مواصفات اختبارات القدرات 2025 كلية التربية الموسيقية.. شروط النجاح ونماذج استرشادية    بالتعاون مع يونيسيف.. إطلاق دليل "دوى" لتمكين الأطفال ذوي البصائر    كجوك.. لقمة افريقيا بلندن.. بعد فوزه بجائزة أفضل وزير مالية بالقارة السمراء    «البرلس للغاز» تنجح في إضافة بئر «سبارو ويست-1» إلى خريطة الإنتاج    عودة الخدمات البنكية الرقمية والسحب والإيداع من ماكينات الصراف الآلي ATM والدفع بPOS    مدير «مجمع الشفاء» في غزة: «الوقود يكفى ليوم ونصف.. والوضع الكارثى يتفاقم»    بين المطرقة والسندان.. نتنياهو وترامب في سباق المصالح حول إيران وغزة    رئيس الوزراء: زيارة رئيس مجلس الدولة الصينى مهمة جدًا    «القاهرة الإخبارية»: عملية الاحتلال في جنوب لبنان هي الأوسع    بيدرو نيتو: أتمنى تحقيق مونديال الأندية من أجل جوتا    إصابة أرنولد تربك حسابات ألونسو قبل مواجهة باريس في مونديال الأندية    أبو عامر وشعبان يتوجان بفضية الناشئين ببطولة العالم للتتابعات للخماسي الحديث    هيكل ولعبة يوقعان علي عقود الإحتراف في طائرة حتا الإماراتي    وزير الاتصالات يعلن موعد عودة الخدمات بالكامل بعد حريق سنترال رمسيس    تناولوا فول وعدس.. إصابة جد وجدة وحفيديهما بحالة تسمم بقنا    بمشاركة صديقها.. نور عمرو دياب توجه رسالة لوالدها الهضبة بأغنيته الجديدة «بابا» (فيديو)    حتى 18 يوليو.. ثقافة أسيوط تطلق ليالي عرض مسرح الطفل زهرة وبهروز    محافظ القليوبية يترأس اجتماع مجلس الصحة الإقليمي    شرب السكريات أكثر ضررًا من تناولها في الطعام    من الإكتفاء الذاتى والتصدير إلى الاستيراد…منظومة انتاج الأسمدة تنهار فى زمن الانقلاب    وفد من سفراء الاتحاد الأوروبي يتفقدون الجامع الأزهر (صور)    ريال مدريد مهدد بفقدان أرنولد ضد باريس سان جيرمان بمونديال الأندية    المهرجان القومي للمسرح المصري يعلن برنامج ندوات دورته ال18    محافظ الغربية يشهد ختام فعاليات المهرجان القومي للمسرح بطنطا    كلية الفنون الجميلة بالمنصورة تناقش 200 مشروع تخرج للطلاب    استمرار توافد جماهير الدراويش لتوقيع استمارات سحب الثقة من مجلس الإسماعيلي (فيديو)    المنوفية.. فتح باب القبول للالتحاق بمدارس التمريض الثانوية حتى الأحد 27 يوليو    6 أعراض تؤكد أن طفلك يعاني من مشكلات في الكبد    الكشف على 833 حالة فى قافلة مجانية لجامعة كفر الشيخ بقرية فى البحيرة    تطورات حالة طبيب مستشفى بني سويف الجامعي بعد واقعة الجرح الذبحي    السجن المشدد ل متهمين بحيازة المواد المخدرة والسلاح في المنيا    77 مترشحًا يتقدمون لخوض انتخابات مجلس الشيوخ في اليوم الخامس لتلقي الأوراق    طلب ترشح لقائمة واحدة بانتخابات مجلس الشيوخ تحت اسم القائمة الوطنية من أجل مصر    وزير الزراعة يكلف الدكتور سعد موسي بالعمل وكيلا لمركز البحوث الزراعية لشئون البحوث    نمو كبير في صادرات الإسماعيلية الزراعية خلال مايو ويونيو.. اعرف التفاصيل    رئيس الوزراء: سفن التغييز تبدأ الضخ في الشبكة القومية الأسبوع المقبل    السقا يحتفل بعرض فيلمه أحمد وأحمد في الإمارات وزيزو يشاركه    توقيع مذكرة تفاهم بين مكتبة الإسكندرية والمتحف الوطني لنظم تاريخ الكتابة بكوريا الجنوبية    منتخب الطائرة البارالمبي يحصد ذهبية البطولة الأفريقية في كينيا بالفوز على رواندا    عبد العاطي: نتطلع لاستضافة المؤتمر الدولى للتعافى المبكر وإعادة الإعمار فى غزة فور التوصل لوقف إطلاق النار    تقدم الجيش ومعاناة المواطنين.. آخر تطورات الأوضاع في السودان    افتتاح أول مدرستين للتكنولوجيا التطبيقية في الأقصر    السجن المشدد 5 سنوات لسارق بالإكراه ضبطه الأهالي متلبسًا في الجيزة    طارق الجميل يجتمع بمدربي قطاع الناشئين في غزل المحلة استعدادًا للموسم الجديد    التهمته النيران بالكامل.. كواليس حريق كشك سجائر بفيصل    الأزهر للفتوى الإلكترونية: الالتزام بقوانين