يقتضي مبدأ المشروعية الدستورية أن يكون الدستور بحسبانه القانون الأسمي في بلد من البلاد هو المرجع لتحديد مؤسسات الدولة, وبيان اختصاصات هذه المؤسسات والقائمين بتمثيلها المعبرين عن إرادتها. ويؤكد الفقه الدستوري أن القواعد الدستورية لتوضيح فلسفة نظام الحكم والمبادئ السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يجب أن تسود المجتمع في فترة زمنية معينة, ويجب أن تكون متوافقة مع معطيات الواقع في هذا المجتمع, بل يجب أن تكون هذه الفلسفة وتلك المبادئ انعكاسا لهذه المعطيات, التي كلما تغيرت كان من الواجب تعديل الدستور ليصبح متلائما معها, وإلا كان النص الدستوري في واد والواقع العلمي للمجتمع في واد آخر. ولعله من المنطقي والمقبول وفقا للأصول الدستورية السليمة أن يرتكز إعادة بناء الدولة من جديد علي وجود أساس سليم يتمثل في وضع دستور يتصف بشيء من الدوام وليس إعلانا دستوريا مؤقتا, وذلك قبل تشكيل المجالس التشريعية وانتخاب رئيس للجمهورية, تفاديا للدخول في إشكاليات دستورية وسياسية في المجتمع المصري هو في غني عنها. فكيف تستقيم الأمور إذن بعد تشكيل مجلس الشوري الحالي وفقا لنصوص الاعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 ثم يأتي دستور جديد للبلاد قد يستبعد هذا المجلس من الوجود, وما هي نظرة المجتمع السياسي في هذه الحالة لهذا المجلس بعد انكار أهميته من جانب اللجنة التأسيسية التي أعدت مشروع الدستور وموافقة الشعب عليه في الاستفتاء, فكيف يستطيع أعضاء هذا المجلس ممارسة مهامهم وهم في نظر المجتمع المصري بأسره أعضاء في مجلس يري المجتمع أنه لا طائل من وجوده في الحياة السياسية؟ سيكون المطلوب من المجتمع المصري حينئذ ان يصبر علي المجلس لحين استكمال دورته المحددة في الاعلان الدستوري ومدتها ست سنوات, ويمكن تصور مثل هذا المشهد أيضا إذا تم حذف نسبة ال50% عمال وفلاحين من تشكيل مجلس الشعب. وتعتبر الفروض التي طرحناها أمثلة للاشكاليات الدستورية التي قد تحدث بعد صدور دستور جديد للبلاد لا يتضمن ذات الاحكام الواردة في الاعلان الدستوري بشأن تحديد مؤسسات الدولة وبيان اختصاصاتها. وإزاء ذلك نتمني اعداد الدستور قبل اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية, حتي لا نتعرض لمثل هذه المعضلات. ومن الفروض المحتملة في هذا الشأن ايضا إذا تم انتخاب رئيس الجمهورية وفقا للاعلان الدستوري فإن اختصاصاته تكون وفقا لما جاء بنص المادة (56) من هذا الاعلان أقرب ما تكون إلي النظام الرئاسي, فماذا لو تم الاستقرار في الدستور الجديد علي النظام البرلماني, فهل ننتظر ايضا لحين انتهاء مدة رئيس الجمهورية لتطبيق أحكام الدستور الجديد؟ ويبدو من ذلك ان احكام الدستور الجديد بالنسبة لتشكيل المجالس البرلمانية ومؤسسة الرئاسة سوف تكون معطلة لحين انتهاء المده المقررة لها في الاعلان الدستوري الحالي. لذا ندعو جميع القوي السياسية والوطنية في المجتمع إلي سرعة وضع دستور جديد تفاديا لفتح باب الاجتهاد والخلاف الفقهي مستقبلا حول هذه المسألة. د. أشرف إسماعيل عزب المحامي بالنقض