بدأت صباح أول أمس الأحد 15 مارس فعاليات الملتقى الدولي السادس للإبداع الروائي العربي تحت عنوان «تحولات وجماليات الشكل الروائي- دورة فتحي غانم» ، بالمسرح الصغير بدار الأوبرا. وتتواصل الفعاليات عقب الافتتاح على مدار أربعة أيام بمقر المجلس الأعلى للثقافة حتى 18يوم مارس. ويصاحب الملتقى معرض للكتاب «مع خصم 50% على إصدارات المجلس» منذ اليوم الأول. و قد أعلن الدكتور/ محمد عفيفي أمين عام المجلس الأعلى للثقافة مضاعفة القيمة المادية للجائزة التي تمنح في نهاية فعاليات الملتقى لتصل إلى مائتي ألف جنيه لأول مرة منذ انعقاد الملتقى منذ عام 1998. وقررت اللجنة المعدة للملتقى أن تهدى أعمال الدورة الحالية إلى اسم الكاتب الراحل / فتحي غانم تقديرا لما قدمه من أعمال روائية أثرت الحياة الأدبية. فى البداية توجه الناقد صلاح فضل إلى الحاضرين بكلمة اللجنة العلمية للملتقى، مؤكدا أن هذه الدورة تدعو الجميع لإقامة خارطة طريق في الإبداع والأدب ،مضيفا أن المثقفين المصريين قاموا بدور بارز ليستردوا مصر مرة أخرى ممن استولوا عليها (في إشارة إلى حكم جماعة الإخوان المسلمين الذي انتهى في الثالث من يوليو 2013). وألقى كلمة الروائيين والنقاد العرب الكاتب المغربي الدكتور محمد برادة، فقال إن « الرواية العربية تظل مشدودة دائما إلى الحاضر، فرغم بحث الكاتب زمنيا في الماضي والتاريخ، فإنه يبحث زمنيا عما يفسر الحاضر»، مضيفا أن «الحاضر العربي الدموي يأبى إلا أن يفرض نفسه على الرواية العربية». والملتقى الدولي للإبداع الروائي العربي واحدً من الملتقيات العلمية المتخصصة في مجال الرواية العربية، على مستوى الوطن العربي، وقد عقدت أخر دورة له عام 2010 تحت عنوان« الرواية العربية إلى أين؟» و يدور الملتقى هذا العام حول عشرة محاور هي : (الرواية وحدود النوع ،اللغة في الرواية ،تطور التقنيات الروائية، الفانتازيا والغرائبية ،الرواية والتراث، الرواية والفنون ،شعرية السرد ،القمع والحرية ، تقنيات الشكل الروائي ، الرواية ووسائط التواصل الحديثة) بالإضافة إلى خمس موائد مستديرة تتناول كل واحدة منها قضية من القضايا الإشكالية، وهي: (الرواية والخصوصية الثقافية ، الرواية الرائجة،الظواهر الجديدة في الرواية العربية ، الرواية والدراما، جماليات الواقع الفانتازي) بمشاركة مائتين وخمسين ناقدًا وروائيًا ممثلين لعديد من الدول. ومنهم : حياة الرايس / شكري المبخوت ، من تونس بنسالم حميش / محمد برادة من المغرب بشير مفتي/ سمير قسيمي من الجزائر ، حمور زيادة/ امير تاج السرمن السودان عبده خال/ يحيي إمقاسم/ إبراهيم الخضير من السعودية سعود السنعوسي/ فاطمة يوسف العلي / ليلى العثمان من الكويت سليمان المعمري من سلطنة عمان- محمد شاهين. من الأردن غسان نجم عبدالله من العراق عباس بيضون/ عبده وازن من لبنان أحمد مرزوق زين ، بالإضافة إلى عدد كبير من الروائيين والنقاد المصريين. ثم بدأت فعاليات الملتقى بجلسته الأولى التي أدارها الدكتور صلاح فضل تحت عنوان «صعوبة الارتباط بين التحولات الشكلية و الجمالية للرواية» . فقدم إبراهيم فتحي بحثه حول «تطور التقنيات الروائية في مصر» متحدثا عن الرواية كنوع أدبي حديث نشأ مع الطبقة البرجوازية ومعياره الإخلاص للذات الفردية بدلا من التقليد الجمعي. و هي تحتفي بالراهن و الجزئي. و في الستينيات أعيد النظر في التقنيات وكثر وصف الواقعية بالتقليدية ورأى الروائي الواقع بعينه لا بعيني الإيديولوجية الرسمية. و قد ظلت الرواية المصرية متنفسا لتقنيات متعددة حتى الرومانسية عند إحسان عبد القدوس و يوسف السباعي.