أين نحن مما يحدث حولنا في عالم الدراما والسينما؟! كانت لنا ريادة وتميز وخصوصية, وندعي أنها مازالت, ولكنه ادعاء ليس له محل من الحقيقة, فنحن نسير محلك سر أن لم يكن للخلف در, بينما محطات تليفزيونية عربية وأجنبية حولنا تولد وتكبر وتسرق الاضواء, وشركات انتاجية تندمج وتتطور بسرعة نحو التجديد والابتكار لجذب المشاهدين سواء في السينما أو الدراما التليفزيونية... فمازال يشغلنا حلال الفن من حرامه, ونجوم حرقت نفسها وانطفأ توهجها ولكنها تكابر, وانتاج متواضع وأفكار ومعالجات درامية اكثر تواضعا وعقما... فلماذا نعيد طرح السؤال الآن؟! في زيارة سريعة إلي مدينة مومباي الهندية كان الحدث الذي يعيد طرح السؤال.. فهناك يصور المسلسل الخليجي هند ستاني بطولة الممثل السعودي أسعد الزهراني والممثلة العراقيةملايين وتأليف اسامة الشرقي واخراج قوس الشرقي, وتدور احداثه حول تاجر اقمشة سعودي شاب يقع في حب الفتاة الجميلة حسناء, ويعيش معها باحلامه في اجواء اسطورية, وقد تم اختيار الهند لتصوير هذه الاجواء التي تدور في23 حلقة منفصلة متصلة, وهي دراما عربية ولكن تقوم كل الاستعراضات علي الموسيقي والرقص الهندي الذي يكون فيه الغناء باللغة العربية, والمسلسل انتاج شبكة تليفزيونية امريكية سعودية مشفرة, وتم دمج قنواتهما مؤخرا, وبث قنوات جديدة, وتكلفة الانتاج ضخمة وبالملايين, فالتصوير يستمر لمدة شهرين ونصف, وتقول خلود ابو حمص المنتجة المنفذة ونائبة رئيس الشبكة في البرمجه: نحن نحاول أن نقدم افكارا واساليب فنية جديدة مهما تكن التكاليف الانتاجية, فجذب المشاهد ليس سهلا, ويخضع لدراستنا طوال الوقت, و هند ستاني الجزء الثاني لمسلسل قدم العام الماضي, وكان نجاحه وراء تقديم جزء أخر ابهارا في رمضان القادم. كان التصوير في مكان يبعد عن وسط مدينة مومباي بنحو50 كيلومترا, يوجد فيه ديكور لقصر ضخم وسط حديقة كبيرة, وقد تصورت أن هذا الديكور القصر هو جزء من مدينة بومباي السينمائية الشهيرة, ولكن الاجابة جاءت بالنفي, فلا يوجد هنا مدينة أسمها بومباي وانما هذا الاسم اطلقة الامريكيون علي المدينة السينمائية الاهم في الهند, وجاء ليكون مشابها لاسم هوليود, وتم استبدال الهاء بالباء لأن المدينة كان أسمها بومباي قبل ان يتغير بعد ذلك إلي مومباي, وعموما فأن الهنود لا يحبون هذا الاسم.. أذن اين الاستوديوهات؟!.. قيل لي ان مدينة مومباي بها ما يقرب ما300 ستوديو منتشرة في انحاء المدينة.. وقد طلبت زيارة بعض هذه الاستوديوهات, وزرت اثنين من هذه الاستوديوهات, وهي تشبه الي حد كبير الاستوديوهات المصرية سواء في شكل المدخل أو تقسيم البلاتوهات, وبناء الحارات والديكورات الخارجية, وادعي ان ستوديو مصر أو الأهرام في مصر تملك امكانيات أفضل شكلا وموضوعا, وهنا اتحدث عما رأيت بالفعل. والشئ بالشيئ يذكر, فالهند هي الاغزر انتاجا للافلام في العالم, فهي تنتج كما اكبر من هوليود نفسها, ويزيد انتاجها عن850 فيلما سنويا( الانتاج المصري يدور حول40 فيلم اسنويا), ويصل عدد صالات العرض بها إلي أكثر من15 الف دار عرض( في مصر250 صالة عرض!), وتقدم أفلامها بعشرة لغات علي الاقل, والزعيم الهندي نهرو له جمله شهيرة تقول ان السينما من وسائل توحيد الهند ثقافيا واجتماعيا وسط هذا الكم الهائل من اللغات والاديان لهذا الشعب الذي يصل تعداده الي مليار و200 مليون انسان هندي, والسينما الهندية لها السيادة في قارة آسيا, وغزت مؤخرا كل دول الخليج لاسباب عديدة, وعلي الرغم أنها سينما تجارية بجدارة فإن الاتجاهات الواقعية لمخرجيها المبدعين جعلتها محل اهتمام المهرجانات العالمية, وبدأ السينما الامريكية تتقرب إليها مشاركة في الانتاج, وفي التسويق الذي يجيده الامريكيون وجعل لهم السيادة العالمية.. والمهم ان الهند أصبحت من مناطق الجذب الهائلة لصناعة الدراما والسينما وتتطور عام بعد أخر. ونعود إلي مصر والسؤال الذي بدأنا به الحديث: أين نحن ؟!.. إننا نملك كل مقومات تطوير صناعة السينما والدراما في مصر, ونملك القاعدةالاقتصاديةوالتقنية لتحقيق ذلك, كما أن مصر بما لديها من موقع جغرافي فريد, وتاريخ وحضارة واثار فرعونية وقبطية واسلامية تغري أي أحد بالتصوير علي ارضها, كما تملك من المدن الجديدة والشاطئية ما يغري بالصورة الطازحة وغير المستهلكة.. ولكننا حتي هذه اللحظة لا نقدر قيمة ما نملك, وتقف البيروقراطية الحكومة والسياسية في سبيل تصوير الافلام الاجنبية في مصر, كما ان معظم القائمين علي الحالة الفنية في مصر يتعاملون معها بخفه وفهلوة وليست كصناعة ومصادر هائلة لدعم الاقتصاد والثقافة.. إننا في حاجة إلي وقفه مع أنفسنا.