سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الرئيس عمر البشير في حوار للأهرام: «اتفاق الخرطوم» يمثل عودة مصر لإفريقيا.. وإرادة السيسى القوية وراء توقيعه الوضع الإقليمى صعب ويتطلب تعاونا عربيا لمواجهته
تكتسب العلاقات المصرية - السودانية طابعا خاصا ، وثمة امل لفتح آفاق جديدة للتعاون بين البلدين بعد توقيع »اتفاق الخرطوم« بين مصر والسودان واثيوبيا التى تستند على مبدأ اساسى ومهم وهو عدم الإضرار بدول المصب وهى مصر والسودان، فيما يمثل الاتفاق ايضا عودة مصر لأفريقيا. ويؤكد الرئيس السودانى عمر البشير فى حوار مع »الأهرام« ان قمة شرم الشيخ من انجح القمم العربية التى عقدت،مشيرا الى تنسيق مصرى - سودانى لحماية الحقوق المشتركة فى مواجهة مخاطر الإرهاب فى ليبيا ، محذرا من ان الصراع فى هذا البلد الشقيق من شأنه ترك فراغات وإضعاف السلطة هناك. وأعرب عن مساندة بلاده للمبادرة الخليجية بشأن اليمن التى بدأت بمطالبة اجراء حوار وحل سياسى، ثم تطورت لحتمية التدخل العسكرى لدعم الشرعية . و حذّر من ان استمرار الصراعات فى البلدان العربية هو افضل خدمة يقدمها العرب للأعداء. وفيما يلى نص الحوار: ما فحوى المباحثات الثنائية التى أجريتها مع القادة العرب خلال مشاركتكم فى القمة؟ الرئيس البشير : تم التباحث حول الشئون الثنائية والإقليمية، فنحن تجمعنا علاقات متميزة جداً مع الأخوة العرب، وإمكانية التعاون بيننا قائمة، ولكن الاوضاع الاقليمية تشكل هموما مشتركة لدى القادة العرب، فالأوضاع مضطربة فى العراقوسوريا واليمن وليبيا، ويتفق الجميع على ضرورة بذل مجهود ضخم لمساعدة تلك الدول من اجل عودة الاستقرار لها. هل هناك اطروحات جديدة للتعاون بين مصر والسودان فى مجال مكافحة الارهاب ؟ الرئيس البشير : نحن متفقون تماماً على ضرورة مكافحة الارهاب، وهناك تعاون بين الأجهزة الاستخباراتية، فضلا عن التنسيق على الحدود المشتركة بين البلدين، لمنع اى اختراق عبرها، كما ان هناك اتفاقا مبدئيا قويا جداً بألا تأوى دولة عناصر معارضة للدولة الأخري. ما الآليات المطروحة لمتابعة تنفيذ بنود «اتفاق الخرطوم» بين مصر والسودان واثيوبيا؟ الرئيس البشير : يمثل «اتفاق الخرطوم « خطوة مهمة جدا ، فبالإرادة القوية للرئيس عبد الفتاح السيسى تم توقيع هذا الاتفاق، ومثل لنا عدم التوصل اليه قلقا كبيرا ، خاصة بعد ما شهدته تلك المسألة فى عهد الرئيس الأسبق محمد مرسى وما شمله الاجتماع الذى اُذيع على الهواء بهذا الشأن ، وهو ما كان له تأثير سلبى ليس فى اثيوبيا فقط بل فى افريقيا كلها وبعض دول العالم ايضا . حيث انه لم ينسب لمصر وحدها بل لكل العرب، وكأن العرب جميعهم يحاولون تفتيت اثيوبيا ، وأول من يدفع الثمن هى دولة السودان، لأننا نمثل العمق العربى فى افريقيا. ولكن السودان يهمها الشأن الأفريقى ، خاصة ان هناك جهودا تبذل من جانب جهات معادية للأمة العربية فى افريقيا، وتهدف لان يبعد الافارقة عن العرب، و يحاول هؤلاء تقسيم افريقيا الى افريقيا شمال الصحراء وافريقيا جنوب الصحراء ، مع إثارة شروخ فى العلاقات.. ونجحت تلك الجهات الى حد ما فى ذلك، بسبب ابتعادنا عن افريقيا خاصة مصر . فمصر فى يوم من الأيام ، الدولة المحورية لكل حركات التحرر فى افريقيا ، وكانت قبلة كل الأفارقة ، واذكر أنه فى يوم واحد ، قامت 34دولة افريقية بقطع علاقاتها مع إسرائيل دعما لمصر، ولكن بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد ، ابتعدت مصر تماما عن الجانب الافريقى ، وبالتالى تأثرت العلاقات. وقد أزاح »اتفاق الخرطوم« الكثير من الشكوك ، و يمثل بداية لعودة مصر لافريقيا . ونحن لمسنا لدى الأثيوبيين جدية تامة تجاه هذا الاتفاق، والمبدأ الأساسى هو عدم الإضرار بدول المصب، وهى مصر والسودان، ليستكمل تفاصيله الخبراء الفنيون مع الحفاظ على هذا المبدأ الأساسى . هل تتوافق الرؤية السودانية فيما يتعلق بما يحدث فى اليمن مع الرؤية العربية بصفة عامة؟ الرئيس البشير : كنّا فى البداية ندعم المبادرة الخليجية التى كانت تتمثل فى الحل السلمى والسياسى، ولكن على أرض الواقع أفشل الحوثيون المبادرة الخليجية تماما وبعدها قرر الجانب الخليجى دعم الشرعية ، من خلال التدخل العسكرى فى اليمن. ومرة اخرى، ساندنا الجانب الخليجى حيث إننا مع مبادرتهم، إما بالحل السلمى او التدخل العسكرى . وماذا عن إمكانية اجراء مصالحة فى الوقت الحالى فى اليمن؟ الرئيس البشير : المصالحة يجب ان تستجيب لعدد من الشروط فى الوقت الحالى ، منها انسحاب الحوثيين من كل المناطق التى قاموا باحتلالها ، وكذلك انسحابهم من المقار الحكومية وتسليم كل الأًسلحة والقبول بالحوار. فلابد اولا ان يقبل الحوثيون بهذه الشروط وينفذوها ، ولا خيار آخر غير ذلك لإجراء المصالحة. ما هو موقف السودان من الفرقاء الليبيين؟ الرئيس البشير :الوضع فى ليبيا متأزم، وأى صراع داخلها سيترك فراغات، والمعروف ان الصراع يضعف السطة، وهذا يعنى عدم السيطرة على بعض المواقع، ومن ثم تحدث فراغات بسبب خوف الجماعات من بعضها البعض. ونحن يمكن أن نقيم ليبيا من خلال ثلاثة أمور، فقبل قيام الثورة ضد معمر القذافى كما نحن فى السودان اكثر جهة متأزمة من الوضع، لان القذافى قدم كل الدعم والتمويل والسلاح لحركات التمرد فى السودان، سواء فى الجنوب او دارفور او النيل الأزرق - كردفان - فالاسلحة كانت تأتى بنسبة 100% من القذافى ، الذى كان لديه ميزانية مفتوحة لكل من يحمل السلاح ضد الخرطوم، وكان الرئيس الليبى الراحل، اكبر تهديد حقيقى لنا ، والذى نقول عنه »حرب حقيقية« كانت نتائجها انفصال الجنوب، وكان السعى ايضا لفصل دارفور وتقسيم السودان. كل هذا كان وراءه القذافي، وحينما قامت الثورة ضده فى ليبيا، عملنا على دعم الثوار هناك ، الذين لم يكونوا تحت قيادة واحدة، فالكل تحرك فى منطقته، سواء فى الكفر او بنغازى او مصراته او الزنتان، او سبهه. ولم تجمع بينهم قيادة موحدة، ونحن تواصلنا معهم جميعاً ، ومن ثم قدمنا الدعم لهم والحقيقة نحن وجدنا انه فى ازالة نظام القذافى عملية لتأمين السودان، وبالتالى كانت لنا علاقات مع كل مكونات الثوار بعد التغيير الذى حدث هناك، والذى هو قطعا مختلف عما حدث فى تونس ومصر واليمن. لان فى ليبيا حدث بالقوة، وكان لدى هذه الجماعات بعد سقوط القذافى قناعات، بأنها هى صاحبة الحق فى حكم ليبيا، لانها التى أسقطت القذافي. ونحن من جهتنا ، رأينا ضرورة جمع هذه المجموعات الثورية ودمجها فى اجهزة الدولة، لان بقاءها بهذه الصورة يشكل تهديداً. وقد اجتهدنا مع الأخوة فى ليبيا والسلطة، للمساهمة فى بناء جيش وطني، وبالتالى فتحنا الكليات العسكرية والمدارس والمعاهد للأخوة الليبيين، وبالفعل جاءت اعداد كبيرة جدا من جانب الحكومة ، وحتى الآن يوجد منهم المئات فى السودان. وقد تكفلنا بالوفاء بكل احتياجات الجيش الليبي، على الرغم من وجود حظر تسليح عليه، وقدمنا الطائرات والأسلحة والذخائر وخلافه، ووقعنا على اتفاقيات مشتركة، مع رئيس الوزراء الحالى عبد الله الثنى حينما كان وزيراً للدفاع الليبي. والآن.. نستطيع تقسيم المجموعات الى ثلاث، وهم «فجر ليبيا» وهى فى الأساس من الثوار الذين اسقطوا القذافى ، ومجموعة ثانية موجودة فى طبرق وهم ايضا من الثوار، ولكن الخطورة تكمن فى المجموعة الثالثة ، وهى التى تتبنى الأفكار المتطرفة مثل «داعش» و» أنصار