رحلت فى هدوء، تاركة وراءها تاريخا واسما محفورا فى عالم الإبداع، سيظل يذكرها ويذكرنا بها، انها الفنانة القديرة عايدة عبد الكريم، التى غابت عن دنيانا الأسبوع الماضى عن عمر يناهز التاسعة والثمانين، بعد حياة حافلة بالفن والإبداع والانجازات. ولدت الفنانة عايدة عبد الكريم عام 1926، حصلت على دبلوم المعهد العالى لمعلمات الفنون الجميلة عام 1947، لتحصل فى عام 1955 علي دراسة عليا فى النحت الخزفى من الجامعة الكاثوليكية بواشنطن، ثم دبلوم الدراسات العليا للنحت من أكاديمية الفنون الجميلة بالمجر عام 1970.. تدرجت الفنانة فى وظائف التدريس بكلية التربية الفنية"جامعة حلوان" حتى شغلت منصب رئيسة قسم النحت والخزف، بعدها أصبحت أستاذ متفرغ بقسم التشكيل المجسم بالكلية. تعتبر عايدة عبدالكريم رائدة فن النحت على الزجاج ومن أهم رموز الحركة التشكيلية فى مصر، تزوجت من الفنان زكريا الخنانى الذى لقب ب"عاشق الزجاج"، لأنه تأثر كثيراً بالخزف والزجاج المصرى القديم وأعاد اكتشاف عجينة الزجاج والخزف، واستخدمها فى تشكيلات فنية بتصميمات معاصرة . احبا الفنانان هذا الفن وكونا ثنائيا مبدعا، وكانا يراودهما حلم إنشاء متحف لفن النحت الزجاجي، وبالفعل قاما باقتناء قطعة ارض فى منطقة الحرانية، وشيدا عليها منزلا أصبح فيما بعد ورشه فنية، وبعد ثلاثة وأربعين عاما تحول الى متحف يضم أعمالهما وهو " متحف فن الزجاج والنحت والعجائن المصرية لزكريا الخنانى وعايدة عبد الكريم" الذى يعتبر فريدا من نوعه فى الشرق الأوسط والوحيد فى مصر ويحتوى المتحف على أكتر من 1000 قطعة فنية، ما بين فن الزجاج والحلى والنحت. كما يضم أيضا مركز لتعليم فن الزجاج والخزف، وقد لاقى تقديرات عالمية ونال العديد من الجوائز وأغلب رواده من الأجانب ضمن رحلاتهم السياحية للأهرامات وسقارة. وقد قامت الفنانة بإهداء المتحف بجميع مقتنياته لوزارة الثقافة المصرية، ليظل مركز تنويرى وتعليمى لانتاج أجيال من المبدعين. وقد اوصت الراحلة عايده عبد الكريم باستمرار العمل فى المتحف والورشة والجاليرى ...ومساعدة الفنانين واكتشاف المواهب الفنية الجديدة والاستمرار فى تكمله رسالتها ومشوارها وزوجها الراحل. وقد نعاها وزير الثقافة الدكتور عبدالواحد النبوى بقوله:الفنانة عايدة عبدالكريم قامة وقيمة كبيرة للفن التشكيلى خاصة والثقافة المصرية عامة، وبرحيلها نكون قد فقدنا رمزا من رموزنا، فقد قدمت خلال تاريخها الفنى النموذج والقدوة للفنان العاشق للفن ،واضاف أن الفن خسر بغيابها فنانة مثقفة متألقة لها بصمتها الخاصة، لكنها ستبقى ذكرى جميلة فى وجداننا ومدعاة فخر لكل الفنانين، حيث أسهمت على مدار أكثر من 50 عاما فى إثراء الحركة التشكيلية المصرية وكانت نموذجا للمرأة المصرية المبدعة.