إنفوجراف| ارتفاع أسعار الذهب اليوم الخميس في بداية التعاملات    توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الأساسية لمشروع إعادة تأهيل ترام الرمل    وزير الإسكان: مد سريان الحوافز والتيسيرات للمشروعات الاستثمارية بالمدن الجديدة لمدة عام واحد    فرنسا: إطلاق النار على موظفي السفارة الإسرائيلية بواشطن «فعل شنيع»    هل تتعرض مصر لموجة زلازل مقبلة؟.. البحوث الفلكية تحسم الجدل    مصر ترحب بالتطور في موقف الأطراف الدولية إزاء الوضع في غزة    مستشفى العودة في غزة يناشد المجتمع الدولي التدخل فورا لوقف استهداف المنشآت الصحية    خلاف بين ترامب ورامازوفا حول قانون الأراضي بجنوب أفريقيا.. ما سر هذا القانون المثير للجدل؟    جارناتشو يهاجم أموريم بعد خسارة الدوري الأوروبي    الأهلي يتابع حالة إمام عاشور الصحية بعد وعكة مفاجئة    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام الاتفاق في الدوري السعودي    تواجد حامد.. تشكيل ضمك المتوقع أمام الفتح في الدوري السعودي    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم 7 سيارات أعلى دائري المنيب | صور    إنفوجراف| «الأرصاد» تعلن حالة الطقس غدًا الجمعة 23 مايو    بسبب الخلافات الأسرية.. زوج يقتل زوجته بعصا خشبية في أوسيم    رئيس بعثة الحج: وصول 5850 حاجا للمدينة المنورة    نجوم الساحل يتذيل قائمة الأفلام المتنافسة على شباك التذاكر    بعد حذف «بوست» الانفصال.. هل يعود أحمد السقا ومها الصغير؟    أول تعليق من «هبة مجدي» بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي    الأحد.. الجهاز القومي للتنسيق الحضاري يطلق تطبيق ذاكرة المدينة على الهواتف الذكية    وزير الصحة يناقش آخر مستجدات ملفات التعاون المشترك مع ممثلي البنك الدولي    الزراعة: تحصين 4.5 مليون طائر في التربية المنزلية والحضانات منذ بداية 2025    الجامعة العربية تعقد اجتماعا لتنسيق المواقف البيئية ومواجهة التصحر والجفاف    سعر الدينار الكويتى اليوم الخميس 22 - 5- 2025 أمام الجنيه    نصف نهائي بطولة أفريقيا لليد.. الموعد والقناة الناقلة لمباراة الزمالك والترجي    امتحانات الثانوية العامة السنوات السابقة pdf.. امتحان الأحياء للصف الثالث الثانوي (أسئلة وأجوبة)    وزارتا الشباب و «التربية والتعليم» تبحثان تطوير استراتيجية عمل المدارس الرياضية الدولية    اليوم.. استكمال محاكمة إمام عاشور لاعب الأهلي بتهمة سب وقذف جاره    كوريا الشمالية تطلق عدة صواريخ كروز مجهولة الهوية    لا خسائر بشرية أو مادية.. محافظ البحيرة تتابع تداعيات الزلزال الذي ضرب المحافظة    فريق جامعة قناة السويس العلمي يشارك في ملتقى "طموح" للجامعات المصرية    مواعيد مباريات اليوم الخميس 22 مايو والقنوات الناقلة    "من أجل المنتخبات".. ورش عمل لتطوير مسابقات الناشئين 24 و 25 مايو    النشرة المرورية.. كثافات متوسطة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    بطولة كريم عبدالعزيز.. فيلم «المشروع X» يكتسح شباك التذاكر في أول أيام عرضه    أسعار البيض اليوم الخميس 22 مايو2025    رئيس الحكومة يعتذر ل أصحاب المعاشات| وتوجيه هام لهيئة التأمينات    يهدد بمحو جزء كبير من أمريكا.. تحذير من تسونامي ضخم يبلغ ارتفاعه 1000 قدم    طلاب الصف الأول الثانوي يؤدون اليوم امتحان العلوم المتكاملة بالدقهلية    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    وسائل إعلام أمريكية: مقتل شخصين في إطلاق نار خارج المتحف اليهودي بواشنطن    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    مجلس الشيوخ الأمريكي