ربما لم يمر يوما على مدى الشهرين الماضيين إلا و تحدث فيها المهندس رضا إسماعيل وزير الزراعة وإستصلاح الأراضى حول فرض سيطرته وسطوته على سوق اللحوم المصرية، بقدرته على طرح اللحوم السودانية الطازجة التى سيتوردها لحساب وزارته للمستهلك المصرى بسعر 25 جنيها فقط للكيلو جرام فقط. وبطبيعة الحال لأن حديثه – كعادته كوزير – غير مسئول ولا يمت للحقيقة بصلة وفقط لحرق الأعصاب، فشلت مهمة اللجنة الرفيعة المستوى التى أرسلها للسودان للتعاقد على 70 مليون رأس سودانية كما قال فى تصريح لإحدى الصحف القومية الكبرى التى صدقته - للأسف - ولم ينساق خلف هذه التصريحات الأهرام لأنه يدرك تماما أنها فقط تندرج أسفل أكاذيب إبريل .. وما أكثرها !! بداية.. ربما لا يعلم ذلك الوزير الكذاب أن السودان لا تمتلك من الثروة الحيوانية كعجول يمكن تصديرها إلى مختلف دول العالم إلى جانب إستهلاك مواطنيها المحلى سوى 70 مليون رأس عجول وبالتالى ما يقوله بأنه سيستورد 70 مليون رأس كلام فاضى أولا لأن الرأس هناك تساوى ألف دولار أى أنه يحتاج 70 مليار دولار لإستيرادها، ثانيا هل سيدعو الأخوه فى السودان للحياة فى مصر حتى يأكلون معنا لحومهم بعد أن إستورد كامل قطعانهم المحلية ! فقبل نحو 5 أسابيع سافر إلى السودان وفد مصرى رفيع المستوى من وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى لوضع برنامج طويل المدى لاستيراد اللحوم السودانية لحساب وزارة الزراعة كما كلفهم الوزير وفقا لتوصية مساعدة الدكتور محمد توفيق صاحب الكلمة النافذة بوزارة الزراعة حاليا والذى حل محل الدكتور يوسف عبدالرحمن السجين حاليا وإمبراطور الوزارة فى عهد يوسف والى وبالطبع لم يكن المقصود سوى تحقيق "بروباجندة إعلامية " كبيرة قد تطيل فى عمره كوزير لأسابيع جديدة ولكن الحقيقة كانت صادمة وأسرع مما هو متوقع وإنكشفت الحقيقة. فلقد إلتقى الوفد المصرى فى السودان مع وزراء الزراعة والرى والثروة الحيوانية والسمكية والمراعى والتجارة بالسودان، بجانب وزير الزراعة بولاية الجزيرة ومصدرى الماشية واللحوم لانفاذ هذا البرنامج الذى أعلنه الوزير لإستيراد عجول حية يمكن بيع لحومها فى مصر بسعر 25 جنيها للكيلو جرام فقط وهو ما أثار دهشة السودانيين أنفسهم حيث تباع اللحوم فى السوق السودانية ذاته بما يوازى 37 جنيها سودانيا أو ما يوازى 50 جنيها مصريا. وكان الحديث الحاسم، الذى قاله المسئولين السودانيين أن السودان دولة تعتمد على التجارة الحرة وثروتها الحيوانية بالكامل يملكها التجار والقبائل السودانية وليس الحكومة التى يمكنها فقط أن تضمن أى تعاقد بين مصر والتجار السودانيين بسعر السوق السودانى وليس بسعر تفرضه الحكومة السودانية إرضاءا للحكومة المصرية وهو الأمر نفسه المتبع مع الشركات المصرية العاملة فى الإستيراد.. وهو ما كان يعنى بيع "الوزارة" للحوم السودانية بعد إستيرادها حية من سوق "الموالح" أكبر الأسواق السودانية للماشية الذى زاره الوفد بسعر لا يقل عن 35 جنيها للكيلو جرام رغم كل التسهيلات التى حصلت عليها، وبالطبع عاد الوفد المصرى بخفى حنين ولم تعلن الوزارة عن عودته! المزيد من مقالات محمد غانم