لايزال مسلسل تهريب العملة الصعبة من مصر ، ولكن هذه المرة من خلال وسائل جديدة على السوق ، فبعد ان نجح البنك المركزى فى تطبيق ضوابط الحد الأقصى للايداع اليومى – 10 آلاف دولار يوميا و50 ألفا شهريا – والتى اسفرت عن القضاء على السوق السوداء والمضاربات ، وفشلت السوق السوداء فى ان تطل برأسها من جديد ، لم يعدم هؤلاء وسيلة لتهريب العملة الصعبة ، ولكن بمخاطرة عالية ، حيث يتم دفع قيمة الدولار بالجنيه فى مصر بزيادة 4 % على السعر الموجود بشركات الصرافة ، على ان يستلمه فى الخارج . وكما يروى احد رجال الصناعة المتضررين من دخول المنتجات المنافسة التى لاتخضع لرقابة وغير مطابقة لمواصفات الجودة ، فإن عمليات تدبير الدولار وتسليمه فى الخارج تتم من خلال تهريبه من بعض المنافذ الجمركية ، او حصيلة التصدير التى يقوم اصحابها باحتجازه فى الخارج وعدم تحويله عن طريق الجهاز المصرفى للاستفادة من فارق السعر . وتبدأ القصة بالمذكرة التى تقدم بها مصطفى عبد المنعم رئيس أحد المصانع المنتجة للصناعات المغذية للسيارات ، الى وزارة الصناعة والتجارة ، حول دخول السوق المصرية دراجات بخارية هندية ، وصينية بأسعار متدنية جدا ، واقل من تكلفتها الحقيقية ، بسبب قيام الشركة المصرية المستوردة " المصرية الدولية لصناعة وسائل النقل الخفيف " بسبب دخول منتجاته دون تفتيش جمركى او معاينة للحاويات من ميناء العين السخنة ، وهو ما يمكنها من دفع جمارك على 25 % من اجمالى المنتجات فقط . وهو ما يمثل قيمة تحويل العملة من خلال البنوك " نموذج 4" لتمويل العملة والذى بناء عليه يدفع مصاريف ادارية لوزارة الصناعة والتجارة ،اما قيمة باقى المنتجات المستوردة والتى تمثل ثلاثة اضعاف ماتم دفع الرسوم ، وهى مربط الفرس والتى تطرح التساؤل حول سبل تدبير الدولار لتغطية قيمتها ؟ المذكرة لم تذكر او تتحدث عن عملية شراء الدولار بالخارج مقابل دفع سعره بالداخل بزيادة 4 % ، ولكن السؤال فرض نفسه فى كيفية تغطية قيمة الممنتجات التى شملتها الحاويات ، والتى تزيد كثيرا على " النموذج 4 " الذى يتضمن تمويل البنك للعملة الأجنبية قيمة الاستيراد .. وهو ما اوضحه احد المستوردين ، حيث اشار الى ان هذا الامر اخذ وسيلة جديدة فى الوقت الراهن حيث يتم شراء الدولار فى الداخل بزيادة 4 % حاليا مقابل استلامه من خلال بعض البنوك فى الخارج ، واضاف ان نسبة الزيادة ارتفعت من 2.5 % الى 4 % ، بعد ان تم هدم الأنفاق مع غزة ، حيث ترتب على ذلك صعوبة تهريب الدولار، فقد كانت الانفاق تساعد فى تهريب العملات الأجنبية الى هناك ليتم تحويلها بعد ذلك الى اى بنك فى الخارج فى حساب المشترى ، لافتا الى ان عملية التهريب فى الوقت الحالى اصبحت صعبة ، حيث تتم من خلال المنافذ الجمركية ، اضافة الى تدبير الدولار من حصيلة بعض المصدرين الذين يحتجزونها فى الخارج . ولاشك ان شراء الدولار بالخارج تتم من اجل استيراد بعض السلع والمنتجات الترفيهية ، ولكن لن يتحقق ذلك دون التلاعب والتهرب من الجمارك ، لأن قيمة هذه المنتجات لا يتضمنها نموذج 4 الخاص بتمويل البنوك للعملة بغرض الاستيراد ، وهو ما يحدد حجم وعدد المنتجات المستوردة ، وهذا الأمر تؤكده وتدلل عليه المذكرة المقدمة الى وزارة الصناعة والتجارة حول الموتسيكلات المهربة دون دفع رسوم جمركية عليها، حيث تشير الى ان حجم استيراد الشركة المذكورة التى تتهمها بالتهرب من الجمارك، بشحن 8 آلاف الى 12 الف موتسيكل شهريا من الصين لحساب هذه الشركة ، ولكن الشهادة الجمركية يتم اقرار كميات تخالف الواقع ، اضافة الىالتلاعب فى الأسعار، وتدلل على ذلك عمليا برسالتين جمركيتين تم التحفظ عليهما فى ميناء العين السخنة، بأرقام 10707، و10711، والمستندات يتم التحقيق بشأنها من جانب لجنة تم تشكليها، حيث اكد تقرير اللجنة وجود تلاعب فى اسعار الشحنتين فى الكميات واسعار المنتجات ، وأن اوراق المستندات لدى مدير منطقة القناة الجمركية يحيى جاب الله .، وتضمن تقرير اللجنة وجود فواتير مصطنعة ، تخالف واقع المعاينة ، فى الكميات والاسعار ، حيث تقل الاسعار بنحو 50٪ كما ان الفواتير المقدمة مبدئية وليست نهائية مما يمكن الشركة المستوردة من التلاعب بشأن نموذج 4 الخاص بتمويل البنك لعملية الاستيراد ، والذى يحدد كمية الاستيراد الحقيقية . عمليات التلاعب هذه وتهريب العملة والتهرب من الرسوم الجمركية ، لا تمثل استنزافا للاقتصاد وإهدار للاستخدام الأمثل للعملات الصعبة، والالتفاف على قرارات وضوابط البنك المركزى لاستقرار سوق الصرف ، ودخول العملات الصعبة عبر القنوات الطبيعية داخل الجهاز المصرفى ،ولكن بدخول سلع رديئة بأقل من اسعارها الحقيقية ، وبدون رسوم جمركية ،مما يهدر الصناعة ويضربها فى مقتل ، بمنافسة غير عادلة ، الى جانب إهدار الموارد السيادية للدولة ، وقبل ذلك ايضا يمثل تهديدا للأمن من خلال عدم إخطار المرور بأرقام شاسيهات الموتسيكلات المهربة كما ينص القانون والقرارات الوزارية .