يعتزم التحقيق في هوية الشخص الذي أدار البلاد بدلا من بايدن    المستشار عبد الرزاق شعيب يفتتح صرحا جديدا لقضايا الدولة بمدينة بورسعيد    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    كريم محمود عبدالعزيز: «قعدت يوم واحد مع أبويا وأحمد زكي.. ومش قادر أنسى اللحظة دي»    «استمرار الأول في الحفر حتى خبط خط الغاز».. النيابة تكشف مسؤولية المتهم الثاني في حادث الواحات    محافظ الدقهلية: 1522 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية ابو ماضي مركز بلقاس    إجراء طبي يحدث لأول مرة.. مستشفى إدكو بالبحيرة ينجح في استئصال رحم بالمنظار الجراحي    اليوم.. انطلاق امتحانات نهاية العام لصفوف النقل بالمحافظات    بأجر كامل.. تفاصيل إجازة امتحانات العاملين في قانون العمل الجديد    مسلم ينشر صورًا جديدة من حفل زفافه على يارا تامر    امتدح بوستيكوجلو دون ذكر اسمه.. صلاح يهنئ توتنهام بعد التتويج بالدوري الأوروبي    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بأسبوع المطبخ التركي    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    محافظ الغربية يُشيد بابنة المحافظة «حبيبة» ويهنئها لمشاركتها في احتفالية «أسرتي.. قوتي».. صور    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإمام الأكبر .. ومفهوم الإصلاح
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 04 - 2015

مساحات الرفض المتنامية، ضد إصلاح الخطاب الإسلامي، التي اكتنفت كلمة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب أمام مؤتمر «التجديد في الفكر والعلوم الإسلامية» لم تكن التجلي الأوحد لتمدد مساحات العداء بين مؤسسة الأزهر والنخبة المصرية،
بل هي واحدة من تجليات سلبية تعددت مظاهرها خلال الشهرين الماضيين. صحيح كان ولا يزال خطاب النخبة علي درجة عالية من الغوغائية والجهل بمقتضيات مجتمعية وسياسية وعقائدية، غير أن جزءا من المشروعية التاريخية للمؤسسة الأزهرية كان يتأتي من كونها مثَّلَتْ عبر تاريخها عباءة متسعة لنسيج اجتماعي كثير التناقضات، وهو ما مكنها، تاريخيا، من أن تكون تعبيرا متقدما عن طموحات وطنية أصبحت جزءا لا يتجزأ من نهضتنا الحديثة. فكيف تآكلت تلك الصورة التي التأمت علي هذه المعاني؟ فالتحذير الذي أطلقه الإمام الأكبر من «خطورة وصول معني الإصلاح إلي أفواه نخبة موصومة بالجهل»!! دفعه في النهاية إلي اتهام دعاة الإصلاح بأنهم يرغبون في تحويل الأزهر إلي متحف من متاحف التاريخ ز. ويعني تبلور مثل هذا التخوف ، في أعلي مضامينه ، أن الأزهر لن يتخلي أبدا عن دوره كمؤسسة من مؤسسات الوصاية علي العقيدة وكذلك الوصاية علي المؤمنين بها ، أي أنه سيظل مؤسسة الدين والدنيا، جريا علي ما أقره إمامها الأكبر الشيخ محمد عبده، الذي ، رغم إصلاحاته الواسعة، رفض أي حديث عن تخلي الدين عن دوره في حماية السياسة ، وهو ما سار عليه الأزهر حتى رحيل الشيخ سيد طنطاوي الذي رفض بالأساس مناقشة فكرة فصل الدين عن الدولة.
الموقف الذي أعلنه الإمام الأكبر علي الملأ تجوهر في مقدمة بيانية بليغة بدت كبيان لاذع وشديد العدوانية نشرته مجلة الأزهر في عددها الأخير. ولكي تأخذ مقدمة المجلة شكل وصيغة البيان في حدته وقطعيته وتحديده لم يتم تذييلها بتوقيع فردي بل جاءت منسوبة لهيئة التحرير بكاملها: الدكتور محمود حمدي زقزوق ، الدكتور محمد عمارة والدكتور عبد الفتاح العواري. سأتوقف في ذلك البيان الخطير عند نقاط ثلاث تمثل خطورة حقيقية علي المؤسسة الأزهرية قبل أن تكون كذلك بالنسبة لأطراف الصراع، لاسيما وأنها تعزز مساحات العداء مع طيف واسع من النخبة المصرية علي ما سنري .
