انتظام فتح جميع اللجان في اليوم الثاني لجولة إعادة انتخابات النواب بالبحيرة    وليد رمضان: مبادرة «بناء مصُدر» تستهدف الشباب الواعد    تأثير خفض سعر الفائدة 1% على السوق والأسعار.. خبير يوضح    المشاط تعقد اجتماعا موسعا مع مؤسسات التمويل الدولية لتحفيز الاستثمارات بمشروعات تحلية المياه    «معلومات الوزراء» يستعرض التوقعات الدولية لمستقبل السياحة العالمية خلال عام 2026    «التضامن» تعلن إطلاق قافلة مساعدات إنسانية لدعم الأشقاء في السودان    بدء الاجتماع الطارئ على مستوى المندوبين الدائمين بالجامعة العربية    بعد ثلاثية نيجيريا، تونس تخشى سيناريو 2013 في أمم إفريقيا    الداخلية تنفي وفاة متهم بالتعذيب في الجيزة وتؤكد عدم وجود شبهة جنائية    ضبط شخصين بسوهاج لتوزيعهما أموالاً على الناخبين لدفعهم للتصويت    حقيقة اختطاف أجنبي بالقاهرة.. الداخلية تكشف تفاصيل الواقعة    ضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة فى حملات أمنية موسعة على مستوى الجمهورية    فن الحرب، يوسف الشريف ينشر أول صور من كواليس مسلسله الجديد    رمضان 2026| صراعات عائلية تهدد الإمبراطورية لماجد المصري في «أولاد الراعي»    رد ناري من عمر الفيشاوي على أزمة شقيقه مع المصورين في عزاء والدتهم    أمم أفريقيا 2025.. تشكيل بوركينا فاسو المتوقع أمام الجزائر    البورصة تستهل بارتفاع جماعي للمؤشرات كافة اليوم 28 ديسمبر 2025    وزير الصناعة يزور مقر سلطة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي ويشهد توقيع عدد من الاتفاقيات    البنك الأهلي يواجه إنبي في صراع التأهل لربع نهائي كأس مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 28-12-2025 في محافظة الأقصر    التكلفة الاستثمارية لمنظومة التأمين الصحي الشامل بمحافظات القناة تسجل 27.5 مليار جنيه    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام الطعام" بالمنوفية لمساعدة الأسر الأولى بالرعاية    21 مواطنًا يحصلون على جنسيات أجنبية مع الاحتفاظ بالجنسية المصرية    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    أمم إفريقيا - طرابلسي: الهزيمة أمام نيجيريا مؤلمة لكنها أثبت قدرتنا على منافسة أي خصم    8 أبطال بجنوب سيناء يصعدون للمشاركة في تصفيات أولمبياد المحافظات الحدودية بالوادي الجديد    العراق يتسلم 6 مروحيات "كاراكال" فرنسية لتعزيز الدفاع الجوي    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 28 ديسمبر 2025 فى المنيا    وزيرة التضامن تطلق قافلة مساعدات إنسانية لدعم الأشقاء في السودان    يسبب سرطان المعدة والسمنة.. وزارة الصحة تحذر من الإفراط فى تناول الملح    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    القبض على أحد أعضاء خلية سرايا الجواد في الساحل السوري    حبس مها الصغير شهر بتهمة سرقة لوحات لفنانين أوروبيين وتغريمها 10 آلاف جنيه    كيف ينتج تنظيم الإخوان ازدواجيته.. ثم يخفيها وينكرها؟    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    لماذا يجب أن تبقى مجلة روزاليوسف؟    2025.. عام المشروعات الاستثنائية    كاسات الزبادي بالفواكه والمكسرات والعسل، فطار خفيف أو سناك مشبع    المشدد 15 سنة لعامل خطف شخصا واحتجزه بسبب خلافات مالية بالإسكندرية    مجلس جامعة القاهرة يعلن عن نظام «ساعات المشاركة المجتمعية» وتطبيقه على الطلاب الجدد    شريف الشربيني يشارك في اجتماع لجنة الإسكان بمجلس الشيوخ اليوم    إصابة شخصان إثر تصادم ميكروباص مع توك توك بقنا    عبد الفتاح عبد المنعم: الصحافة المصرية متضامنة بشكل كامل مع الشعب الفلسطينى    نيللي كريم وداليا مصطفى تسيطران على جوجل: شائعات ونجاحات تُشعل الجدل    محمد معيط: العجز في الموازنة 1.5 تريليون جنيه.. وأنا مضطر علشان البلد تفضل ماشية استلف هذا المبلغ    أمطار ورياح قوية... «الأرصاد» تدعو المواطنين للحذر في هذه المحافظات    فيديو جراف| تسعة أفلام صنعت «فيلسوف السينما».. وداعًا «داود عبد السيد»    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    لافروف: نظام زيلينسكي لا يبدي أي استعداد لمفاوضات بناءة    هل فرط جمال عبد الناصر في السودان؟.. عبد الحليم قنديل يُجيب    لافروف: أوروبا تستعد بشكل علني للحرب مع روسيا    بعد القلب، اكتشاف مذهل لتأثير القهوة والشاي على الجهاز التنفسي    كيف يؤثر التمر على الهضم والسكر ؟    القوات الروسية ترفع العلم الروسي فوق دميتروف في دونيتسك الشعبية    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



افتتاح البرلمان البريطانى .. سياسة ومسرح
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 05 - 2015

ليست هناك مناسبة ملكية - سياسية فى بريطانيا أكثر غرابة وأكثر جذبا للأنظار من افتتاح الملكة للبرلمان الجديد. فهى مناسبة هامة جدا بصريا وسياسيا وتاريخيا.
