لا ينبغى أن يؤدى إلى تميز طبقى ولابد أن يكون مرتبطا بالتغيرات التكنولوجيا المتقدمه فى زمننا هذا والتى تختلف عن نوعية التعليم الفنى المقدم فى المدارس المصرية الأن وتقول:"إننا فى حاجة إلى تعليم تقنى مرتفع المستوى يسمح لمن يتعلمه أن يجد فرصة عمل متميزة ويسمح له بالارتقاء الاجتماعي" وتضيف الدكتورة نادية :" اهم ما نتمناه ولم يتحقق بعد فهو النظر فى انواع المدارس فى مصر" فهناك مدارس ازهرية، وتعليم عام، وخاص، ومدارس دولية استثمارية، واخرى فنية، وترى أن كل هذا يؤدى إلى ايجاد مجتمع غير متماسك، بينما، من وظائف التعليم الأساسية تحقيق التماسك الاجتماعى والسماح بالحراك الاجتماعى وبالتالى نحن نتطلع منذ ثورتنا المباركة التى تصدى الشعب للقيام بها والمسانده لها مذ 30 يونية لتحقيق الأنجاز الاكبر للمجتمع المصرى وهو مجتمع عادل لن يتساوى فيه الجميع إلا بالتعليم. وتشير جمال الدين إلى أن العديد من الدول سبقتنا فى مجال تطوير التعليم والسبب من وجهة نظرها أن الكثير ممن يتصدون للتعليم ليسوا من المتخصصين فيه أو انهم لا يقدمون اراء وافكارا جديدة، وترى أن الحل فى الدعوى إلى مؤتمرعام يجتمع فيه كافة المتخصصين والخبراء والمشهود لهم فى التعليم بالكفاءة ومن دون تحيز لكى يقدموا افكارهم التى يمكن أن تسير بالتعليم إلى الامام. اما الدكتور كمال مغيث الخبير والباحث بالمركز القومى للبحوث التربوية، فيرى أن بداية العلاج تنطلق من معرفة اسباب تخلفنا عن باقى الدول، فالتعليم المصرى تعرض خلال 30 سنة من حكم مبارك إلى عملية تخريب متعمد، عن طريق قطع الصلة بين خريجى التعليم ومجالات العمل الأمر الذى ترتب عليه بطاله بنسبة كبيرة وبأعداد هائلة بين المتعلمين، وهو الأمر الذى افقد التعليم قيمته وجدواها. ويضاف لذلك التخريب فى نٌظم التعليم، حيث تم انشاء نظامين، احدهما لا يضم سوى 5٪ فقط من ابناء رجال الأعمال فى المدارس الخاصة والدولية ذات المصروفات العالية وايضاً الجامعات الخاصة، اما ال 95٪ الباقية من ابناء الشعب، فقد تم تخريب تعليمهم عن عمد ويقول:"اصبحنا فى ذيل قائمة التصنيفات ولا نتجاوز العشر دول الاخيرة فى اى قائمة ترصد تطوير التعليم" واضاف الخبير والباحث بالمركز القومى للبحوث التربوية أن هناك خللا فى العملية التعليمة سمح بوجود نحو 204 آلاف تلميذ فى الابتدائى حصلوا على "صفر" فى امتحان الإملاء وفقاً لتصريحات وزير التربية والتعليم، واشار إلى أن مثل تلك الارقام والتى يعلمها القائمون على التعليم فى مصر منذ عشر سنوات، هى التى وضعت مصر فى المرتبه قبل الأخيرة فى كفاءة التعليم وفقاً لتقرير نشر عن منتدى دافوس منذ فترة. ويرى أن الإرادة السياسية لتطوير التعليم هى الدافع الأساسى للنهوض به وهو ما تحقق لدول اخرى كانت متخلفة عنا ولكنها استطاعت أن تعمل على تطوير تعليم يليق بتلك الدول ويلبى طموحاتها. اما اهم التحديات التى يرصدها مغيث فهو تدهور ميزانية التعليم حيث يصرف على التعليم قبل الجامعى 60 مليار جنية تنفق على 20 مليون طالب يصبح نصيب الطالب 3000 جنية فى السنة تنفق منها نحو 85 ٪ منه كأجر هزيل وتافه للمعلم ولا يتبقى سوى 400 جنيه للطالب تنفق على مختلف مفردات التعليم وهذا لا يكفي، بينما يصل هذا الرقم فى الدول المتقدمه لنحو 5000 دولار وهى دول لا تملك مشاكل فى البنيه الاساسية كمصر. ويشير إلى أن خطورة هذا التحدى انه يلقى بظلاله على مختلف مفردات العملية التعليمة وارتباطه بضعف الادارة فى المدارس التى لا تسطيع أن تطالب المدرس بجهد اكثر مقابل مرتب هزيل لا يمثل خمس الذى كان يحصل عليه المدرس فى الستينات وفقاً للقوى الشرائية، وينعكس هذا التحدى ايضاً على التوسع فى بناء المدارس الذى لا يتم بشكل كاف فارتفعت كثافة الفصول وكل هذا ادى إلى نسق تعليمى رخيص معتمد على الحفظ فقط.