ضبط أحوال السير والارتفاق بالطرق من الضرورات الدينية والإنسانية    خبير اقتصادي: زيارة الرئيس الصيني لمصر ترسخ دعائم الشراكة الاستراتيجية الشاملة وتدفع مسيرة التعاون بين القاهرة وبكين    الأزهر للفتوى: متوفين سنترال رمسيس "شهداء".. ويشيد بدور رجال الاطفاء    ضبط سائق ربع نقل يسير عكس الاتجاه    كوريا الشمالية: وزير خارجية روسيا يزور بيونج يانج بعد غد    بدايًة من 12 يوليو.. أماكن امتحانات كلية التربية الفنية في المحافظات لتأدية اختبارات القدرات لعام 2025-2026    أفضل دعاء للرزق بالولد وفقًا للقرآن والسنة    وكيل الأزهر: «المشروع الصيفى القرآنى» مبادرة تعزز دور الأزهر فى خدمة كتاب الله    سقوط عنصر جنائي بتهمة النصب والتزوير بالطالبية    «حدوتة حب مصر».. قصور الثقافة تحتفي بمسيرة أحمد منيب بحضور أبنائه غدًا    أيمن الرمادي: عبد الله السعيد مثل رونالدو في الزمالك.. وكنت بحاجة للقندوسي وزلاكة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 9-7-2025 في محافظة قنا    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات كليات ومعاهد دبلوم سياحة وفنادق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضيةٌ خارج الاهتمام

رغم أن عملية التنمية هى خيارنا و(خلاصنا) الحضارى الوحيد فإن البحث العلمى فى مصر يمضى فى وادٍ وعملية التنمية ذاتها تقيم فى وادٍ آخر تماماً. ولا أقصد هنا مردود البحث العلمى بل (سياسة) البحث العلمي.
نعلم جميعاً أن مصر عرفت منذ عهد محمد على سياسة البعثات العلمية الى أوروبا لاكتساب العلوم والمعارف والفنون والاحتكاك بنماذج التقدم العالمي. ومن المؤكد أن مصر قد اقتطعت من (لحم الحي) كما يقال لكى تُدبر المال اللازم للانفاق على مبعوثيها فى الخارج. عاد من هؤلاء علماء ومفكرون وأكاديميون أسهموا فى تنوير المجتمع وتطوير بعض قطاعاته ومؤسساته ولو بطريق المحاكاة. لكن ملف الابتعاث الخارجى ما زال يطرح العديد من التساؤلات والاشكاليات اذ يبدو أنه ليس لدينا سياسة واضحة وتخطيط مدروس للمجالات والموضوعات التى تبتعث مصر طلابها وباحثيها من أجل دراستها والتعمق فيها ليعودوا الى الوطن بما يثرى هذه المجالات والموضوعات. فالحاصل اليوم أن كل مبتعث الى الخارج يكون له اختيار (أي) موضوع لبحثه العلمى فى الدكتوراه ولو كان هذا الموضوع مُنبت الصِّلة بالأولويات والقضايا التى تحتاجها مصر.
بالطبع لا أحد ينكر أن كل بحث علمى مطلوب فى حد ذاته أياً كان مجاله أو موضوعه لكن المؤكد أن هناك حقولاً علمية معينة وموضوعات بعينها تمثل لعملية التنمية فى مصر اضافة مؤكدة. السؤال الذى أطرحه فى هذا السياق هل لدينا سياسة واضحة ومدروسة للابتعاث العلمى للخارج على نحو يلبى أولويات ومتطلبات التنمية فى مصر ؟ لدينا بالفعل داخل وزارة التعليم العالى ادارة للبعثات تنشغل بمئات التفصيلات ولا شك أنها تؤدى دوراً ما. لكن هل لدى هذه الادارة رؤية او سياسة للابتعاث الخارجي؟ واذا كان لديها مثل هذه الرؤية او السياسة فهل بتم تطبيقها بالفعل؟ فى الاجابة عن الشق الأخير لست أعتقد أن لدينا رؤية أو خطة مطبقة فى هذا الشأن. فقد سافرت فى بعثتى العلمية الى فرنسا منذ نحو ثلاثين عاماً واخترت فيما أظن موضوعاً جيداً لأطروحتى للدكتوراه. لكنى أظن أيضاً أنه كان يمكن اختيار موضوع لأطروحتى ولأطروحات أخرى كثيرة تكون أكثر صلة بأولويات وقضايا المجتمع المصري، كان من بين الأوراق المطلوبة لسفرى اعداد مشروع خطة لأطروحتى فى الدكتوراه لكن أحداً لم يناقشنى فيها أو يقترح عليّ غيرها. وهذا بالضبط ما يحدث حتى اليوم. انفصال بين واقع مشكلاتنا وتحدياتنا وقضايانا وبين نظام بعثاتنا العلمية الخارجية. يكاد معيار اختيار موضوع أطروحات الدكتوراه خارج مصر (وداخلها أيضا) هو البحث للبحث أو العلم للعلم. حسناً.. لكن ماذا عن البحث لخدمة الواقع والعلم من أحل التغيير؟ السؤال يدفعنا لابداء الملاحظات التالية.