فبصريا، هى أجمل المناسبات، بدءا من موكب الملكة من قصر بكنجهام، إلى البوابة الملكية لقصر ويستمنستر، إلى «غرفة الروب» الملكية حيث ترتدى الملكة «تاج العرش» ذا ال 2868 قطعة ماس، و«رداء العرش» المخملى القرمزى المطرز بالدنتيل والذهب، فيما عيناها تدوران على حوائط الغرفة الجميلة المعلق عليها بعض أجمل اللوحات فى العالم، جنبا إلى جنب مع نص قرار البرلمان إعدام الملك تشارلز الأول فى رسالة تحذير لكل الملوك بعده من ان هذا سيكون مصير الملك الذى سيحاول الانتقاص من استقلال البرلمان ، وسياسيا هى أهم مناسبات العام. فإفتتاح الملكة للبرلمان هى المناسبة الوحيدة التى يلتقى فيها البرلمان بمجلسيه العموم واللوردات، والملكة، ورئيس الحكومة والمعارضة فى مكان واحد من أجل أن تلقى الملكة خطابا كتبه لها رئيس الوزراء يحدد فيه أولويات حكومته الجديدة.
وتاريخيا هى أعرق التقاليد وأكثرها غرابة. فما زالت الطقوس القديمة تمارس مثل «إحتجاز نائب» من البرلمان ك»رهينة» فى قصر بكنجهام، و»تفتيش الاقبية» فى برلمان ويسمنستر بحثا عن بارود ومفرقعات، و»صفق» باب مجلس العموم فى وجه مبعوث الملك للدلالة على استقلال البرلمان عن التاج الملكي. هذه التقاليد اضيف اليها تقليد آخر حديث ابتدعه دنيس سكينر العضو المخضرم عن حزب العمال فى البرلمان منذ 1970 والمعروف بميوله اليسارية ورفضه للملكية، حيث يستقبل سكينر ممثل الملكة كل عام بعبارة لاذعة تسخر من الملكة وأسرتها والحكومة وبريطانيا كلها.
تقاليد افتتاح البرلمان وخطاب الملك أو الملكة أمامه تعود إلى القرن السادس عشر، لكن التقليد الحديث يعود إلى 1852 بعد إعادة بناء قصر «ويستمنستر» بعد الحريق الذى اندلع فيه عام 1834.
ففى نحو الساعة 11 صباحا تقريبا يسير موكب الملكة من قصر بكنجهام إلى البرلمان فى ويستمنستر. لكن قبل أن تصل الملكة إلى ويستمنستر يجب اتباع تقاليد تاريخية بعينها من بينها أن يقوم الحرس المسلحون بالسيوف والمشاعل بتفتيش أقبية ومخازن ويستمنستر بحثا عن بارود، وهو الاجراء المتبع منذ 1605 عندما خطط متمردون كاثوليك من ضمنهم جاى فوكس لتفجير البرلمان خلال جلسة افتتاحه فى 5 نوفمبر 1605 مستخدمين 36 برميلا من البارود وذلك لقتل الملك البروتستانتى جيمس الأول (1566- 1625) الذى لم يكن متحمسا لإعادة الكنيسة البريطانية للمذهب الكاثوليكي. ومن الطقوس أيضا «النائب الرهينة» وهو طقس ما زال موجودا حتى اليوم ويتم بموجبه احتجاز نائب بارز فى البرلمان فى قصر بكنجهام إلى حين عودة الملكة من البرلمان إلى قصرها سالمة. وهو تقليد يعود تاريخه إلى الملك تشارلز الاول (1600- 1649) الذى كانت علاقته بالبرلمان سيئة جدا وكان الضمان الوحيد كى يعود سالما إلى قصره كلما توجه إلى البرلمان أن يحتجز أحد قادة البرلمان «رهينة».
