أسعدتنا البوادر الايجابية لنجاح المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ، لكن ما نخشاه ألا يعنى ذلك وصولنا إلى الطفرة الاقتصادية التى نحلم بها، بسبب سلبيات وأخطاء تطحننا، وتسرق دخلنا القومى، ويكفى أن نعطى مثالا بالإهمال والفساد، وهما يستنزفان ثروتنا بشراهة، والفساد يتمثل فى سيطرة حفنة من المحظوظين على مساحات شاسعة من أراضى مصر، ليضيع ثمنها الذى يقدر بمئات المليارات على خزينة الدولة. أما الإهمال فمن أمثلته الحريق المروع الذى تعرض له مركز القاهرة للمؤتمرات بمدينة نصر، فى وضح النهار، وقدرت خسائره ب 200 مليون جنيه، وفى تقديرات أخرى 300 مليون, وللأسف هذه الفاتورة الباهظة ستدفعها مصر من مواردها المحدودة، المأساة أن تحقيقات النيابة أثبتت أن الحريق سببه ماس كهربائى، حيث كشف بعض العاملين بالمبنى أنهم أبلغوا المسئولين بوجود عطل فى أجهزة الإنذار ضد الحريق، ولكنهم لم يستجيبوا لسرعة إصلاحها, وبعد أن دمرت النيران كل شىء، هرع لمكان الحادث وزير الاستثمار ووزير الصناعة ومحافظ القاهرة ومدير أمن القاهرة، وكان أصغر مسئول فى هؤلاء كفيلا بمنع اندلاع الحريق، إذا أمر بإصلاح أجهزة الإنذار فى الوقت المناسب، ولكنه الإهمال الذى نجعله دائما سيد الموقف، المدهش أكثر من الحريق نفسه ما أعلنته مصادر مسئولة من أن مركز المؤتمرات سيعود لممارسة نشاطه خلال أيام، بعد إعادته إلى حالته الأولى, وكأن تكلفة الإصلاح 200 جنيه فقط. ليتنا نتدبر كم نخسر من مواردنا وثرواتنا بسبب الإهمال والفساد، لأنه لا أمل لنا فى جنى ثمار أى إنجاز اقتصادى واستثمارى دون علاج عيوبنا التى تستفحل وتتضخم، إن مؤتمر شرم الشيخ وحده لنا يكون هو قارب النجاة لاقتصاد مصر، إذا ظل الإهمال والفساد بمنزلة ثقب الأوزون الذى ينقل لنا الأشعة الضارة، يجب القضاء على هذه الأمراض أولا، ودون هذا الإجراء الوقائى لإصلاح مسيرة مصر لن ينقذنا ولا ألف شرم الشيخ. لمزيد من مقالات د.عبد الغفار رشدى