تابعنا على شاشات التليفزيون من موسكو العرض العسكرى المهيب فى الذكرى ال 70 للنصر على المانيا النازية فى الحرب العالمية الثانية او كما يطلق عليها الروس الحرب الوطنية العظمى، تلك الحرب التى استمرت 1418 يوما دمر فيها الالمان النازيون 1700 مدينة فى دول مختلفة ، وتم تدمير الآثار التاريخية والثقافية، وراح ضحيتها خمسون مليون نسمة . وقد كان نصيب شعوب الاتحاد السوفيتى من الضحايا 26 مليون نسمة وشهدت أراضيها اشرس المعارك فى التاريخ ، ولكنها ايضا شهدت الى جانب ذلك أنبل التضحيات واعظم البطولات لشعوب الاتحاد السوفيتى، التى حولت الهزيمة الى نصر قوى ثم الى نصر كاسح بمطاردة الالمان حتى برلين. بعد تولى الحزب النازى برئاسة هتلر السلطة فى المانيا، بدأت اولى خطوات الصعود الى الهاوية، او السير فى طريق الحرب .حيث بدأت النعرة القومية الشوفينية فى السيطرة على المجتمع الالمانى مع التحريض على الحرب من خلال المغامرات العسكرية وكالعادة جاء موقف الغرب وامريكا داعما لهذا الصعود بهدف الصدام مع الاتحاد السوفيتى، وتم تقديم مساعدات، وامطرت السماء بالدولارات الامريكية وبالفعل تكون الحلف العسكرى عام 1936-1937 بين المانيا وايطاليا واليابان تحت شعار «معاداة الشيوعية» كان الصمود هو عنوان السوفيت وقبول التحدى، إدركت شعوب الاتحاد السوفيتى ان المعركة هى اكون او لا اكون، رغم شراسة العدو وتفوقه فى المعدات والافراد، اصرت شعوب الاتحاد السوفيتى على النضال من اجل الوجود، وبدأت عمليات الانتاج وبمشاركة كافة جموع الشعب السوفيتى رجال شيوخ نساء أطفال، حتى الاطفال عملوا بالمصانع الحربية. واستطاع السوفيت ان يخطوا اول خطوات النصر على النازيين، عندما سحقوا خيرة القوات الالمانية فى معركة ستالينجراد، ليشهد نهر الفولجا أضخم حدث سياسى عسكرى فى تاريخ الحرب العالمية الثانية، وبداية الصدمات للالمان والمفاجأة للحلفاء امام قوة وصلابة الجيش الاحمر. استطاع الجيش الاحمر تحقيق انتصارات كبرى فى صيف وخريف عام 1944 وقام بتحرير كل اراضى الاتحاد السوفيتى من المحتلين وبدا الالمان فى التراجع واستقبال الهزيمة تلو الاخري، و لم يتركهم السوفيت بل قرروا مطاردتهم حتى برلين. واستطاع الجيش الاحمر تحرير العديد من شعوب اوروبا بولند وتشكوسلوفاكيا وبلغاريا، المجر ورومانيا ويوغوسلافيا والنمسا. واستقبلت شعوب هذه الدول الجيش الاحمر بالورود والاغانى والرقص. واثناء مشوار التحرير من الاحتلال الالماني، تم اكتشاف مقابر جماعية فى اكبر وابشع المجازر الانسانية، فهل يعقل ان يجدوا مقبرة بها 33 الف طفل قتيل ومعتقلات بها كل الوان التعذيب والقهر الانساني. رغم كل الخسائر التى تعرضت لها المانيا الا انهم استماتوا فى الحفاظ على برلين فحشدوا مليون جندى وضابط و10 الاف مدفع و1500 دبابة و3الاف طائرة، وكان بينهم القوات الخاصة ذات التدريب العالي، وهنا دارت اشرس المعارك حتى استطاع الجندى الروسى يجوروف رفع العلم السوفيتى فوق مبنى الرايخستاغ، مبنى الحكومة الالمانية وانتهت الاسطورة وتوالت عمليات الانتحار للقادة الالمان وهزمت المانيا وليكون الجيش الاحمر هو اول من يدخل برلين ويدمرها ويدمر حقبة شريرة فى تاريخ الانسانية. ماذا لو لم ينتصر السوفيت؟ هو مجرد سؤال خيالى ولكن لماذا لا نفكر فى اجابة ايضا خيالية، رغم انها كانت قريبة من الواقع، ان الالمان كانوا يأملون فى هزيمة شعوب الاتحاد السوفيتى واللعب على قضية القوميات حتى يركع الاتحاد السوفيتى تماما ويعيش فى صراعات قومية للابد. وكان الارهاب سينتشر بحجة هذا الصراع الوهمى بين القوميات السوفيتية وكانت المعتقلات والمقابر الجماعية تنتظر اى مقاومة، وحرق القرى والمدن حرقا وزرع الموت فى جميع اركان الوطن، وبالطبع كان ينتظر دول اوروبا الأسوأ من الاستعباد والدمار، وهو مافعلوه فى بولندا عندما قتلوا 6 مليون فى اسبوعين. دروس كثيرة يمكننا ان نخرج بها الا وهى: ان الآلة العسكرية لن ترفع أمه ولن تحقق نصرا ابديا ولن تلغى شعوبا ولن توقف مسيرة الحياة. رئيس الجمعية المصرية لخريجى الجامعات الروسية والسوفيتية لمزيد من مقالات شريف جاد