وبمجرد تفتيش الاقبية واخذ النائب الرهينة تتحرك الملكة من قصر بكنجهام إلى ويستمنستر. وعند دخولها البرلمان يتم إنزال علم الاتحاد البريطانى من فوق برج فيكتوريا ويرفع العلم الملكي، ويظل مرفوعا طوال فترة وجود الملكة فى ويستمنستر. تدخل الملكة إلى البرلمان من «المدخل الملكي» المخصص لها، ثم تتوجه إلى «غرفة الروب» حيث ترتدى التاج الملكى (هناك الكثير من التيجان الملكية منذ القرن الخامس عشر. والنسخة الأحدث من التاج الملكى صنعت عام 1937 وتتكون من 2868 قطعة ماس و273 لؤلؤة، و17 قطعة ياقوت، و11 قطعة زمرد). ثم ترتدى «رداء العرش» الرسمى وهو الرداء الذى ارتدته عند تتويجها فى الخمسينيات.
بعد ذلك تسير الملكة عبر غرفة «الجاليري» حيث بعض أجمل الوحات والأعمال الفنية التى تمتلكها العائلة المالكة (البعض يقدر قيمة اللوحات الفنية التى تمتلكها العائلة المالكة بنحو 10 مليارات جنيه استرليني)، حتى تصل إلى قاعة مجلس اللوردات. وقبل أن تلقى الملكة الخطاب الذى يحدد أولويات الحكومة الجديدة، يرسل مجلس اللوردات مسؤولا بارزا يعرف تقليديا باسم «رود الاسود» لإستدعاء أعضاء مجلس العموم المنتخب للمثول أمام الملكة فى مجلس اللوردات.
لكن وبمجرد أن يقترب «رود الاسود» من غرفة مجلس العموم، يصفق النواب الباب فى وجهه بقسوة فى تقليد يعود لزمن الحرب الاهلية البريطانية (1642- 1651)، فى خطوة ترمز إلى استقلالية مجلس العموم عن المؤسسة الملكية. فيقوم «رود الاسود» بطرق باب مجلس العموم ثلاث مرات بعصا قبل أن يتم فتحه، وبعد ان يحنى رأسه احتراما للنواب، يوجه كلامه لاعضاء مجلس العموم قائلا إن الملكة تستدعيهم إلى مجلس اللوردات كى يستمعوا لخطابها. ووسط الجلبة يقوم النائب العمالى دنيس سكينر بإلقاء عبارته السنوية التى باتت من «علامات» افتتتاح البرلمان. ومن بين أشهر العبارات التى قالها سكينر، قوله عام 1987 «أبلغ الملكة أن تبدأ فى بيع ممتلكاتها» فى إشارة إلى سياسة شد الاحزمة فى بريطانيا خلال الثمانينيات. وفى 1992 قال لمبعوث الملكة «قل لها أن تدفع الضرائب» وهى قضية كانت ساخنة جدا فى التسعينينات. وفى عام 2012 سخر قائلا «احتفالات بذكرى 50 عاما على العرش... وسط ركود اقتصادى مزدوج.. يا لها من بداية». وفى 2013 قال «بريد ملكى للبيع.. ورأس الملكة للخصخصة» فى إشارة إلى خطط الحكومة بيع اجزاء من البريد الملكى للقطاع الخاص. وبعد إستدعائهم يدخل أعضاء مجلس العموم ومن بينهم رئيس الوزراء وأعضاء حكومته وزعيم المعارضة إلى غرفة مجلس اللوردات، ثم تبدأ الملكة بوصفها رأس الدولة فى قراءة خطاب افتتاح البرلمان الجديد والذى يقدمه لها وزير العدل مكتوبا كما هو متبع منذ قرون على ورق من جلد الماعز بعدما يخرجه من كيس احمر من الحرير. وبعد أن تنهى الملكة الخطاب، وتعود سالمة إلى قصر بكنجهام، يطلق سراح «النائب الرهينة» ويعود بدوره إلى زملائه حيث يبدأ البرلمان الجديد أولى جلساته.
خلال كل هذه الطقوس لن تتمكن الملكة اليزابيث من وضع قدميها فى مجلس العموم أو حتى الإقتراب منه. فلم يضع ملك أو ملكة قدميه فى مجلس العموم منذ عام 1642 عندما حاول تشارلز الأول دخول البرلمان عنوة لإعتقال خمسة أعضاء كانوا يعارضون حكمه المطلق، ورفعه الضرائب دون الرجوع للبرلمان ما أدى إلى نشوب حرب أهلية بين الملك وأنصاره من جهة، والنبلاء وأعضاء البرلمان وأنصارهم من جهة ثانية انتهت بإعدام تشارلز الأول عام 1649 وإعلان بريطانيا «جمهورية» للمرة الأولى والأخيرة فى تاريخها بين 1649 و 1660، وذلك قبل إعادة الملكية مرة أخرى على يد تشارلز الثاني.
يعترف البريطانيون بأنهم أسرى للتاريخ والتقاليد، ففى كل حدث ينظرون كيف كان أجدادهم يقومون به ويفعلون نفس الشئ. لكن بعد افتتاح البرلمان الجديد لن يكون حاضرا طوال الخمس سنوات المقبلة سوى ديفيد كاميرون والبرلمان والحكومة. أما الملكية وطقوسها فستتوارى كليا عن المشهد السياسي، وربما هذا سبب استمرار الملكية فى بريطانيا حتى اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.