قيم

الحرية والحجاب

منذ سنوات أصدرت جامعة الأزهر قرارا, بإلزام كل طالبة تدخل الحرم الجامعى بارتداء الحجاب, فذهبت لرؤية كيف يتم تطبيق هذا الأمر على الطبيعة, وعندما وقفت أمام باب الجامعة رأيت نوعين من الطالبات، أحدهما تأتى من بيتها ترتدى الحجاب بالفعل، والنوع الثانى من تحاول أن تمتثل لقرار الجامعة فتأتى غير محجبة, ومعها إيشارب في حقيبتها, ترتديه فقط أمام الأمن عند دخولها من باب الجامعة.
وسألت النوعين عن موقفهما, فقالت من تأتى من بيتها بالحجاب, إنها مقتنعة بذلك حتى قبل قرار الجامعة، وأنها متمسكة بحجابها وأنه حرية شخصية لها، بينما قالت من تتحجب لتنفيذ القرار أنها ترتدى الإيشارب أمام الأمن, لتدخل إلى كليتها, ثم تنزع الغطاء في الداخل وهى ترى أن ذلك حرية شخصية. واكتشفت أن كلا النوعين يرى الحجاب حرية شخصية لا تستطيع جهة أو سلطة أن تفرضه, وأنه ينبع من قناعة داخلية سواء بالقبول أو الرفض.
تذكرت هذه الواقعة عندما دعا الكاتب شريف الشوباشى للتظاهر فى ميدان التحرير من أجل خلع الحجاب, الذى يزعم أنه يقمع الحريات عند المرأة، متهما الرجال بأنهم يضربون النساء من أجل فرض الحجاب عليهن.
والواقع أن الاقتناع هو أساس ارتداء الحجاب, فلا أحد يستطيع أن يفرض على فتاة أو سيدة ارتداء الحجاب, كما رأينا فى قرار جامعة الأزهر.
فإذا كان الأستاذ الشوباشى يدعم حقا الحرية الشخصية ويمجدها بحكم ثقافته، فليترك قضية الحجاب تماما، لأنه سيقع فى مأزق, إذا حارب من أجل الحرية الشخصية فى خلع الحجاب، سيكون ضد الحرية الشخصية فى ارتداء الحجاب، وعليه أن يتذكر جيدا أن الحرية لا تتجزأ، ولا يمكن أن يكون فى قضية واحدة مع الحرية وضد الحرية فى الوقت ذاته ، وإذا كان الأستاذ الشوباشى يبحث عن قضية يتظاهر من أجلها فى ميدان التحرير فلدينا العديد من المشاكلات القاتلة ، مثل البطالة , وحينها سيؤيده كل بيت فى مصر.
لمزيد من مقالات د.عبد الغفار رشدى