الملاحظة الأولى أنه ربما كان علينا أن نعيد ترتيب أولويات سياسة الابتعاث الخارجى على ضوء التحديات الوجودية التى تواجهنا فى مجالات علمية معينة مثل تعمير الصحراء، والمياه، ونظم الرأي، والتلوث، والتخطيط العمراني، والزراعة وغيرها، وأن نفكر داخل هذه المجالات عن الموضوعات والقضايا والمشكلات ذات الأولوية. الأمر يتطلب اذن انشاء لجنة أو آلية (ليس المهم التسمية بل الدور والمضمون) تكون مهمتها وضع سياسة عابرة للتخصصّات وذات رؤية شاملة لخريطة أولويات المجتمع المصري. يكون أحد مخرجات عمل هذه اللجنة أو الآلية اعداد قائمة ليس فقط بالمجالات العلمية بل ايضاً (بالموضوعات) التى يكون معروفاً ومحدداً منذ البداية أنه بناء عليها سيتم ايفاد المبعوث المصرى الى الخارج.
الملاحظة الثانية أنه ليس القصد من الفكرة تقييد المبعوثين الى الخارج بموضوع للبحث يصادر حقهم فى الاختيار (وهذا بعد هام) لكن المقصود والمطلوب هو وضع قائمة من عدة موضوعات مرتبطة باحتياجاتنا وأولوياتنا كمجتمع ويترك للمبعوث المصرى الاختيار من بين هذه الموضوعات. هذا حل يوفِّق بين أولويات التنمية فى المجتمع وبين حرية الاختيار الممنوحة للباحث. بالطبع سيتوقف الأمر على نجاح هذه اللجنة أو الآلية فى اختيار قائمة الموضوعات، وهو ما يتطلب أن يكون المنوط بهم اعداد هذه القائمة على درجة كبيرة من الاحاطة والشمول والعمق بما تحتاج اليه مصر حالياً. الشرط الوحيد ألا يكون هؤلاء من ذوى الرؤية الوظيفية البيروقراطية. والا فمن الأفضل ابقاء الوضع على ما هو عليه (!)
الملاحظة الأخيرة أنه انتشرت فى الآونة الأخيرة ظاهرة استقدام المسئولين المصريين خبراء أجانب للاستعانة بهم فى دراسة موضوع أو اعداد رؤية ما. بالطبع هذا أمر طبيعى ومطلوب أحياناً لأننا نفتقد المعرفة المتعمقة والخبرة الكافية فى بعض المجالات أو الموضوعات. لكن المؤكد أن ترشيد وتطوير سياسة البعثات العلمية الى الخارج كفيل بخلق قاعدة من شباب الباحثين والخبراء الذين يمكن الاستفادة من معارفهم المتطورة اللصيقة بالمشكلات المصرية المزمنة والمستجدة . وبهذه المناسبة لا زلت أتذكر أثناء مشاركتى فى مفاوضات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أن شاباً أمريكياً لم يكن يتجاوز الثلاثين كان يرأس الوفد الأمريكى فى كثير من الجلسات، واكتشفت أنه برغم صغر سنه متخصص كبير فى موضوع مصادرة الأموال غير المشروعة.
بدون مثل هذه السياسة نخشى أن تكون السمة المسيطرة على سياسة الابتعاث العلمى الى الخارج هى كما نقول فى أمثالنا (سمك لبن تمر هندي) للدلالة على العشوائية وغياب التخطيط. فالحاصل الآن واقعياً هو الابتعاث للبحث فى (أي) موضوع ولو كانت فائدته لدولة الابتعاث تفوق فائدته لمصر نفسها.
---------------
قالوا: الفارق بين العِلم والعَمَل حرف واحد فقط تبدّل مكانه، هل لهذا لا يكتمل الأول بدون الثاني؟
لمزيد من مقالات د. سليمان عبد المنعم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.