فى أول إشارة على الطريق الصعب والطويل أمام المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبى، دعا الاتحاد الحكومة البريطانية الجديدة بزعامة ديفيد كاميرون إلى تحديد "خريطة تفاوض واضحة" حول الإصلاحات التى تطلبها لندن للبقاء ضمن الاتحاد الأوروبى. وتعهد جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية ب"مساعدة كاميرون للتوصل لاتفاق مقبول بالنسبة لبريطانيا داخل الاتحاد". وقال إنه يتطلع لمناقشة التغييرات التى تريدها حكومة كاميرون، وحضها على إرسال مقترحاتها للإصلاح. وتعهد كاميرون بإعادة التفاوض مع الاتحاد الأوروبى حول بعض القضايا وعلى رأسها الهجرة وحرية الحركة داخل الاتحاد. وقال إنه إذا لم يتم التوصل لتفاهمات سيجرى استفتاء فى بريطانيا بحلول 2017 حول البقاء أو مغادرة الاتحاد الأوروبى. وتلقى كاميرون إشارات مطمئنة من الاتحاد حول احتمالات التوصل لحلول وسط. وقال عضو البرلمان الأوروبى مينفورد ويبر القريب من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن الاتحاد يمكن أن يجرى تغييرات فى بعض قوانينه، لكنه حذر من أن "المبادئ الجوهرية للاتحاد الأوروبى مثل حرية الحركة داخل الاتحاد لا يمكن المساس بها". ومن ناحيته، قال دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبى إنه "يأمل فى بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبى". وتابع:"أعتمد على الحكومة البريطانية الجديدة فى توضيح أهمية بقاء بريطانيا داخل الاتحاد للشعب البريطانى. أنا مقتنع أنه ليس هناك حياة أفضل لأى شعب أوروبى خارج الاتحاد". وفاز حزب "المحافظون" أمس الأول فى الانتخابات البرلمانية ، وحصلوا على 331 مقعدا من أصل 650. وهو ما مكنهم من تشكيل حكومة أغلبية. وأبقى كاميرون على أهم أربعة وزراء فى حكومته، وهم جورج أوسبورن الذى ظل وزيرا للخزانة، وتيريزا ماى فى منصب وزيرة الداخلية، وفيليب هاموند كوزير للخارجية، ومايكل فالون كوزير للدفاع. ومن المقرر أن يعلن كاميرون غدا باقى أسماء حكومته الجديدة. وبعد استقالته بيوم، بدأت أصوات من داخل حزب "العمال" تنتقد الاستراتيجية التى انتهجها زعيم الحزب المستقيل إيد ميليباند منذ توليه الزعامة وخلال الحملة الانتخابية. وقال آلان جونسون العضو بحزب "العمال" ووزير العمل السابق إن الحزب "يجب أن يجرى مناقشة أمينة وكاملة" حول مجريات الأيام الماضية والهزيمة التى منى بها الحزب. وأوضح أن "مجرد انتخاب زعيم للحزب محل زعيم آخر لن يقود العمال لأى مكان". وانتقدت أصوات عديدة من حزب "العمال" عدم وضوح الأرضية التى كان "العمال" يقف عليها، فالحزب ظهر للناخب فى إنجلترا كحزب يسارى أكثر من اللازم وهو ما كبده الكثير من الدوائر فى إنجلترا. وظهر أميل ليسار الوسط فى أسكتلندا وهو ما كبده الكثير من المقاعد هناك أيضا. وقال جونسون فى هذا الصدد:"من المحتمل أن تكون أزمة الحزب إنه ما زال منقسما نفس الانقسام الذى عانى منه خلال حكم تونى بلير (يسار الوسط) وجوردون بروان (أقصى اليسار). وقال جونسون أيضا إن الاقتصاد هو ما كلف "العمال" الانتخابات، موضحا أن حججهم حول كيفية إنعاش الاقتصاد وخفض الدين العام وزيادة الإنفاق على برامج الرعاية الاجتماعية لم تقنع الناخب. وأكد أن بناء حزب "العمال" هى "مهمة السنوات العشر المقبلة". من ناحيته قال جون دانهام مساعد ميليباند السابق للشئون البرلمانية إن "العمال" فشلوا فى توضيح برنامجهم الاقتصادى للناخبين. وبعد استقالة ميليباند تولت نائبة حزب "العمال" هرييت هارمان مسئولية قيادة الحزب حتى إجراء انتخابات لاختيار زعيم جديد له. وأعلنت هارمان أنها ستغادر الحزب بعد الانتخابات. ووفقا لمصادر من حزب "العمال" فإن الحزب يتجه لانتخاب زعيم جديد "فى أسرع وقت ممكن". وأبرز الأسماء العمالية المرشحة لخلافة ميليباند هى أندى بورنهام وهو أحد الأعضاء البارزين فى حزب العمال وتدعمه النقابات العمالية. وأيفيت كوبر، وزيرة الداخلية فى حكومة الظل وهى من الوجوه النافذة. وليز كاندل وزيرة الرعاية الاجتماعية فى حكومة الظل. وشوكا أومونا نائب وزير العمل فى حكومة الظل. ودان جارفيز، الذى عمل فى الجيش البريطانى أغلب حياته وانتخب فى البرلمان 2011 وبات سريعا من الوجوه المعروفة فى "العمال".