الشريعة» . وظهرت تلك المجموعات المتطرفة بسبب الصراع بين المجموعتين الأولى والثانية ، والذى ترك فراغاً أتاح ظهور هذه الجماعات المتطرفة، ويتسق موقفنا مع الحل السلمى داخل ليبيا وعدم الذهاب للحل العسكري، نظراً لحمل هذه الجماعات السلام، فضلا عن وجود قبائل وراءهم. لذا فالوضع فى ليبيا، لن يحسم بالقتال، واستمراره يعنى استمرار وجود ارضية صالحة لوجود هذه الجماعات الإرهابية الحقيقية التى نخشى منها. هل تتفقون مع الطرح الذى يقول ان ما يحدث الآن فى سوريا هو محاربة للارهاب من جانب نظام الأسد فى مواجهة تنظيم داعش الإرهابى هناك ؟ الرئيس البشير : هذه اشكالية، فحينما تطور الصراع فى سوريا ظهرت داعش، فالمعروف ان الصراع كان من قبل بين مجموعات سورية مثل الجيش الحر هناك، الذى لم يكن تحت قيادة موحدة او تجمعه أيدولوجية واحدة، ولكن ما يجمعهم هو إسقاط نظام بشار الأسد، ويرونه نظاما يمارس الظلم والبطش ولديه الكثير من السلبيات تجاههم مما جعلهم يقاتلون النظام ، وعدم وجود قيادة عسكرية موحدة فى حمص وإدلب وحما جعل الأرض ممهدة لدخول «داعش» ، فأنا دائما أقول إن اطالة الصراع واضعاف السلطة المركزية هو الطريق لدخول الجماعات الإرهابية. فداعش وبقية الجماعات المعارضة جميعها الآن تقاتل النظام السوري، وهذه هى المعادلة ، والسودان اكد منذ البداية انه مع الحوار السلمى فى سوريا وعدم الحسم العسكرى ، لان افضل وضع لأعدائنا هو استمرار القتال داخل الدول العربية . وبالتالى يعمل هؤلاء على استمراره من خلال «التوازن العسكري»، فلن يسمح هؤلاء للنظام السورى بالتفوق لسحق المعارضة. وكذلك لن يسمح اعداؤنا بامتلاك المعارضة المزيد من القوة العسكرية حتى تجتاح دمشق وتستلم السلطة هناك. والحقيقة انهم اذا رأوا ان النظام السورى ضعف، فسيغضون الطرف عن الدعم القادم للحكومة، وإذا رأوا ان المعارضة ضعفت، سيوفرون الدعم لهم ، حتى يستمر الصراع والقتل والتدمير، وإذا كانت اسرائيل هى التى اقتحمت سوريا لما فعلت هذا التدمير والتشريد هناك . هل يعنى اتهام السلطة الشرعية باليمن صراحة لإيران بأنها وراء الدعم العسكرى للحوثيين وكذلك للنظام السورى بانه يحاول تجنيد مرتزقة للقتال هناك.. بأننا أمام حرب مذهبية ؟ الرئيس البشير : نحن لا نقول الصراع طائفيا، ايران اعلنت تأييدها للحوثيين فى اليمن، لكن الحلف الحقيقى الموجود على الأرض هو ما بين الحوثيين والرئيس السابق على عبدالله صالح، قد يكون هناك دعم خارجى لكن ليس لدينا معلومات بأن هناك مقاتلين ايرانيين او سوريين موجودين على الارض فى اليمن. بالنسبة للعلاقات مع جنوب السودان. اولا : كيف تصفون هذه العلاقات حاليا؟.. وكيف تقيمون ما تردد عن وجود غضب من قبل الجنوبيين وسلفاكير لاستبعاد جنوب السودان من الاتفاقية ؟ الرئيس البشير : بعد اتفاقية السلام عام 2005 التزمنا بالجانب الخاص بنا، والذى كان الهدف منه بناء الثقة بين الطرفين، فالحرب التى بدأت عام 1955 فى جنوب السودان خلقت عدم الثقة والكراهية، فى الوقت الذى عملنا فيه على اعادة بناء الثقة بين الطرفين ، فهدفنا فى النهاية كان الوحدة. وبكل أسف ، اختار المواطن الجنوبى الانفصال، وبقيت قضايا عالقة لم تحل ، وتم الاتفاق عليها فى العام 2013 . وفى جنوب السودان ، يترددون الآن فى تنفيذ ما عليهم ، وهذا خلق نوعا من عدم الرضا او التوتر بين الطرفين؛ والاتفاقية التى تم التوقيع عليها مؤخرا تخص حوض النيل الشرقي.. والجنوب ليس طرفا فى هذا الحوض، إنما طرف فى الحوض الجنوبي. كيف يمكن ان تشرح الوضع فى السودان حاليا مع اقتراب اجراء الانتخابات الرئاسية فى ابريل المقبل ؟ الرئيس البشير : الوضع فى السودان مطمئن جدا.