إستراتيجية دفاعية جديدة لإسرائيل

قام الجيش الاسرائيلى بتجربة ناجحة لمنظومة الصواريخ المضادة للقذائف والصواريخ القصيرة المدى لاعتراض صواريخ متوسطة وطويلة المدى، ويفترض بها القدرة على إسقاط صواريخ مثل «شهاب» الإيرانية أو «سكود» السورية أو صواريخ من حزب الله ، مما سيسمح بإدخاله إلى الخدمة الفعلية بداية عام 2016 لتنضم الى منظومات حيتس 2 وحيتس -3 الموجودة تحت الاختبار.
وقد شارك ممثلون عن وزارة الدفاع الإسرائيلية وسلاح الجووممثلون عن وزارةالدفاع الأمريكية فى التجربة التى وصفها الجيش الإسرائيلى بعلامة بارزة ومهمة فى تطوير قدراته الدفاعية التى تعطى الثقة للقدرات المستقبلية فى انهاء خطر الصواريخ الباليستية المتزايد ويكشف الإعلان الإسرائيلى عن نجاح التجربة فى هذا التوقيت إلى مجموعة من الأمور منها أنه قدتم تصميم نظام «العصاالسحرية»الصاروخي،بالأساس لحماية حقول الغاز البحرية فى البحرالمتوسط، ضد أى صواريخ باليستية أو أخرى مضادة للسفنا وحتى قوارب سريعة تحمل المتفجرات،ويعنى نجاح التجربة أنه يمكن التعجيل بتشغيل المنظومة للعمل قبل موعدها ويبدو ذلك مرتبطا بتوتر الأجواء إسرائيليا ضد حزب الله وإيران وذلك فى ظل تأكيد مصادر استراتيجية إسرائيلية أنه فى حالة تصعيد أمنى فى الأشهر القادمة على أى من مسارح العمليات المجاور لإسرائيل أو خارج نطاق المنطقة، فإنه يمكن للجيش الإسرائيلى أن يبدأ استخدام أجزاء من المنظومة الجديدة فى العمليات بشكل فورى .
كما يعد النظام الجديد نظاما لاعتراض الصواريخ والقذائف متوسطة وطويلة المدي، ويجرى تطوير النظام الدفاعى من قبل شركات (رافائيل اليتا البيت) وهى شركات اسرائيلية بأنظمة الدفاع المتقدمة ويتعاون معهم شركة راثيون الامريكية ضمن ما أطلق عليه مقلاع داوود وهو المشروع الذى يجمع منظومة اعتراض الصواريخ فى إسرائيل التى تضم القبة الحديدية العصا السحرية حيتس و ستكون المنظومة الجديدة قادرة على الاعتراض والدفاع المضاد للصواريخ الدقيقة والبعيدة المدى ويتنظر أن تكون هذه المنظومة هى أساس منظومات الدفاع الإسرائيلى فى السنوات الخمس المقبلة على الأقل وتتزود منظومة العصا السحرية بمعلومات اطلاق صاروخ باتجاه إسرائيل من مركز ادارة الصور الباليستية الموجود فى احدى القواعد العسكرية الإسرائيلية.
وهذا المركز قادر على رصد أى صاروخ فى كل لحظة يتم اطلاقه باتجاه اسرائيل من أى جبهة وتحديد المنظومة الدفاعية التى يفترض أن تعمل لاعتراضه و أنه بينما تستهدف القبة الحديدية اعتراض الصواريخ الى مدى نحو 70 كم فان العصا السحرية جاهزة لاعتراض صواريخ أبعد من 250 كم مع رءوس متفجرة ثقيلة وأكثر خطورة.
فى ظل الواقع الراهن باتت اسرائيل تمتلك خمس منظومات للاعتراض:منظومة اعتراض قذائف الهاون فى مدى بضعة كيلو مترات ولم تختبر ،القبة الحديدية لمواجهة تهديد صواريخ تصل الى 70 كم، العصا السحرية لمواجهة الصواريخ بين 70 : 250 كم،حيتس لمواجهة تهديد صواريخ سكود شهاب 3 وصواريخ باليستية كيمائية ونووية ودخلت الخدمة عام 2000 لكنها لم تجتز بعد تجارب ناجحة وتتوقع ان تدخل الخدمة عام 2017 وقد تقدمت الحكومة الإسرائيلية لوزارة الدفاع الامريكية للحصول على مساعدات مباشرة لتمويل المنظومة الجديدة والمتوقع أن تستجيب الادارة الامريكية، وسيتم خارج برنامج المساعدات الدورية .
واجمالا من الواضح أن توقيع اتفاق الإطار بين الولايات المتحدة وإيران وما حاق به من تطورات سلبية على الامن القومى الإسرائيلى وتحفظ اسرائيل على بنوده ومسعاها لإفشاله قبل شهر يونيو المقبل -موعد التوقيع النهائى للاتفاق الدائم -عجل بالفعل بقيام إسرائيل بتنفيذ تجربة العصا السحرية، خاصة وأن المشروع كان مؤجلا لبعض الوقت لاستيفاء مراحل التجريب وفق الخطة الزمنية المحددة سلفا للتشغيل، ومن المرجح أن تقدم الإدارة الامريكية الدعم المطلوب للتشغيل الفعلى للمنظومة لتأكيد على تحسن العلاقات الامريكية الإسرائيلية وهو ما يخدم المصلحة الإسرائيلية الراهنة والتى طالبت الإدارة الامريكية بضرورة تقديم كل السبل الاستراتيجية للحفاظ على أمن إسرائيل.
ومن المبكر استراتيجيا الحكم على نجاح تجربة المنظومة الدفاعية الجديدة العصا السحرية الا فى نطاق مواجهة عسكرية شاملة خاصة أن نظام القبة الحديدية لم يختبر إلا فى نطاق حربى غزة الأخيرة وثبت أنه ليس نجاحا بصورة شاملة، وتضمن سلبيات وثغرات عديدة، وهو ما دفع وزارة الدفاع الإسرائيلية لتطوير وتحديث نمط استخدامه، ولعل ذلك سينطبق بالفعل على مراحل التشغيل المباشر لمنظومة العصا السحرية الجديدة فى أقرب مواجهة تدخلها إسرائيل فى المدى المنظور.
وستطرح إسرائيل خلال المرحلة المقبلة نظاما دفاعيا جديدا للسنوات العشرين المقبلة يعكف العسكريون الإسرائيليون على اعداده فى الوقت الراهن قبل الإعلان الرسمى عن مراحل تجريبه لعدة سنوات، وسوف يكون النظام الجديد متعدد المهام والأولويات والاستراتيجيات وحسبما تحتاجه إسرائيل فى استقراء المخاطر والتحديات على أمنها القومى فى السنوات المقبلة.
لمزيد من مقالات د. طارق فهمى