القرار الجديد لوزير التربية والتعليم بإلغاء الكتب المدرسية وإحلال وحدات (CD) بدلا منها ، بتكلفة مليار جنيه ، رأى فيه بعض الخبراء اعترافا صريحا من الوزارة بأن الكتاب المدرسى لم يعد له ضرورة لدى الطالب كما أن الطلاب يرون أن الكتاب المدرسى «عبء لا لزوم له» ،لأن المدرسين يعتمدون حتى فى الواجبات على الخارجى ، بينما يرى آخرون أن فكرة ( السى دى ) لن تكون ناجحة الا اذا كان فى جميع المدارس أجهزة كمبيوتر لكل الطلاب طوال اليوم الدراسى . بداية يؤكد الطالب محمد هشام - بالثانوية العامة أن كثيرا من الطلاب لايحضرون إلى المدرسة ولا يستخدمون الكتاب المدرسى ، وبعضهم لا يذهب لتسلمه ، فتجده مكدسا بالمخازن ، فالوزارة فى واد ونحن فى واد آخر ، ومشكلتنا أن الوزارة ستضع درجات على الحضور ، وتتوقف حياتنا على الدروس الخصوصية ، كما أن الطالب الذى تربى على الكتاب لن يعتمد على ( السى دي) لأنه لا يعرف المذاكرة بدون كتاب ، ولا يستطيع أن يذاكر على جهاز الكمبيوتر ، بدليل أن الوزارة ومواقع أخرى كثيرة تضع دروسا وشرحا على المواقع الالكترونية ولا يوجد أحد ينظر إليها أو يحاول معرفتها ، لأنها فكرة غير عملية ، وتربط الطالب بجهاز الكمبيوتر ، بينما الطالب يريد الخلاصة ، إضافة لحالة الملل التى تصيبه من قطع كهرباء ثم البحث عن المادة ، ومن ذلك يذهب للمدرسة دون كتب ، وليس فيها فى نفس الوقت كمبيوتر ليتلقى الدرس وكيف يتابع الشرح ويتفاعل مع المدرس ؟ وأضاف ياسر عبد الجواد طالب أولى ثانوى ، أن الوزارة ستريحنا تماما من حمل الكتب الثقيلة مع اعتبار أننا لا نستفيد منها ، لكن أين سنفتح ( السي. دي) ؟ هل سيكون فى معمل ؟ علما بأن أى مدرسة - حتى النموذجية الخاصة - لا تملك جهازا لكل تلميذ أى أننا سنجلس فى الفصل فى انتظار الشرح دون أن نعرف قبلها ما هو الموضوع حتى نعود للمنزل ، وهذا على مستوى كل المواد ، والذى لا تدركه الوزارة أن (السى دي) يتعرض للتلف سريعا مع كثرة الاستعمال، لأنه من البلاستيك الشفاف يتعرض للخدش ويفسد، ونحن سنستخدمه على الأقل 15 مرة لكل مادة أسبوعيا ،فلن يتحمل أسبوعا واحدا دون إتلاف . غير عملي ويرى الدكتور حسنى السيد أستاذ البحوث التربوية أن قرار تعميم استخدام (السى دى ) بديلا عن الكتاب المدرس غير عملى فالكثافات العالية فى الفصول وعدم وجود مقاعد كافية للطلاب ، يصعب معها توفير أجهزة كمبيوتر لكل الطلبة ، كما أن معظم المدارس غير مجهزة بمصادر الكهرباء لكل جهاز بعدد الطلاب ، وأن تجارب الوزارة فى هذا المجال منذ ايام الدكتور حسين كامل بهاء الدين خلقت نوعا من العزلة بين الطالب والمدرس، فطبقت عملية الخلط بين الجانبين ، فلا بد أن تكون هناك رؤية وفكر واستراتيجية ، ثم توضع آليات للتنفيذ ، ولا يجب أن ننسى أن هناك تلاميذ يعيشون بالمقابر بل ويدرسون فيها ، وهناك آخرون يعيشون فى الحقول والمناطق النائية التى لا تصلها كهرباء أوحتى ماء ، ومع ذلك فإن المذاكرة فى الكتاب المدرسى لها طبيعة خاصة ، وإيهام الناس بأن إدخال النظام الإلكترونى هو نوع من التطور ، هو يخدع الوزارة نفسها دون غيرها ، لأن الكتاب هو محور العملية التعليمية فى كل دول العالم المتقدم ، والمشكلة الحقيقية لدينا هى أن يكون للمدرسة دور حقيقى فى التعليم والأنشطة ، وتحقيق التربية التى هى عنوان