أُقبل كفكَ الصغيرة المكتظة بالحب اليانع المستكشف تمر على وجهى المتجعد, تتتبع توقيع الزمن عليه لن تصل لآخر استدارة لقلمه ،استقر به الحال على شفاهي. أنتَ مقطوعة مهمة وثمينة من أوج شبابي, تمتد من شريانى الذى أمد أمك بالحياة حتى قلبى الذى واكب وأشرف على استقبالك إلى الحياة . أنت عشقى الأكبر ، لأنى اختزلت حبى لها مع هيامى بك أنت . المثل الدارج ( أغلى من الولد ولد الولد ) لن يستطيع الأحفاد فهمه ، ولن يملكوا القدرة على فك طلاسمه سوى بالتقدم فى الرحلة، ثم الأنجال، ثم الأحفاد، سأعلم وقتها أنك صدقتنى . أنت تأتيني, تلتجئ لى, تحتمى بى من بطش العقاب، تختبئ ورائي, أو فى صدرى لو كان الأمر مزاحاً، وما تنفك تعود إلى سابق لهوك, وأكون راضية بتلك اللحظات ، هانئة بحق اللجوء المرح إلى صدرى ، ولا تدرى مدى سعادتى وأنت قابع فى فراشى الوثير.. تنتظر بلهفة وترقب ما سأسرده لك من بقية الحكايا لتعرف مصير المارد وما آل إليه ، وتسبق الدهشة الشغف ، ويتلوهما الخوف .. فاتحاً فاك ، حتى إذا رميتك بها تتمتم بالمعوذتين, فأنعم بسكينة خاصة مفادها أنك تؤمن بالرب ، فأوثق ذاك الإيمان داخلك بحضنى لتأمن بحب الجدة . حتى وأنا أرى تلعثم لسانك فأعلم أنك تكذب ، وأنا أرضخ لابتزازك بكامل إرادتى وأمنحك ما تبغيه ، وأنا عينى صوب قبلة ونظرة سعادة براقة فى عينيك ، حتى لو اتهمت بالتدليل والإفساد .. فتلك النظرة عندى تساوى ملامة الكون ، وأنا أجابه اللوم عليك بفرحة .. وإنى أثق فيما زرعته ورويته فى أرضك . تشب عن الطوق أمام عينى ، وأرفع رأسى مبهورة كى أراك وأتأمل قامتك التى تنحني, تقبل يدى مودعاً ، يد تُقَبل و يد أخرى تلامس وتتحسس نبتة القلب غير مصدقة . وأظل أنتظرك ، وأفرق بين وقع أقدامك وضجتك ، واختراق المفتاح للباب ، ورائحة عطرك التى تسبقك إليَّ .. تخترقنى وتجتازنى وأنا قابعة أنتظر تحيتك ، ليتسنى لى رؤية وجهك ، ولتطبع القبلة المعتادة عليها يداى . ولأنك كبرت وتنفر من رائحة العجائز أمثالى ، تكتفى بإلقاء التحية المسائية أو الصباحية . أتابعك بعينى ، تغدو وتروح ، وتغفل عنى وعن حياتى وكأنى أصبحت قطعة أثاث فى ذلك الركن . أكتفى بالاطمئنان عليك ، وتكتفى أنت باعترافك بوجودى وتعريفى للآخر بأنى الجدة . اكتفيت الآن من الحياة وذلك الدور المهمش ، واعتزلت الكافة ، فلم تعد ترانى او تسعى للتحقق من وجودى . الباب يدق - ما هذا ؟ - تلك برقية تعازي - فيمن؟ - فى الجدة - تعازينا ...................