وفي التسعينيات اعتبر التاريخ قائما على أوهام الذاكرة و الوجود متاهة عند مصطفى ذكري ومنتصر القفاش.أما فى العقدين الأول والثاني من القرن الحادي والعشرين انصهرت الرؤية و التقنية على نحو مغاير. ثم عرض دكتور لطيف زيتوني بحثا بعنوان« أطراف السرد والفوضى الخلاقة» موضحا أن هناك طرفين لا خلاف على تسميتهما :الراوي و المروي له. ولا فرق في ذلك إن كان المروي له هو عين الراوي ( كأن يتصدع الراوي إلى نصفين) أو مستمعا آخر. فبعد إرهاصات كثيرة امتدت لسنوات تمكن جيرار جينيت من تنظيم هذه الأفكار في سلسلة تمتد من المؤلف إلى الراوي إلى النص إلى المروي له إلى القارئ. وهناك من أدخل مصطلح القارئ الضمني ليعبر عن الصورة التي يرسمها الكاتب لقارئ نصه خلال التأليف مثل لفغانغ أيرز. و أخرين مثل آن بنفيلد الذي أنكر وجود الراوي في السرد و جوزيه ساراماغو الذي أعلن أنه أمضى حياته وهو ينادي بأن الراوي لا وجود له. ثم تحدث محمد برادة عن العلاقة الإشكالية بين الشكل و الدلالة في الرواية مؤكدا أن هذه العلاقة تلعب دورا مهما في تعميق الكتابة. ويمكن افتراض أن من حق الروائي أن يختار أي تركيب فني من دون أن يكون له وعي بخلفية تاريخ الشكل و التركيبات الفنية الملائمة له. من هنا نجد أن تحولات الشكل الروائي في التراث الأوروبي و العالمي على امتداد أربعة قرون، خضعت لهذه العلاقة الجدلية و تأثيرها في وعي الروائيين و النقاد. و ينبئنا تاريخ الرواية الفرنسية أن تحولها عن المسار الكلاسيكي التقليدي اقترن بتجربة فلوبير ثم من جاءوا من بعده في مطلع القرن العشرين. و هو منطلق يعيد النظر في الشكل المُحاكى و في تقنيات السرد المنتظم و الموضوعية المزعومة. و بالنسبة لمسار الرواية العربية الحديثة نلاحظ أن تحولات الشكل و التقنيات الفنية لم يكن مصحوبا بجهود موازية في التنظير الروائي و مُساءلة التراث الروائي العالمي و العربي. بعبارة ثانية غالبا ما كانت تحولات الرواية العربية و انتقالاتها الشكلية خاضعة للتأثر باتجاهات و تحولات الرواية العالمية دون أن يكون الروائي العربي واعيا لخلفياتها الفلسفية.. ثم اختتمت الجلسة ببحث للدكتورة منى طلبة بعنوان»إعادة بناء التراث:قراءة في روايات معاصرة». يقوم البحث على أساس أن كل استدعاء للتراث في العمل الفني هو بالضرورة اقتطاع للقديم من سياقه الذي ورد فيه, هذا السياق الذي لا يستطيع كاتبه الأصلي التحكم فيه وفي معناه أصلا و إيراد المكتوب القديم في سياق مخالف يعتمد على نوع من القراءة الخاصة بالروائي المعاصر للنص القديم وفق الشروط التداولية لعصره أي وفقا للواقع الاجتماعي و الحالة النفسية و الثقافية.....إلخ. وهذا ما تحقق بامتياز في روايتي:«شوق الدراويش» ل حمور زيادة، و «رحلة الضباع» ل سهير المصادفة.