إن الأحداث التاريخية لا تحدث هكذا, بل دوما تقع في مكان ما, وغالبا ما يكون وراء المسألة أسباب عدة, ومن هنا يمكن للمرء أن يجادل بأن العلاقات المصرية اليابانية تشهد نموا هادئا, يحمل في طياته ودون صخب الفرصة لأن يتوج بحدث تاريخي, ألا وهو تحالف استراتيجي بين الساموراي والمحروسة وصولا إلي نمر صاعد بقوة علي ضفاف النيل, وأغلب الظن أن ذلك ممكن, ومثلما قالت ساداكاو أوجاتا رئيسة الهيئة اليابانية للتعاون الدولي الجايكا أخيرا, إن اليابانيين ينظرون بأمل وتوقعات كبيرة لمصر, وبجملة موحية قالت لم يسبق أن كانت هناك علاقات سيئة بين اليابان ومصر. وفي مساء اليوم التالي عقب توقيع اتفاق تمويل الخط الرابع للمترو, فقد أقامت الوزيرة فايزة أبوالنجا حفل عشاء خاصا علي شرف السيدة أوجاتا حضرته مجموعة من الوزراء ونواب من الحرية والعدالة بالشوري, وفي أجواء محبة خاصة شعرت بها من أول لحظة سرعان ما تبين السر, فقد عملت الدبلوماسية اليابانية الرفيعة رئيسة المفوضية الدولية لشئون اللاجئين, وعملت الوزيرة مع السكرتير العام للأمم المتحدة السابق بطرس غالي, ومن هنا تقاطعت الخطوط بين السيدتين, وتطورت بقوة عندما توليتا المناصب الرفيعة في بلديهما. إلا أن أبوالنجا في كلمتها تأخذنا عبر التاريخ لتقول, إن الزيارة الأولي للساموراي لمصر كانت1862, والثانية1864, وبعد100 عام وفي1962 يتم تدشين أول خط طيران بين القاهرة وطوكيو في عهد الزعيم عبدالناصر, الذي سوف يستأنف نشاطه الشهر المقبل, وتكشف أبوالنجا عن أن العمق التاريخي مرتبط بتعاون عميق ما بين البلدين يمكن مشاهدته في مشروع الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا, وهو حلم لم يكن ليتحقق لولا إيمان السيدة أوجاتا به, كما أن هناك مشروع المتحف المصري الكبير, فضلا عن التعاون في مشروعات التنمية الكبري وآخرها تمويل المترو بقرض ميسر. ويبقي أن الأصدقاء الحقيقيين مثل اليابان هم من يقفون بصدق إلي جانبنا في وقت الأزمة لا الرخاء, ولا يفرضون شروطا سياسية علي المساعدة مثلما يفعل الغرب, وعلي أي حال نحن لدينا عمق تاريخي في العلاقات, ولدينا جسر من المحبة, ورصيد من الاعجاب بحضارتنا, وأمل في مستقبلنا من قبل اليابانيين, والأهم نملك صديقا رائعا هو الساموراي الياباني, الذي يجب أن نسعي نحن لإحداث النقلة التاريخية, ونتعاون معا حتي تتحول مصر الي النمر الجديد علي ضفاف النيل, وأحسب أن اليابان لن تتواني عن دعمنا مثلما سبق أن فعلتها مع ماليزيا ودول النمور الآسيوية, كما أنه بعد25 يناير فإن مصر تستطيع.! المزيد من أعمدة محمد صابرين