نشر ملحق الجمعة فى جريدة الأهرام عدد 20 فبراير الماضى ، موضوعا متميزا بعنوان « حقوق المستهلك فى مكتبة الإسكندرية « يكشف فيه بالصور أخطاء كثيرة فى « موقع ذاكرة مصر المعاصرة « التابع للمكتبة . وقد جدد هذا الموضوع المواجع على ما حدث فى هذه المؤسسة الثقافية الكبيرة . كنت قد تناولت بعضا مما حدث بالمستندات فى سلسلة مقالاتى المنشورة لعدة أشهر فى عام 2011 بجريدة الأخبار ، والتى تم وقفها بالأمر حماية لمن تجب محاسبتهم، وهم ما يزالون فى أماكنهم حتى اللحظة .فى البداية يهمنى توضيح : أن هناك حساسية عند إدارة المكتبة وعند آخرين من توجيه النقد ، والنقد هنا لا يوجه للمكتبة وإنما للإدارة ، فالمكتبة فى حد ذاتها صماء ، وإنما الفعل للإدارة كالحال فى أى مؤسسة من المؤسسات . وبالتالى فلا يجوز الرد على أى نقد بأنه محاولة لهدم المكتبة . بل على العكس المؤسسة تقوى بإدارة صالحة ونزيهة وتهدم بعكسها . ويجب أن تكون المصلحة العامة فوق الأشخاص مهما بلغ من شأنهم . كما أن على كل مصرى أن يحرص على أن تكون المكتبة صرحا ثقافيا عالميا نزيها ومشرفا يفتخر به . واقع الأمر أن ما أشار إليه موضوع « حقوق المستهلك « يبدو وكأنه سياسة عامة فى المكتبة وليست فى موقع ذاكرة مصر فقط . ففى مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى التابع للمكتبة أخذوا المادة العلمية والرسومات الهندسية والصور الواردة فى كتاب « القاهرة الخديوية « للدكتورة سهير حواس أستاذ العمارة بكلية الهندسة جامعة القاهرة وضموها إلى المركز دون استئذان مؤلفة الكتاب ودون الإشارة إلى اسم الكتاب نفسه كمرجع وبالطبع دون الإشارة إلى اسم مؤلفته . وهو كتاب مرجعى فريد فى عمارة منطقة القاهرة الخديوية بذلت فيه مؤلفته سنوات من عمرها فى دراسة عمارة المنطقة ورفع مبانيها المتميزة هندسيا وتصويرها . والمدهش أن وزير الثقافة السابق عين مؤسس هذا المركز ومديره السابق بعد خروجه على المعاش عضوا فى لجنة العمارة بالمجلس الأعلى للثقافة بشخصه ، وهو ليس مهندسا معماريا ! منذ سنوات قليلة ألقى مدير المكتبة محاضرة فيها باللغة العربية عنوانها « العلاقة بين مؤسسات الحكم الأمريكية « مستعينا كالعادة بعرض معد على جهاز كمبيوتر محمول . كانت الشرائح باللغة الإنجليزية ، وقد اكتشف أحد أصدقائى السكندريين أن هذه الشرائح مأخوذة من الانترنت لعدد من الساسة والكتاب الأمريكيين والأوروبيين ولم يتم الإشارة إلى أى منهم أو مصدر هذه المعلومات أو الشرائح. ومما أدهشنى فى الأسبوع الماضى فقط أن مكتبة الإسكندرية نظمت « بطولة الإسكندرية الدولية لكرة القدم للصحفيين والإعلاميين « لمدة خمسة أيام ، وأن شركات إعلانات وإنتاج إعلامى ترعى فرقا من الصحفيين والإعلاميين المشاركين فى هذه المسابقة !! وهذا أمر من الصعب فهمه . فما علاقة مكتبة ، وبخاصة فى ثقل مكتبة الإسكندرية ، بكرة القدم ومسابقاتها ؟ وكيف تنفق المكتبة أموالها فيما لا علاقة لها به ؟ ومن يحاسب إدارة المكتبة على ما تفعله وهى ما تزال تابعة لرئاسة الجمهورية ؟ المبرر المفهوم هنا هو اهتمام إدارة المكتبة الزائد بالإعلام . هناك آلة إعلامية ضخمة تعمل فى مكتبة الإسكندرية تعمل على تلميع مسئوليها وتدافع عنهم . وها هى إدارة المكتبة وقد ابتكرت وسيلة أخرى لجذب الصحفيين إليها ، ليس المصريون فقط ، وإنما من دول عربية وأوربية أيضا ، وهى وسيلة مضمونة لأنها الأكثر شعبية وهى لعبة كرة القدم . وجاء فى نشرة صحفية صادرة عن المكتبة أن هدف هذه البطولة « تشجيع السياحة فى مصر « . أى أن إدارة المكتبة وجدت لديها من فائض من الوقت والمال ما تنفقه على كرة القدم لتشجيع السياحة !! طيب ماذا تفعل المؤسسات الرياضية والسياحية ووزارتى الشباب والرياضة والسياحة فى مصر ؟ تشجع الثقافة والقراءة ؟؟ ذكرتنى هذه المسابقة « المفتكسة» بشركتين أسستهما إدارة المكتبة من قبل باسم « الكسندرينا « للتجارة والاستيراد والتصدير والمقاولات وغيرها !! ولا أعرف ماذا فعلت بهما بعد ثورة يناير المجهضة ؟؟ وأرجو أن يجد الرأى العام إجابة على هذا السؤال . واقع الأمر أن ما فى مكتبة الإسكندرية أخطر مما ورد فى موقع ذاكرة مصر ، وأخطر من هذه الأمثلة على أسلوب العمل فى المكتبة والمراكز التابعة لها . إذ أن هناك وقائع فساد فى المكتبة لم يتم البت فيها قضائيا حتى الآن وعلى الرغم مما مر بمصر من أحداث تاريخية فى يناير 2011 ويونيو 2013 . وقد نشرت بعضا من هذه الوقائع المثبتة بالمستندات من قبل وطالبت بالتحقيق فيها ، كما طالبت رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات وقتها بإحالة هذه الوقائع المستندة إلى تقارير جهازه إلى النيابة العامة ولم يفعل . ومع ذلك تم رفع قضايا ضد مدير المكتبة ما تزال منظورة أمام المحاكم فى الإسكندرية منذ 2011 وحتى الآن !! وقد لفت نظرى فى أخبار الأسبوع الماضى أن نادى قضاة الإسكندرية كرم الدكتور إسماعيل سراج الدين ووقع معه بروتوكول تعاون بين المكتبة ونادى قضاة الإسكندرية « لدعم الاتصال الثقافى المباشر بينهما فى كافة المجالات الثقافية المتنوعة « كما جاء فى نشرة إعلامية صادرة عن إدارة المكتبة . ومع التقدير والاحترام الواجبين لقضاة مصر وقضائها هل يجوز التساؤل عن مدى ملاءمة تكريم قضاة لشخص ، أيا كان، له قضية منظورة أمام محاكم المدينة نفسها التى يكرم من قضاتها ؟؟