أصاب النجاح الذى حققته قمة شرم الشيخ، فى بلورة موقف عربى موحد من الإرهاب، وحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثانى، أعمال القمة، تنظيم الإخوان الإرهابى، بصدمة عنيفة، عكستها حالة ارتباك واسعة سادت صفوف الإخوان على مدى الأيام الأخيرة، وتبدت فى شن حملات هجوم واسعة لم تقف عند حد ادعاء فشل مصر فى إدارة القمة، لكنها طالت الأمير تميم، الذى تطاول عليه أسامة نجل الرئيس المعزول محمد مرسى، عبر حسابه على "الفيس بوك". ورأى محللون وسياسيون، أن صعود الدور الإقليمى المصرى مع الإدارة الناجحة للقمة العربية، والمشاركة فى تحالف "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين فى اليمن، استفز تنظيم الإخوان الذى لم يجد غير تكرار محاولاته الفاشلة فى الإساءة لثورة 30 يونيو - التى أحبطت انقلابهم على الديمقراطية وأخونة الدولة - وللجيش المصري، الذى جاءت مشاركته فى "عاصفة الحزم"، انطلاقا ليس فقط من عقيدته المقدسة والراسخة فى الدفاع عن الوطن والأمة العربية، وعلى خلفية تفعيل اتفاقية الدفاع العربى المشترك، والحفاظ على أمن وسلامة الخليج المرتبط فى جوهره بالأمن القومى المصرى، والتزاما بمبدأ مصر الثابت فى دعم الحكومات الشرعية. ورأى الدكتور أحمد بان الباحث فى شئون الحركة الإسلامية، أن الجماعة تمارس دورها المعهود بها وهى لغة المصالح المستمرة ، فهم مع المصلحة طوال وقتهم، ولكن منذ لحظة خروجهم من الحكم فهم فى مشهد سيىء ومرتبك ويحاولن بشتى الطرق تصدير "مظلوميتهم"، وكانوا دائما مع فكرة تأييد أى نظام يصب فى مصلحتهم، فقد ايدوا جمال عبد الناصر إبان ثورة يوليو، وناصروا حركة الجيش، وقالوا إنها ثورة وحركة عظيمة للجيش، حتى قال سيد قطب مؤسس الجماعة" إن الوقت لم يحن بعد لكى تعودوا إلى ثكناتكم العسكرية"، كما أيدوا حل الاحزاب سنة 1953. وأضاف: لا ننسى موقفهم (الإخوان) مما حدث بباكستان فى يونيو، حيث بارك مرشد الجماعة فى ذلك الوقت عمر التلمسانى انقلاب محمد ضياء الحق ضد رئيس وزراء باكستان، وبدأت الجماعة فى سلسلة من التحالفات مع كل الأنظمة بغرض المصالح، فهم ليس لهم موقف موحد، حتى انقلاب حماس الذراع العسكرية للتنظيم على السلطة الفلسطينية ايدت هذا ،فأينما توجد المصلحة فثم اسم الجماعة الإرهابية. ومضى قائلا: إن الجماعة فى حالة التخبط ولاتدرى أن المصالح دائما ماتتصالح، وأن حسابات الدول تختلف عن حسابات التنظيمات والجماعات، فعلاقة الدول تكون أكثر عمقا واستراتيجية من أى تنظيم، وقطر أوضحت ذلك عندما حضرت للقمة العربية أن مصلحتها ستكون مع التضامن العربي، فلغة السياسة لاتكون فيها صداقات دائمة ولاعداوات دائمة بين الدول، وهذا ماجعلهم يهاجمون قطر وأميرها من أجل مصلحتهم ، خاصة بعد رفع الدعم المادى عنهم، ومحاولة قطر الانحياز للجانب العربى ولو على استحياء. وأشار الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إلى أن الجيش المصرى انحاز لموقف عروبى بالكامل فى حربه ضد اليمن، وأنه استجاب لدعوة السعودية وميثاق الجامعة العربية، ودائما موقف الجيش ينحاز للعروبة وللدفاع عن الأمن القومى، ولم يكن الجيش على مر العصور إلا جيشا وطنيا يدافع عن العرب ومصر، ولن تتخلى الدولة عن استعادة الدولة اليمنية، والسيطرة على النفوذ الإيرانى فى المنطقة والذى أصبح يتمدد، ودعوة مايسمى بالمد الفارسى والشيعى، وأن هذه الخطوة العسكرية العربية هى يقظة محمودة فى كل الأحوال حتى لو تأخرت قليلا، فهى فى النهاية تحت لواء ومظلة الجامعة العربية، ومن هنا كانت الضربة القاصمة للجماعة الإرهابية التى كانت تروج ومازالت لأن مصر لاتستطيع توحيد وقيادة العرب،، لكن آمال الجناعة خابت بعد فشلها فى كسب الشارع المصرى وكل القوى السياسية وحتى الدولية فى تأييد مواقفها، فالجماعة فى النزع الأخير لها ولن تقوم لها قائمة". من جهته، قال الدكتور رفعت السعيد زعيم حزب التجمع، إن موقف قطر مازال غير واضح، إلا أن انضمامها إلى القمة والتحالف العربى أفزع الإخوان، فقطر وتركيا هما الملجآن للتنظيم فى قلب المنطقة، وإيقاف الدعم القطرى سينهى بقاءهم فى المنطقة بالكامل، وهنا سيكون أمامهم خيار واحد هو اللجوء إلى بعض الدول ومنها أندونيسيا وماليزيا وبعض الجماعات المتطرفة فى محاولة لإثارة القلاقل، فحرب اليمن أحدثت حالة من الهوس. وحول فكرة التطاول على الجيش أوضح السعيد أن الجماعة لن تنسى أن الجيش هو الذى أيد الثورة الشعبية المصرية فى 30 يونيو، وأطاح بهم من سدة الحكم، وقد كانوا من قبل يحاولون السيطرة على بعض القيادات فيه، عندما كان السيسى وزيرا للدفاع وحاولوا الانقلاب عليه واغتياله لكنهم فشلوا فى الاثنين. وأكد زعيم حزب التجمع أن الجماعة ليس أمامها الآن إلا استدعاء خصوم مصر ضد القوات المسلحة المصرية، والتى نجحت فى إنهاء الصراعات الطائفية والعرقية فى المنطقة العربية ، وإفشال المخطط الأمريكى فى تحويل بعض الدول العربية إلى ولايات طائفية، وهذا ماقاله أوباما" لكى نفهم حقيقة المنطقة لابد من تحويلها إلى فتنة بين السنة والشيعة وهذه صراعات قديمة". وتابع قائلا: إن أمريكا لم تعد لديها فكرة القبول بالدولة الوطنية المصرية ، لذا فهى تقوم بالتحالف مع أتباعها ومنهم جماعة الإخوان، والذى قال سيد قطب عن الوطن "إنه ليس إلا حفنة من تراب عفن"، وكل الإرهابيين فى العالم يؤمنون بهذا الفكر القطبي، والذى مازالت كتبه تطبع فى وسط القاهرة ويقرأها الكثيرون وهنا مكمن الخطورة.