اعلن فضيلة الامام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الازهر الشريف الاستمرار فى مواصلة الجهد وبذل العطاء والعمل المستمر من اجل مواصلة مسيرة التجديد فى الخطاب الدينى . واضاف الامام الاكبر فى كلمته امس فى افتتاح الندوة التحضيرية لمؤتمر التجديد فى الفكر والعلوم الاسلامية بحضور الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار العلماء ان الهدف الحقيقى وراء التجديد فى الخطاب الدينى هو القضاء على الانقسام القائم بين تيار متغرب يدير ظهره للتراث وآخر متمسك به. وأكد الإمام الأكبر فى كلمته أن موضوع «تجديد الخطاب الديني» الذى يدور على ألسنة الكثير وأقلامهم فى الآونة الأخيرة وعلى الشاشات الفضائية وصفحات الجرائد، يزداد غموضًا والتباسًا من كثرة ما تناولته وسائل الإعلام، بغير إعداد علمى كاف لبيان فيه مفهوم التجديد، وتحديد ما هو الخطاب الذى يُراد له التجديد، وهل صحيح أن ما سموه بالخطاب الدينى كان هو وحده أصل الأزمات التى يُعانى منها العالم العربى أمنيًا وسياسيًا، وكذلك التحديات التى تقف عائقًا أمام نهضته وتقدمه. والأزهر وإن كان قد تبني منذ القدم المذهب الأشعرى وروَّجه فى سائر أقطار المسلمين، فذلك لأنه وجد فيه العلاج لأمراضٍ وعللٍ أصابت الفكر الدِّيني، خاصة فى القرنين الماضيين،والأزهر وهو يتبنى هذا المذهب فإنه لا يتبناه تعصبًا لمذهب ولا لإمام من الأئمة، ولكن لأن هذا المذهب لم يكن أمرًا مخترعًا أو مُحدَثًا فى الدين، بل كان انعكاسًا صادقًا أمينًا لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وتابعوهم من يسر وبساطة فى الدين. وفى نهاية كلمته لخص الإمام الأكبر كلامه عن تجديد الخطاب الدينى قائل: إن التجديد هو خاصة لازمة من خواص دين الإسلام، نبَّه عليها النبي صلى الله عليه وسلم فى قوله الشريف: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا» ، غير أنَّ الخلاف سُرعان ما دب فى فهم المقصود من التَّجديد فى الحديث الشريف، ولهذا لابد من إعداد قائمة إحصائية بكبريات القضايا التى تطرح نفسها على السَّاحة الآن، وهذا ما قلته قبل ذلك منذ عشر سنوات تقريبًا فى مؤتمرٍ لوزارة الأوقاف عن التجديد أيضًا، وأرى أن تكون الأولوية للقضايا التى شكَّلت مبادئ اعتقادية عند جماعات التكفير والعنف والإرهاب المسلح، وهى على سبيل المثال لا الحصر قضايا: الجهاد،الخلافة ،التكفير ، وغيرها. ولا يقال: إن معظم هذه القضايا قد طرح من قبل فى مؤتمرات عدة، وكان فى الأزهر وغير الأزهر لأننا نقول إن المطلوب فى مؤتمرنا القادم إن شاء الله بيان أو وثيقة تصدر بإجماع علماء المسلمين، أو إجماع ممثلين لعلماء العالم الإسلامي، سواء بالحضور والاشتراك المباشر، أو بما يفيد الموافقة كتابة.. ويصدر هذا البيان بالعربية، مع ترجمته إلى اللغات الحَيَّة كلها، ويُوزَّع على السفارات بشكل رسمي. وفى الختام ألقى الدكتور عباس شومان وكيل الازهر توصيات الندوةُ ،والتى أكد فيها ان التجديد لا يعنى َّ الإلغاءَ ولا التبديلَ ولا التبديدَ، ولا المساسَ بالثوابتِ والمُسلَّمات، ولا إهدار ما بذَلَه المجتهدون عبرَ القُرون، فاجتهادُهم يُمثِّلُ ثروةً فكريَّةً معرفيَّةً لا يجبُ تَجاهُلها ،وإنما هو الفَهمُ الجديدُ لنصوصِ الوحى فى ضوء اختلاف الزمان والمكان والأحوال ومُشكلات العصر وقَضاياه؛ لما للشريعةِ الإسلاميَّةِ من مُرُونةٍ وسَعةٍ تُمكِّنها من استيعاب كلِّ المُستجدَّات. و قرَّر الأزهرُ عَقْدَ مؤتمرٍ سنويٍّ عالميٍّ مُوسَّعٍ عن التجديدِ فى الفِكرِ والعلومِ الإسلاميَّةِ، تُطْرَحُ فيه كلُّ قضايا الاجتهادِ والتجديدِ فى العلوم الإسلاميَّة والإنسانية، برؤيةٍ واقعيةٍ ٍ لمستجداتِ العصر بشكلٍ علميٍّ وموضوعيٍّ.