توفير المنتجات البترولية ومنها البنزين والسولار والبوتاجاز هي المهمة الأولي لأي وزيرللبترول لأن تقييم أدائه أمام الرأي العام يرتبط بوصول هذه المنتجات للمستهلكين, فالمواطن لايهمه عدد اكتشافات البترول والغاز ولاحجم الاحتياطي ولا افتتاح المشروعات أو توقيع الاتفاقيات أوغيرها, ولكن المواطن يهتم فقط بحصوله علي الوقود بسهولة وبدون معاناة. هذه الحقيقة أدركتها مع بداية اختياري للعمل محررا للبترول بالأهرام منذ منتصف السبيعينيات من القرن الماضي, وكانت الأزمات في توزيع هذه المنتجات تتزايد عندما يفتعلها الوسطاء والسماسرة للحصول علي مكاسب خيالية بالتجارة بها بالسوق السوداء وخاصة البوتاجاز ثم السولار, وعندما تنشط اجهزة الرقابة التموينية ومباحث التموين تنتهي الأزمات ثم تعود مع غياب هذه الرقابة مثل( لعبة القط والفار), ومع الانفلات الأمني والأخلاقي خلال الفترة الحالية امتدت الأزمات إلي البنزين وتكدست طوابير السيارات أمام محطات البنزين, وطبقا لما أعلنه المهندس هاني ضاحي الرئيس التنفيذي لهيئة البترول فإن الهيئة تضخ كميات إضافية من السولار و البنزين بزيادة20% عن المعدلات الطبيعية لطمأنة المستهلكين والتأكيد بعدم وجود أزمة في توافر المنتجات, ولكن استمرار علاج الأزمة المفتعلة بزيادة الضخ ليس حلا لأن حصيلة هذه الزيادة تذهب إلي جيوب المهربين وتجار السوق السوداء بعد أن أصبحت مافيا تهريب الوقود تسيطر علي25% من حصص المنتجات البترولية, ويعمل غالبية المهربين بالجراكن الكبيرة والبراميل ليلا بالتواطؤ مع بعض أصحاب المحطات المغلقة, كما أن جزءا كبيرا من الأزمة يعود إلي موروث قديم وهو عدم ثقة المواطن في الحكومة, وهو ماأكده المهندس عبدالله غراب وزير البترول, وإذا كان د. كمال الجنزوري رئيس الوزراء قد بحث أمس إجراءات مواجهة تهريب المنتجات البترولية إلي الخارج وضبط منظومة توزيعها فإن الأزمة سوف تستمر ولن تنتهي إلا بتشديد الرقابة علي نقل المنتجات من مستودعات التخزين بمعامل التكرير لمحطات البنزين ومراقبة عملية البيع داخلها ثم وقف التهريب وتغليظ العقوبة علي المتاجرة بالمواد البترولية في السوق السوداء, والتي لاتتجاوز حاليا500 جنيه غرامة بينما يكسب المهربون ملايين الجنيهات يوميا من موارد الشعب التي تتناقص يوما بعد يوم وهي جرائم تصل عقوبتها في دول عديدة مثل الصين للأشغال الشاقة أوالإعدام. المزيد من أعمدة عادل إبراهيم