مع بداية فصل الربيع يدخل "ربيع العرب" عامه الثاني وسط أجواء توتر دينية جعلته أقرب إلى "الخريف الديني". ففي الوقت الذي تشهد فيه تونس اعتداءات متتالية على المقدسات الدينية في البلاد، يرفع سلفيون سقف مطالبهم، بالدعوة إلى إقامة «دولة الخلافة»، وجددوا مطالبهم بإدراج الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي للتشريع فى الدستور التونسي الجديد. ولذا وتحت شعار "التصدي لكل أشكال التوظيف السياسي للدين" تم تأسيس ائتلافاً تحت اسم "الجبهة الشعبية 14 يناير" لمواصلة النضال الثوري، واتهمت الجبهة الائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة الإسلامية بالالتفاف على المسار الثوري للشعب التونسي. وفى ليبيا، أثارت مسألة هدم الأضرحة ضيق وغضب الكثيرين الذين رفضوا ما وصفوه بالتطرف الديني، في الوقت الذي اعتبرت فيه جماعات سلفية التبرك بالأضرحة والقبور شكلاً من أشكال الشرك. وفى اليمن، لم يجد تنظيم القاعدة وقتاً أنسب من ذلك حتى يتمكن من السيطرة على المدن اليمنية التي تنتشر فيها الفوضى والغياب الأمني مما نتج عنه مؤشرات تصعيد بين أطراف العملية السياسية في اليمن. المشهد السياسي في مصر لا يختلف كثيرا عن الوضع في كل من تونس وليبيا واليمن فبعد أن تم التكالب علي كراسي البرلمان...نجد التكالب ألان علي وضع الدستور ورئاسة الجمهورية.. يا سادة نحن بصدد وضع دستور جديد للبلاد يستلزم فقهاء دستوريين وليس مرتزقة....يا سادة نحن نحتاج إلي رئيس للجمهورية وليس لداعية أسلامي ليقوم بتحليل وتحريم ما يشاء..يا سادة أن إصرار البرلمان علي تمثيل أعضاء مجلسي الشعب و الشوري بنسبة 50? للجمعية التأسيسية مقابل 50? للشخصيات العامة يعد بحق مخالفة للمبادئ الدستورية...يا سادة الأغلبية البرلمانية الحاليه ...أغلبية موْقته قد تتغير ما بين ليلة وضحاها....ودوام الحال من المحال. يأتي هذا في الوقت الذي طعنت فيه الدستورية العليا في شرعية هذا المجلس أساسا. أن أي دستور ستضعه الغالبية "ساقط لا محالة".... يا سادة الفقه الدستوري يتطلب توافر شروط معينة لعدّ الدستور الذي تضعه الجمعية التأسيسية...ومن تلك الشروط ان تكون الجمعية التأسيسية منتخبة بواسطة الشعب, ان يكون الانتخاب ديمقراطي وحر أي أن يكون الاختيار متعدد أمام الناخبين من جميع الأحزاب السياسية الموجودة, وان تكون علي قدر كبير من الوعي وتضمن وتكفل الحريات العامة.... يا سادة أول شروط الدولة المدنية هو الفصل بين الدين والدولة، فالجمع بين المدني والديني كالجمع بين الزيت والماء، فإما مدنية تقوم على أن "الدين لله والوطن للجميع وإما دينية تقوم على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع"....يا سادة ان الإعلان عن تأسيس أي حزب سياسي على اساس ديني هو مخالف للدستور الحالي برغم وجود المادة الثانية، أي عدم احترام الدستور المصري الذي يمنع تأسيس أحزاب على أساس ديني، فكيف لمن لا يحترم الدستور أن يحترم "مدنية الدولة"؟. ...يا سادة ان اجتياح التيار "المتأسلم" يهدد مستقبل مصر المدنية. والتاريخ لا يعرف أنصاف الحلول، ولا يمكن أن تجمع مصر بين الدولة الدينية والمدنية معا....يا سادة انتخاب التيار الديني ليس نصرة للدين الاسلامي ولن يدخلكم الجنة من أوسع باب....يا سادة أن انتخاب غيرهم ليس بكفر....الدولة المدنية ليست ببدعة....الديمقراطية ليست بضلال...و الحريات الشخصية أمر مكفول للجميع. الدولة المدنية هي الدولة التي تقوم على سيادة القانون وعلى المؤسسات وعلى التخطيط العلمي والمستقبلي وعلى احترام حرية الفرد، وحرية التعبير والإعلام، وحرية العقيدة، واحترام مبدأ الفصل بين الدين والدولة ومبدأ المواطنة والمساواة الكاملة بين جميع المواطنين، بين الرجل والمرأة، وبين المسلم والمسيحي وبين كل الفئات بغض النظر عن حجمها أو تأثيرها أو دورها. ان مصر لن تقوم لها قائمة الا إذا قام المثقفون بأنتفاضه بعيدا عن دغدغة مشاعر الأخرين واللعب على وتر الدين. أن مصر تمثل رمانة الميزان في التوازنات الإقليمية والدولية...مصر هي قلب الأمة النابض...مصر هي مهد الحضارات...مصر هي الفن والموسيقي والرسم والنحت...مصر هي القدوة...مصر هي القوة...مصر هي قلب العروبة...مصر هي ارض الأنبياء...مصر هي المثال الحي للتعددية والوسطية....مصر هي ام الدنيا...فلا تهينوها....كفاكم!!. [email protected] المزيد من مقالات رانيا حفنى