الوزارة ، فالمدرسة صاحبة رسالة حقيقية ، ولكنها أصبحت نموذجا غير جيد فالمدرس أتى إليها ليجذب الطلاب لتلقى الدروس الخصوصية لديه ، وحتى فى أثناء اليوم الدراسى فى داخل أو خارج المدرسة ، وأصبح الجميع لا يعتمد على الكتاب المدرسى بأى حال إلا إجبارا بمرحلتى التعليم الأساسى فقط ، وهذا المشروع بهذا الشكل لن يكتب له النجاح لسبب بسيط هو أن الوزير السابق له محاولة سابقة لتعميم جهاز التابلت فى تسع محافظات ، ليظهر بأنه صاحب الطفرات التعليمية والحقيقة التى لم يذكرها أن الوزارة كانت تسلم مع التابلت كتب المدرسة بالكامل ، ثم جازفت بسمعتها وسحبت الجهاز من معظم التلاميذ ، وسلمتهما كتبا دراسية هذا العام ، لأنه ثبت أنه غير عملى رغم إمكانية متابعة الطالب للدرس عليه فى أثناء الحصة وخارجها ، ولا يحتاج سوى جهاز إرسال بداخل الفصل ، فإذا علمنا أن أكثر من 50 % من التلاميذ ليس لديهم أجهزة كمبيوتر ، خاصة فى الأقاليم لأن المنزل يكون به جهاز واحد فى حين أن به 3 أو 4 طلاب كل منهم يحتاج العمل عليه والمذاكرة طوال النهار ، ومعظم الأسر شديدة الفقر لا تستطيع أن تشترى مايسمى (سايبر) بالمنزل من أربعة أجهزة أو أكثر ، إضافة لخطورة الجلوس الطويل أمام الكمبيوتر من حيث الحالة الصحية والنفسية التى يدمرها تماما ، فنخرج إنسانا عاجزا طوال حياته. بعيد عن الواقع وأضافت السيدة فاطمة الزهراء هلال موجهة سابقة بالتعليم أن الاستعانة بالسى دى بديلا عن الكتاب المدرسى فكرة تضاف للفشل الذى تسير فيه الوزارة أخيرا ، فليس معقولا كل هذه الأفكار مع وزير جديد لم يفهم عمل الوزارة وقضى حياته بعيدا عن الميدان ، متفرغا للعمل الأكاديمى على الورق بعيدا عن واقعنا وواقع العالم المتحضر ، إلا أن يقال عنه إنه أحدث طفرة تعليمية . لا بديل عن الكتاب وتضيف السيدة صفاء المعداوى وكيل وزارة التربية والتعليم السابقة ،أن اتجاه الوزارة لتوزيع المنهج على (السى دي) لايمكن أن يكون بديلا عن الكتاب لأنه يحتاج تمهيدا لسنين لتقبل الفكرة ، كما أن الفقراء هم النسبة الأعلى بين أولياء الأمور ، وهذا سيفتح المجال لخلق تجارة جديدة ، فى تصوير الدروس والمذكرات ليتمكن الطالب من مذاكرتها ، وهو فى نفس الوقت اعتراف ضمنى من الوزارة بأنه لا فائدة من كتبها أو فشلها بالمعنى الأصح أمام الكتاب الخارجى ، فالكتاب المدرسى للأسف غير متكامل الإمكانات والأهداف التربوية ، أو فى بناء الذكاء ،ومع ذلك فهو يتيح فرصة أكبر للتعرف على المادة التعليمية بالتعليق على العبارات والدروس ، ووضع الأسئلة والتفاعل مع الدرس والمدرس ، فيجب على الوزارة أن تدرك أن المدارس كلها ليست فى التجمع الخامس أو أن التلاميذ كلهم أبناء قادرين ماديا ،وهذا الأسلوب من الوزارة سيربك العملية التعليمية ويثير الآباء ويعطى انطباعا بأن الوزارة تعبث ، وهذا لا يمنع من أن يأخذ الطالب والمعلم بأسباب التكنولوجيا ولغة العصر ، ولكن الظروف لا تسمح بمثل هذه المغامرة ، ففكرة التابلت لم تنتشر رغم إمكانية تنفيذها مع سبورة ذكية ، وكانت الوزارة من قبل تسمح للآباء بالحصول على ( سى دى ) مع الكتاب المدرسى ، والذى يعتمد على التدريبات بصفة أساسية ، وأنه يجب ألا ننسى أن معظم التلاميذ يعيشون فى الأرياف ومناطق نائية قد لا تصل إليها الكهرباء لتشغيل الكمبيوتر إذا كان موجودا.