أكد سامح شكرى وزير الخارجية، أن اتفاق إعلان المبادئ مع السودان واثيوبيا حول سد للنهضة يضمن حق مصر فى مياه النيل، وأن يعيش الشعب المصرى بدون قلق، كما يضمن حق اثيوبيا وشعبها فى تحقيق التقدم والتنمية، ونفى وزير الخارجية، بشكل قاطع تقديم تنازلات على بنود مشروع الاتفاق الذى وافقت عليه بالإجماع اللجنة العليا للمياه برئاسة المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، والتى تضم ممثلين عن كل الوزارات والأجهزة السيادية المعنية والتى عملت معا بشكل جماعى راعى المصالح العليا للوطن. جاء ذلك فى لقاء لشكري، مع محمد عبد الهادى علام رئيس تحرير "الأهرام" وياسر رزق رئيس مجلس إدارة وتحرير الأخبار، وفهمى عنبة رئيس تحرير الجمهورية، وعلاء حيدر رئيس مجلس إدارة وتحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط. وقال شكري، إن الرئيس عبد الفتاح السيسى كان واضحا فى الرسالة التى تضمنتها كلمته بعد التوقيع على الاتفاق، حينما أكد أن مصر دولة صحراوية ولا يوجد لديها مصدر مياه سوى نهر النيل، لذلك لا يمكن التفريط فى حقوقنا المائية لأنها مسألة حياة أو موت بالنسبة للشعب المصري. وأضاف أن الاتفاق التاريخى جاء بعد سنوات من جمود واضطراب فى العلاقات، أدى إلى تكوين رصيد ضخم من عدم الثقة والشك، حتى وصل القلق الى الشعبين، متسائلا: فهل كنا نقف مكتوفى الأيدي؟، أو ندفن رءوسنا فى الرمال كالنعام؟، خاصة بعد أن بدأت إثيوبيا بالفعل فى إنشاء السد منذ أربع سنوات، أم كان علينا أن نتحرك للحفاظ على حقوقنا ومراعاة مصلحة الآخرين؟، والأهم الحفاظ على العلاقات التاريخية الوطيدة مع دول النيل والجوار، وأن نعمل مع الأشقاء للوصول إلى أول اتفاق ثلاثى على النيل الشرقى والأول مع إثيوبيا بخصوص سد النهضة. وأوضح شكري، أن الاتفاق يعد بمثابة خارطة طريق للتحرك فى المستقبل، ويضع الأسس التى تدعم الحقوق المصرية، ويبنى الثقة فى إطار سياسى وقانونى وفنى بقدر المسطاع، خاصة أن نصف هذا الاتفاق سبق طرحه على أثيوبيا منذ سنوات ورفضته من البداية، ولكن جاء اللقاء الأول فى مالابى بين الرئيس السيسى ورئيس وزراء أثيوبيا ميريام ديسالين ليذيب الجليد، ثم تعددت اللقاءات بينهما وكذلك بين وزيرى الخارجية وبين اللجان الفنية ووزراء الرى والموارد المائية فى الدول الثلاث. وتابع شكرى أن كل ذلك أدى إلى تقارب وجهات النظر والعمل كشركاء، بدلا من أن كل طرف كان ينتظر الفخ الذى يعده له الطرف الآخر، وبالطبع لا نقول: إننا أزلنا كل الرواسب ولكنها الخطوة الأولى لإنهاء موضوع ملتهب بين الشعبين، فالإثيوبى ينظر على أنها مسألة سيادة وحق، والمصرى يرى بناء السد خطرا على حياته. وأشار شكرى إلى أن هناك مصالح مشتركة وتاريخ من العلاقات الأزلية، مما جعل هناك رغبة إثيوبية فى العمل مع شريك جدير بأن يتعامل باحترام وندية، وقادر على أن يحقق مصالحه دون الاعتداء على حقوق الغير، قائلا: لذلك أكرر انه لم يحدث أى تنازل عن النص الذى تم الاتفاق عليه فى بداية شهر مارس بالخرطوم فى آخر جولة، وهو ما درسته بعناية اللجنة العليا للمياه فى اجتماع مطول استمر خمس ساعات فى اليوم التالى مباشرة لانتهاء مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، وطرحت خلاله كل الآراء وتمت الموافقة بالإجماع حرصاً على تحقيق المصلحة القومية، لأنه فى أى عمل تفاوضى يحاول كل طرف ان يحقق طموحاته ويحصل على مزايا ويطرح رؤيته، ثم يأتى الاتفاق متوازنا مع ما هو موجود على أرض الواقع. وأكد وزير الخارجية، أن الاتفاق ينصب على منشأ سد النهضة، ولا علاقة له بالاتفاقية الإطارية لمياه النيل (عنتيبي)، إلا أن دول حوض النيل أبدت رغبتها فى ضرورة فتح هذا الملف وإزالة ما يعكر صفو العلاقات. وكشف عن أهم ما جاء فى الاتفاقية وهو وضع جدول زمنى للتوصل إلى اتفاق نهائى حول ثلاث قضايا تفصيلية فنية مهمة الأولى تخص قواعد الملء الأول للسد والثانية تحدد قواعد التشغيل السنوي، أما الثالثة تضع آلية لضمان استمرارية التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث بعد الانتهاء من بناء السد، مشيرا إلى أن الانتهاء من هذه الاتفاقيات يجب أن يكون خلال 15 شهرا تبدأ قريبا بعد اختيار الشركة التى ستقوم بعمل الدراسات، والتى يجب اختيارها على أعلى مستوى من الكفاءة والمهنية والقدرة على إنهاء الدراسات خلال 12 شهرا، على أن تكون الأشهر الثلاثة المتبقية للانتهاء من الاتفاقيات التفصيلية بمعرفة الدول الثلاث. واعترف شكري، بأن المسار الفنى لا يتضمن التزاما قاطعا باحترام إثيوبيا للدراسات، ولكن فى ظل وجود الإرادة السياسية لتنفيذ الاتفاقية، ومع استمرار التعاون لبناء الثقة والعمل كشركاء فى التنمية ووجود المصالح المشتركة، كل ذلك يضمن الالتزام خاصة فى تأكيد رئيس وزراء اثيوبيا أن الغرض من بناء سد النهضة هو توليد الكهرباء وليس تخزين المياه. وأكد أن المبادئ العشرة هى مبادئ كاشفة فى القانون الدولى بشأن الأنهار الدولية، ولذلك فتوقيع قادة الدول الثلاث عليها أمام العالم ثم تصديق برلمانات مصر والسودان وإثيوبيا على الاتفاقية هو أكبر ضمان للتنفيذ. ونوه إلى أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لإثيوبيا عقب التوقيع وحرصه على مخاطبة الشعب الإثيوبى من خلال برلمانه لها مدلول يوضح أن مصر تقف بجوار هذا الشعب الشقيق لتحقيق التنمية وراغبة فى استمرار العلاقات الأزلية التى تربط بين الشعبين. وقال شكرى - فى ختام اللقاء : إن الوصول إلى الاتفاقيات النهائية الفنية الثلاث يحتاج الى مجهود مضن، وإنه شخصيا «راض وضميره مستريح» لأن مصر لم تقدم تنازلات وهذه الاتفاقية فى مصلحة المواطن وتنزع أهم المشاكل التى تؤرقه ونأمل فى أن تكون بداية للتعاون مع كل دول حوض النيل ذلك النهر الذى يمثل شريان الحياة للشعوب التى يجرى على أراضيها.