يا زوجتى الغائبة بعيداً أتوهم فى ليلى أن النوم عميق لكنى أستيقظ كل صباح عند الفجر فتطل مع الفجر قصيدة تسألنى عنكِ لا أبكي أذهب لحظات لسريرك تستيقظ منه قصيدة وتقول “صباح الخير” .... بهذه الأبيات من قصيدة “رضوي”، رثا الشاعر الفلسطينى “مريد البرغوثي” زوجته الكاتبة الراحلة “رضوى عاشور”، وذلك فى حفل توقيع آخر كتاب لها، والذى يحمل عنوان “الصرخة”، فى ساقية الصاوى بالزمالك، لإحياء ذكرى ميلادها، اكتظت القاعة بالحاضرين، كما لو كانت “رضوى عاشور” حاضرة بشخصها، وقال البرغوثى “سأسمح لنفسى بأن أقرأ هذه القصيدة، والتى نُشرت عام 1973 على ثلاث أجزاء لمدة ثلاث شهور فى مجلة الكاتب، وهذا الجزء عندما سافرت رضوى لإتمام رسالة الدكتوراه”، وأشار إلى أنه لم يحدث بأن قام بقراءتها من قبل، ولكن اليوم قد جاء وقتها، ووصف الحاضرين بأنهم “موجودون فى ضيافة السيدة التى أحبت الناس والبلد والطلبة والكتابة وشخصيات رواياتها، وذكر أنها كانت عاشقة للشباب وتردد دائماً “أنا أعرف هذا الجيل، أنا أدرس له منذ عشرات السنين”، وكانت تصفهم “دول ناس حلوين وهاييجى منهم”، وعندما انطلقت ثورة 25 يناير كانت تشعر بأنها فازت برهان العمر” وطالب “البرغوثي” بأن تكون “هذه الأمسية، أمسية محبة وليست أمسية حزن ويأس، فرسالة رضوى عاشور أبعد ما تكون عن الحزن، وأبعد ما تكون عن اليأس.” بدأت الأمسية بكلمة من الإعلامية “دينا عبد الرحمن”، وصفت فيها الكاتبة الراحلة بأنها من أجمل وجوه الحقيقة, بصدقها ويدها الممتدة للمساعدة والعون، وأشادت بمواقفها الإنسانية العديدة ، وأنها كانت دائماً محفزة وصامدة فى جميع الظروف الصعبة، وكانت تردد بإستمرار “نمقت الهزيمة ولا نقبل بها، فإن قضت علينا نموت كالشجر واقفين، ننجز أمرين كلاهما جميل، شرف المحاولة وخبرات ثمينة، تِركة نخلفها بحرص إلى القادمين”. أما الشاعر “تميم البرغوثي” نجل الكاتبة الراحلة، فلم يجد سوى الشعر ليتحدث عنها به، وبدأ بقصيدة “الكون قفل فجأة”... رضوى عاشور إقتراح بوجود بشر أحسن بسمتها بتقول ياناس جربتها وأمكن لو يخذلوها أشوف وش الصباح يحزن وابوس إيديها أشوف إيد الصباح تنباس.... ورضوى عاشور، روائية وناقدة وأستاذة جامعية، وُلدت فى القاهرة عام 1946 وتوفيت فى 1 ديسمبر 2014 بعد صراع مع المرض، حصلت على الماجستير فى الأدب المقارن عام 1972، ثم الدكتوراه فى الأدب الإفريقى الأمريكى من جامعة ماساتشوستس عام 1975، وقد تُرجمت أعمالها إلى عدة لغات منها الإنجليزية والإسبانية والإيطالية والأندونيسية، وحصدت أعمالها العديد من الجوائز، منها جائزة سلطان العويس للرواية والقصة عام 2012، وجائزة أحسن رواية من معرض القاهرة للكتاب عام 1994 عن “ثلاثية غرناطة”، والجائزة الأولى للمعرض الأول لكتاب المرأة العربية عام 1995، كما أشرفت على ترجمة الجزء التاسع من موسوعة كامبريدج فى النقد الأدبى عام 2005. ومن أهم أعمالها أيضاً روايات: خديجة وسوسن وسراج، حجر دافئ، ورأيت النخل، أطياف، قطعة من أوروبا، الطنطورية، ورواية “أثقل من رضوي” وهى الجزء الأول من رواية “الصرخة” التى تم الإحتفال بتوقيعها فى هذه الأمسية، وكان الجزء الأول “أثقل من رضوي” يتناول تجربة الكاتبة مع المرحلة الأولى من مرضها والعلاج، وما كان يجرى فى مصر من أحداث بين عامى 2010 و 2013، وفى الجزء الثانى “الصرخة” تكمل رضوى عاشور تجربتها بعد عودة المرض مع ماجرى فى مصر فى هذه الفترة، وقد توقفت عن الكتابة فى سبتمبر 2014، وقامت أسرتها بنشرها كما هى بدون تدخل من جانبهم، أما العنوان فهى التى قامت بإختياره. رضوى عاشور ظلت وستظل رواية لا تنتهي، عاشت تحلم بالحرية، وحملت ابتسامة تفصاؤل لمستقبل مصر وشعبها.