من تورنتو فى أقصى الغرب الى مصر فى قلب الشرق وسخونة أحداثه جاء سفير كوريا الجنوبية ليمثل بلاده فى وقت تستعد فيه البلدان للاحتفال بذكرى 20 عاما على اقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بينهما. السفير الكورى جونج كوانج كيون اختص الأهرام بحوار تناول فيه علاقات البلدين وآفاقها. وكان السؤال الأول عن حلول ذكرى مرور 20 عاما على اقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة فى هذا الشهر, وكيف يرى مستقبلها ؟ - يرجع تاريخ إنشاء العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية كوريا التى تقع فى اقصى الشرق وجمهورية مصر العربية، مهد الحضارة القديمة والعريقة، إلى 13 أبريل 1995 وبالتالى يوافق العام الحالى مرور عشرين عاماً على إقامة هذه العلاقات. إنها فى مرحلة الشباب وهذه المرحلة تتطلب تعميق العلاقات وتطويرها فى شتى المجالات من أجل الوصول بها إلى آفاق جديدة ومستوى أفضل من التقدم والنضوج. وأتمنى تعزيز علاقات التعاون بين جمهورية مصر العربية وجمهورية كوريا فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية لتشمل الطاقة والتعليم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والصناعات العسكرية والصحة وغيرها. كما أؤكد أهمية التعاون بين الشعوب فى كل المجالات؛ ليس على المستوى الحكومى فقط وإنما على مستوى رجال الأعمال والتجار والطلاب و الشباب والفنانين أيضاً. ما هى الاليات التى ترونها مناسبة لتطوير العلاقات؟ - أعتقد أن إنشاء علاقات متوازنة ومتكاملة بين الدول بشكل عام هو أحد مظاهر الرقى، وفى ضوء هذا أود أن أفسر ما تعنيه العلاقات الثنائية من خلال كلمة «L.P.G.N» حيث يعنى حرف ال «L» التعاون بين القادة «Leader to Leader» وحرف ال «P» يعنى التعاون بين الشعوب «People to People» ويعنى حرف ال «G» التعاون بين الحكومات «Government to Government» وأخيراً يأتى حرف ال «N» ومعناه علاقات التعاون بين الأمم «Nation to Nation». وماذا عن الترتيب لزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لكوريا؟ أعتقد أن اللقاء المباشر بين قادة الدول هو الأفضل على الإطلاق من أجل توطيد علاقات التعاون بين البلاد، فعلى سبيل المثال كان لقاء القمة بين رئيس جمهورية كوريا ورئيس جمهورية مصر العربية فى سبتمبر الماضى فى نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، حيث تناولت فيه الرئيسة بارك كون هيه، رئيسة جمهورية كوريا مع الرئيس عبد الفتاح السيسى سبل تعزيز العلاقات الثنائية فى كل المجالات وقامت بتوجيه الدعوة له لزيارة جمهورية كوريا فى الوقت الذى يراه فخامته مناسباً فى المستقبل القريب. ويحدونى الأمل مع الذكرى العشرين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين أن يقوم الرئيس عبدالفتاح السيسى بهذه الزيارة إلى جمهورية كوريا من أجل تقوية وتوطيد علاقات الصداقة بين البلدين إلى أعلى المستويات. هل هناك خطوات محددة لزيادة التعاون الاقتصادي؟ بالرغم من عدم استقرار المناخ السياسى فى مصر فإننى أعتقد ان الاستثمارات الكورية فى مصر تدل على روح التحدى التى تتمتع بها الشركات الكورية. وقد شاهدت فى منتصف شهر مارس الماضى «مؤتمر تنمية الاقتصاد المصري» بشرم الشيخ والذى حظى بحضور كثيف من جانب المستثمرين الأجانب والذين انبهروا بالروح الجديدة فى مصر، تلك الروح التى ستكون بمثابة دفعة كبيرة لتقدم الاقتصاد المصري. وقد شارك فى هذا المؤتمر وفدا من 40 شخصا من رجال الأعمال والمسئولين الكوريين وقد أبدوا جميعا اهتماما بإمكانات الاستثمار فى مصر. وأتوقع أن يكون هناك تعاون ثلاثى