أتمني ألا يغيب عن كل القوي الفلسطينية أن الأوضاع العربية الراهنة تمر بحالة من السيولة لم تعرفها المنطقة منذ زمن بعيد ومن ثم يجب عليهم إعادة حساباتهم من جديد. ووضع مسألة ترتيب البيت الفلسطيني علي قواعد الوحدة الوطنية كأولوية مطلقة علي سائر القضايا الأخري حتي لا تتمكن إسرائيل من استعراض قوتها تحت ذريعة حق الرد علي إطلاق بعض الصواريخ من قطاع غزة صوب المستوطنات الإسرائيلية. إن جميع الفصائل الفلسطينية- دون استثناء- مطالبة في هذه المرحلة الدقيقة بأن تنتصر للحوار والتنسيق وأن تخاصم التنابذ والشقاق لكي تتوافر القدرة علي صياغة موقف فلسطيني موحد يؤدي لتفويت الفرصة علي نيات العدوان الإسرائيلية. لعلي أكون أكثر وضوحا وأقول: إن هذه هي اللحظة الفاصلة التي يتحتم فيها علي كل شركاء النضال الفلسطيني أن يرتفعوا فوق أي حساسيات أو حسابات أو أنانيات شخصية وحزبية, فالمطلوب هو مناخ راسخ يفتح المجال أمام وحدة القرار الفلسطيني بمشاركة كل القوي الفلسطينية لأن ذلك هو الذي سيمنح القرار الفلسطيني كل عوامل القوة والقدرة علي احتواء وإفشال أي مخططات عدوانية تمهد لتصفية القضية الفلسطينية! ولست أظن أنه يمكن أن يغيب عن ذهن وفطنة عقلاء الفلسطينيين أن الظرف دقيق وأن المرحلة بالغة الحرج وأن إسرائيل تسعي لاغتنام الأجواء الإقليمية المضطربة من أجل تمرير تسوية مجحفة علي المقاس الإسرائيلي اعتمادا علي بعض ملامح الغشامة في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة من ناحية وبالقدرة علي توظيف واستثمار أي خلافات في الساحة الفلسطينية من ناحية أخري! ومن يقرأ تاريخ التعامل الإسرائيلي مع الملف الفلسطيني سوف يدرك أن أحد البنود الثابتة في استراتيجية إسرائيل هو السعي الدائم لاستغلال التناقضات الفلسطينية والعمل علي تعميقها بخطوات وإجراءات علي الأرض تبدو في ظاهرها وكأنها رد فعل علي عمليات فلسطينية بينما هي في جوهرها تستهدف تحريض طرف ضد طرف وتقوية طرف ضد طرف تحت مظلة من جدل عقيم لا يقتصر علي التشكيك في النيات والمقاصد, وإنما يمتد إلي التجريح ونعت البعض لبعضهم بتهم العمالة والخيانة والتآمر! إن دقة المرحلة تتطلب أن يكون القرار الفلسطيني معبرا عن الجميع ومستندا إلي إرادة وعزيمة الجميع بعيدا عن تأثيرات وضغوطات مقرات الإقامة الجديدة للقيادات الفلسطينية. خير الكلام: إذا كان الفشل ليس مبرر لليأس فإن النجاح لا يبرر الغرور! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله