بات من الواضح أن السياسيين ليسوا على قلب رجل واحد تجاه معارضتهم لمساعى الحكومة لاصدار قانونى تقسيم الدوائر وتنظيم الانتخابات البرلمانية. عبر هذا الانقسام عن نفسه فى وجود آليتين سياسيتين تمارس بهما قوى المشهد السياسى معارضتها وضغوطها على الحكومة، فهناك «لجنة إصلاح البنية التشريعية» التى صاغت مقترحاتها النهائية تجاه الإجراءات الناظمة للانتخابات وحصلت على توافق حزبى كبير، وقدمت للرئاسة والحكومة، وهناك مبادرة «مشروع قانون موحد للانتخابات» التى يقودها حزب المحافظين، ومثل هذا التعدد فى ممارسة الضغط السياسى غير مفيدة بالمرة، والأهم أنه يفتت الثقل التفاوضى مع الحكومة، أضف لهذا الانقسام، بروز الازدواجية السياسية، فالكثير من تلك القوى مشارك بشكل أو بآخر فى عضوية هاتين الآليتين. ورغم أن الغاية واحدة لكلٍ من الحكومة الأحزاب فى تأمين وتحصين البرلمان القادم من أى عوار دستورى فالكثير من الأحزاب فجأة تخلى عن مقترحات لجنة إصلاح البنية التشريعية فى المقابل ينتقد البعض الذى شارك فى لجنة الإصلاح تلك الآلية الجديدة، مؤكدين أن هناك صعوبات جمة فى التوافق على مشروع موحد للانتخابات من جانب الأحزاب، أن الفكرة المقترحة تفتقد للتفاصيل، وأن طرح عنوان عن مبادرة مشروع القانون الموحد والاكتفاء بالعنوان دون أى شرح بنوده بمثابة مشروع إعلامى أكثر منه سياسي، وأن عدم اكتمال صياغته حتى الآن يشكك فى مصداقيته ومصداقية القوى التى دعت إليه. فمن جانبه، أكد عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكي، أن الأصل بفكرة مبادرة مشروع قانون موحد للانتخابات أتت من خلال حديث الإعلام عن أن الأحزاب السياسية ليس لها كلمة واحدة، وأن هذا الاختلاف سيؤدى لتأخير الانتخابات، من ثم نشأت الفكرة، من أجل تصحيح صورة الأحزاب داخل المجتمع، وأتت المبادرة التى اقترحها أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين، بتنسيق مع عدد من الأحزاب ودعوته جميع الأحزاب إلى ورش عمل ، تدرس النظام الانتخابى الأفضل، وتقسيم الدوائر الانتخابية تلك المبادرة برزت سياسيًا بعد مؤتمر 3مايو الماضى للأحزاب المشاركة فى مبادرة المشروع. وتابع رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى قائلا: ان الأمر هنا متروك لرئيس الجمهورية، لحسم هذا الجدل وفقا لرؤيته عن المبادرة، مضيفا ان الفكرة إيجابية من حيث انها تجمع الأحزاب السياسية كلها على قلب رجل واحد. فيما يرى المستشار بهاء الدين أبو شقة سكرتير عام حزب الوفد، أن المبادرة ليس كما فهمها البعض خطأ، فى أن نكون أمام توافق حول الإجراءات الناظمة للعملية الانتخابية، وإنما هدفها الأساسى ضمان استقرار المجلس النيابى القادم، وحتى لا يكون مُعرضا للطعن على بعض النصوص بعدم الدستورية. وطالب أبو شقة بأن نوفر للبرلمان الضمانة القانونية والدستورية التى تحول دون الطعن بعدم دستوريته. واقترح إعادة العمل بمبدأ الرقابة المسبقة للمحكمة الدستورية العليا على نصوص القوانين المنظمة للعملية الانتخابية. ووصف عصام شيحة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، المشروع الموحد بالمبادرة الطيبة والجيدة، ولكن يصعب تحقيقها أن لم يكن يستحيل، معربا عن أسفه من أن تجربة العمل الحزبى صعبة، كما انه صعب الاتفاق على مشروع موحد، فهناك أكثر من 96 حزبًا سياسيًا منها أحزاب فاعلة وكثيرة غير فاعلة. أما علاء عبد المنعم القيادى البرلمانى السابق، فيرى أن ما يحكمنا جميعا سواء حكومة وشعب وأحزاب الدستور، الذى حدد من له حق التقدم بمشروعات قوانين فى ثلاث جهات: رئيس الجمهورية، مجلس النواب والحكومة، وبناء على ذلك فان ما ستقترحه الأحزاب لا يخرج عن أنها مجرد مقترحات. وقال أحمد حسني، المتحدث الإعلامى لحزب المستقبل، إن الدعوة التى وجهت للأحزاب للتوافق تحت مظلة مبادرة «المشروع الموحد»، تعد أولى خطوات التشاور للمّ الشمل الوطنى للوصول لحالة توافق عام حول قوانين الانتخابات وتشكيل برلمان يليق بمصر.