لا أعرف لماذا أصبحنا نعيش في دائرة غير متناهية من دوائر التخوين والشك وإلقاء التهم إلي بعضنا البعض عن وعي وغير وعي؟ بل وإلقاء الشتائم والسباب كما حدث في واقعة مجلس الشعب الأخيرة والتي طلب المجلس فيها من أحد أعضائه من الشباب أن يعتذر علانية علي تجاوزاته في حق المشير طنطاوي والشيخ محمد حسان, هذا التجاوز الذي تمثل للأسف في الاستهانة بالرجلين بأبشع عبارات التشويه والتمثيل, وظني أن السبب في ذلك كله راجع إلي تلك الفئة التي تدعي لنفسها الريادة والقيادة لثورة25 يناير النظيفة دون المصريين جميعا كما تدعي لنفسها السيادة الفكرية والسياسية والتحليلية للأوضاع الراهنة وهي فئة لايمل أصحابها من الانتقال بين القنوات الفضائية, لبث سمومهم وأفكارهم المضللة يساعدهم في ذلك للأسف بعض الإعلاميين العبثيين من ذوي المصالح الخاصة والاتجاهات المعروفة, الذين يريدون أن يروا مصر دائما فوق صفيح ساخن ملتهب من غير استقرار ولاهدوء ولامستقبل ولا أمان ولا أمل ولاغد جديد, والأفكار التي يلعب عليها هؤلاء القادة الثوريون لعبتهم, هي أفكار التخوين وسياسات الشك في مستقبل هذا الوطن الكبير كأحاديثهم المملة عن عدم تسليم المجلس العسكري للسلطة في الموعد المحدد, أو تسليمها بشروط مسبقة وأحاديثهم عن صلاحيات المجلس العسكري بعد يونيو المقبل.. إلخ, علي رغم أن القادة العسكريين أعضاء المجلس وعلي رأسهم المشير نفسه قد بحت أصواتهم من الإعلان عن تسليم السلطة لرئيس مدني للبلاد في الموعد المتفق عليه, بعد انتهاء انتخابات الرئاسة, للدرجة التي دفعت المجلس العسكري في لقائه الأخير ببعض رموز مجلس الشعب وأعضائه أبي أن يقسم قسما جماعيا علي تسليم السلطة لرئيس مدني في الموعد المحدد والمتفق عليه قبل نهاية يونيو المقبل, كما صرح المشير في أثناء لقائه رئيس الأركان الأمريكي برغبته الأكيدة في تسليم السلطة لرئيس منتخب في الموعد المحدد, وكذلك مع جون ماكين عضو الكونجرس الأمريكي, وأن يعود الجيش من جديد إلي ثكناته ليتولي مهمته الأهم والأجل ألا وهي حماية حدود البلاد وتأمينها, إلا أن المغرضين والعبثين لايملون من إشاعة مخطط التخوين وسياسات الشك والخوف من الغد القريب, فيعودون من جديد ليطرحوا عبر وسائلهم الهدامة الأسئلة المطاطية السفسطائية اللز جة ومنها: وكيف ستتم عمليات نقل السلطة؟ ومن سيسلمها لمن؟ فهل سيسلمها المشير بصفة مباشرة للرئيس المنتخب؟ أم سيسلمها عملا بالدستور القديم لرئيس مجلس الشعب, ومن ثم يسلمها رئيس مجلس الشعب للرئيس المنتخب, وكأننا أمام حقيبة تائهة لا نعرف من سيسلمها لمن, وكيفية تسليمها, وموعد تسليمها, علي رغم أن فكرة تسليم السلطة أمر في غاية البساطة والوضوح وهو مرهون بيوم فوز الرئيس الجديد بمنصبه, وبالتالي سيكون أول خطاب له أمام مجلس الشعب والشوري هو اليوم الفعلي لتسليم السلطة. وأيان كانت صورة التسليم فإن هؤلاء المغرضين لن يصمتوا, ولن يملوا من إشاعة روح الخوف بين أبناء الشعب, وغدا سيبحثون عن مخطط جديد للتخوين والشك ونشر الريبة بين المصريين وحجتهم في النهاية والتي يتحركون من خلف ظلالها هي أن الجيش لم يوفق في إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية الحالية, وان العشرات قد سقطوا في فترة حكمه ولو نظر هؤلاء المحللون إلي مايفعله الطاغية السوري بشار الأسد وجيشه بشعبه وأبناء وطنه الأبرار, والذي قتل منهم إلي الآن مايفوق عشرة آلاف شهيد, والأمر نفسه مافعله العقيد القذافي وجيشه في قتل مايزيد علي60 ألف شهيد عن قصد ونية مبيتة لأدركوا علي الفور أن جيش مصر الطاهر العظيم لم يقتل عن قصد أبدا شهيدا من شهداء هذا الوطن الكبير, ولو وقع شهداء في تلك الفترة الانتقالية فهم أول من يعلم من قتلهم وسفك دماءهم, ويكفي لجيشنا العظيم أنه حما الثورة في أوج اشتعالها ووقف في صف الشعب العريق وحما انتخابات مجلسي الشعب والشوري, وأصر علي نزاهتها, ولو وقع في أخطاء في إدارة وطن بحجم مصر فله العذر, فالتجربة صعبة والوطن كبير. د. بهاء حسب الله - كلية الآداب جامعة حلوان