أولا: يصف بيان مجلة الأزهر المتحدثين عن المؤسسة العريقة ومذهبها الأشعري بأنهم «أصحاب الجهالات العلمانية» لذلك أسرف في تعضيد موقفه بعشرات الفتاوى لرواد ومؤسسي هذا المذهب ومنهم الإمام أبي حامد الغزالي ليعزز في النهاية فكرة مغلوطة تاريخيا هي عقلانية المذهب، الأشعري. وأظن أن كُتّابُ البيان وهم من أساتذة أصول الفقه والفلسفة الإسلامية يعلمون جيدا أن أدبيات المدارس الكلامية تؤكد أن الأشاعرة هم من حاربوا الاجتهادات العقلية منذ عصر الخليفة المأمون وعمدوا إلي التخلص من خصومهم مستخدمين في ذلك أعتي أدوات عسف السلطة. بينما علي النقيض كانت فرق المعتزلة تعزز نزعتها العقلية وتخوض المعارك الفكرية من أجل مقاومة التجهيل باسم النصوص. ففي الوقت الذي اعتني فيه الأشاعرة بالأسماء اعتني المعتزلة بالآراء ، وفي الوقت الذي اعتني فيه المعتزلة بالحديث عن الحقيقة اعتني الأشاعرة بالبحث عن قائلها ، وفي الوقت الذي اعتمد فيه الأشاعرة علي إثبات الحقيقة عبر النص اعتمد المعتزلة علي إثباتها عبر العقل ، وفي الوقت الذي قدس فيه الاشاعرة مفهوم الإمامة تنصل منه المعتزلة وشككوا في جدواه بسبب ما ينطوي عليه من كهانة. وفي الإجمال رأي أئمة الأشاعرة أن الفلسفة هي ز أصل السفه والانحلال، وأنها مادة الحيرة والضلال ز وهذا كلام الإمام ابن الصلاح .
ثانيا: يقول بيان مجلة الأزهر إن القائلين «بتاريخانية الشريعة الإسلامية يعنون أنها شريعة بداوة تجاوزها الواقع والتطور والتاريخ ويجب إحالتها إلي الاستيداع». ولا أشك في أن كُتّاب البيان يدركون حجم الخطل في هذا الطرح، غير أنهم ، فيما يبدو، يخاطبون عقول العامة لاستعدائهم علي النخبة. فتاريخية النص، أي نص، لا تعني وصمه بالبداوة لكنها تعني ضرورة إخضاعه لمقتضيات القراءة الزمنية بمعني حتمية خضوعه لحاجات الحاضر. وقد أسفر الموقف العدائي من مفهوم تاريخية الشريعة عن كارثتين أولاهما: إضفاء قدسية غير مبررة علي تفسيرات النصوص في جميع مظانها وثانيتهما: إغلاق باب الاجتهاد حد التحريم ثم التجريم ، ومن ثم أصبح الحاضر محكوما بمعارف الماضي ليتحول الناس إلي خدم لدي النص وليس العكس . وإنكار التاريخ هنا لا يعني إلا أننا نبحث لأنفسنا عن مكان في الماضي إلي جانب الكهنة والأنبياء ما يجعل من المستقبل مجالا مفتوحا للتهكم والسخرية والاحتقار أيضا.
ثالثا: يقول البيان، في مفارقة تبدو هازلة: إن وسطية الأزهر رفضت الكهانة والثيوقراطية كما رفضت فصل الدين عن الدولة باعتبار الإسلام دينا وشرعا !! فكيف يتسنى لعاقل أن يستوعب هذا التناقض في الجملة الواحدة بين رفض الكهانة وفي الوقت نفسه تعضيد الدولة الدينية ؟ فيما يبدو في حقيقته تكريس لمفهوم الحاكمية. وهذا المعتقد هو ما دافع عنه سيد قطب برفضه لما أسماه بحاكمية البشر باعتبارها اعتداء علي حاكمية الله ، وهو موقف أشعري بامتياز يدافع عنه الأزهر حتى لحظتنا الراهنة.
وأمام احتقان الخطاب الأزهري والتباسه علي هذا النحو ستتناسل عشرات الأسئلة عن قضية الإصلاح وعن المعنيين بها وعن أصحاب الحق في التصدي لها، وأتصور أن الإجابات ستظل هاربة ما لم تُطرح القضايا الكبرى للتفكيك والنقاش العام مثل : قضية خلق القرآن، الحاكمية، الجبر والاختيار، معرفة الله ووجوده ، الفقه القديم وكيفية تطويره ، صراع الفرق الإسلامية والمذهبية ، الإمامة وعصمة الإمام وطاعته ، التقية ، معني تأويل القرآن وصورته في فقه المختلفين. وأتصور أن هذا النقاش سيكون الطريق الوحيدة إلي دولة حديثة تتعقل مساحات حضور الماضي في لحظاتها الحاضرة، أما استمرار هذا الاحتقان فيعني أن الجميع يكرس لملهاة مجتمعية شديدة الخطر تتصدرها ، بكل أسف ، مؤسسة عريقة هي مؤسسة الأزهر.
لمزيد من مقالات محمود قرنى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.