فى المستقبل القريب فى مجالات الطاقة المتجددة وبناء السفن وتشييد الموانئ وتنمية الثروة السمكية والبنية التحتية من خلال اتفاقيات التعاون الثلاثى مع دولة الإمارات العربية المتحدة والدول الخليجية الأخرى، وهذا التعاون الثلاثى سيبحث عن فرص للشراكة لدخولهم المشترك إلى الدول الأخرى. -أما حجم التجارة بين البلدين فقد بلغ 2.9 مليار دولار، وهو ليس برقم كبير ولكن هناك امكانات كبيرة للتعاون الثنائى، كما سبق أن أشرت ولقد ازداد معدل الثقة فى الاقتصاد المصرى مؤخراً من قبل وكالة «موديز» للتصنيف الائتمانى وهناك توقعات بنموه بمعدل 4.5% وآمل فى أن أرى فى المستقبل المنتجات المصرية فى الأسواق الكورية مثل القطن المصرى والنسيج والملابس والجلود والمنتجات الزراعية. ماذا عن التعاون فى مجال التعليم والتكنولوجيا:؟ - فى الذكرى العشرين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، أتوقع أن تزداد سبل التعاون والتبادل فى مجالى الثقافة والتعليم على وجه الخصوص. إن بلدا مثل مصر صاحبة الحضارة العظيمة والعريقة و “أم الدنيا” ، نبعت منها العديد من العلوم مثل علم الفلك والطب والرياضيات والميكانيكا. والشعب الكورى يشعر دائما بالرهبة والاحترام للحضارة والاثار المصرية، فكما قال الباحث الإنجليزى أرنولد تونيبى الحضارة المصرية “بلا أب وبلا ولد” والتى تعنى اختلاق الحضارة من العدم. وافتتحت الحكومة الكورية فى أكتوبر الماضى المركز الثقافى الكورى بالقاهرة والذى يقع أمام مبنى السفارة الكورية، وهو الأول من نوعه فى منطقة الشرق الأوسط، حيث يقدم عددا من البرامج الثقافية والتعليمية مثل محاضرات اللغة الكورية وفنون الطبخ الكورى والفنون الكورية وغيرها، وهو يلعب دوراً مهما لتقديم مظاهر الثقافة الكورية إلى الشعب المصرى بشكل عام. فى هذا العام المميز يقوم المركز الثقافى بالعديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية، بما فيها عرض فنى فى أغسطس المقبل يتزامن مع ذكرى «إعلان القاهرة»، بالإضافة الى العروض الفنية المقرر عرضها فى الذكرى الأولى لمرورعام على افتتاح المركز الثقافى الكورى بالقاهرة. وأخيراً وليس بآخر، هناك العديد من الفعاليات الثقافية تحت عنوان “يوم الثقافة الكورية” فى العديد من محافظات مصر مثل الاسكندرية، والأقصر، وأسوان، وبورسعيد وغيرها. واعتقد ان تلك الأنشطة الثقافية ستتيح فرصة أكبر للتبادل الثقافى بين البلدين. كيف تنظر كوريا الى دور مصر فى قضايا الشرق الأوسط؟ - على الرغم من الفترة القصيرة التى قضيتها بمصر، أعتقد أن مصر دولة عظيمة تتمتع بالعديد من الإمكانات. ففى مارس الماضى أتيحت لى الفرصة كى أشارك فى مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، كما تابعت مؤتمر القمة العربية وأوكد مرة ثانية على أن مصر صاحبة التاريخ والحضارة تلعب دورا رائدا فى هذه المنطقة. أن جمهورية كوريا لا تملك نقطة نفط واحدة، فهى بلد فقيرً من حيث الموارد الطبيعية. ولذلك فإن محور العلاقات الأساسى بين كوريا ودول الشرق الأوسط قائم على علاقات التعاون فيما يتعلق بالبترول والإنشاءات. ولكن تنفذ الحكومة الكورية فى هذه الأيام سياسة خارجية شاملة تجاه الشرق الأوسط والتى ترمى إلى تعميق التعاون فى كل المجالات. والآن جمهورية كوريا تعرف جيداً الدور الهام والريادى الذى تلعبه مصر فى المنطقة وتضع أهمية كبيرة فى تعزيزالعلاقات مع مصر. علاوة على ذلك، فإن مصر هى دولة ذات مكانة سياسية وتاريخيةً واستراتيجية فهى تلعب دوراً محورياً فى إرساء دعائم سلام وإستقرار المنطقة، ونؤمن أنها تلعب أيضا ذلك الدور فى دعم السلام والاستقرار الدولى.